مرض الذئبة الحمراء عند الأطفال لا يختلف عنه فى الكبار من حيث الأسباب و الأعراض الإكلينيكية و نتائج التحاليل المعملية.
و على الرغم من ذلك فإن علاج مرض الذئبة الحمراء عند الأطفال يختلف إختلافا كبيرا عن مرض الذئبة الحمامية فى الكبار نظرا لتأثير المرض و العلاج على النمو الجسدى و الحالة النفسية للطفل المريض.
عمر الإصابة
يؤثر المرض على الفتيات اكثر من الصبيان.
قد يؤثر المرض على الأطفال فى أى عمر و لكنه عادة ما يصيب الأطفال بعد الخامسة من العمر و لاسيما بعد سن العشرة سنوات.
و ينتشر المرض و تزداد شدته فى الجنس الأسيوى و الأفريقى و الأسبانى عنه فى الجنس القوقازى.
اعراض مرض الذئبة الحمراء عند الأطفال
تتنوع أعراض مرض الذئبة الحمراء عند الأطفال كما يلاحظ فى الكبار.
و تتراوح الأعراض من أعراض عامة مثل الحمى و الإعياء إلى الأعراض الحادة التى قد تهدد حياة الطفل.
اعراض مرض الذئبة الحمراء عند الأطفال العامة :
و عادة ما يعانى الأطفال المرضى من الحمى و الشعور بالإعياء و الآم أو تورم المفاصل.
أعراض الجلد و الأغشية المخاطية:
قد يعانى الطفل من قرح الفم أما الطفح الجلدى على الوجنتين (Malar Rash) فلا يوجد إلا فى ثلث الحالات.
الأعراض العصبية:
يشيع الإصابة بالصداع (الشقيقة) و التدهور الدراسى للطفل و الإكتئاب و العزلة و عادة ما تعزى هذه الأعراض لمشاكل فترة المراهقة.
و قد يصاب هؤلاء الأطفال بأعراض عصبية شديدة مثل التشنجات (Convulsions) و السكتة الدماغية (Stroke) و الرقاص العصبى (Chorea) و تأثر الأعصاب الدماغية (Cranial Neuropathy) و إلتهاب المخ (Cerebritis) و الخرف (Dementia) و الغيبوبة (Coma).
و تتواجد الأجسام المضادة للريبوسوم ب، (Antiribosomal P Antibodies) و التى ترتبط بنشاط الأعراض العصبية فى الأطفال أكثر من الكبار.
تاثر الكلى:
تتأثر الكلى بالإلتهاب (Glomerulonephritis) فى ما يقرب من ثلثى الحالات.
و تتراوح الأعراض من خلل بالتحاليل المعملية , مثل وجود كرات الدم الحمراء و البيضاء بعدد أكثر من العدد الطبيعى فى البول , إلى حد حدوث الأعراض الإكلينيكية و التى قد تصل إلى حد الفشل الكلوى الحاد.
تأثر الرئتين:
تتأثر الرئتين فى ما يقرب من 77% من الحالات و عادة ما يصاحب تأثر الرئتين تأثر أجهزة الجسم الأخرى.
و يعتبر إلتهاب و إرتشاح الغشاء البللورى و تقييد وظائف الرئتين (Restrictive Pulmonary Function) أكثر الأعراض شيوعا.
و يعتبر إلتهاب الشعيرات الدموية بالرئة (Pulmonary Capillaritis) و النزيف بحويصلات الرئة (Alveolar Hemorrhage) أكثر هذه الأعراض خطورة و التى قد تودى بحياة الطفل.
خلل خلايا الدم و العرضة لتخثر الدم:
قد يعانى هؤلاء الأطفال العديد من إضطرابات الدم مثل أنيميا تكسير كرات الدم الحمراء (Hemolytic Anemia) و نقص بعدد كرات الدم البيضاء ونقص بعدد الصفائح الدموية.
قد تتواجد الأجسام المضادة للدهون الفسفورية (Antiphospholipid Antibodies) فى هؤلاء الأطفال و قد يصاحب تواجدها حدوث تخثر (تجلط) بالأوعية الدموية.
تأثر القلب:
يعد من الصعوبة إكتشاف تأثير المرض على القلب فى الأطفال حيث أنه غالبا لا يحدث أية أعراض بالرغم من حدوث إلتهاب بالقلب. و تشمل أعراض تأثير المرض على القلب إلتهاب شغاف القلب (الغشاء المحيط بالقلب) (Pericarditis) و إلتهاب عضلة القلب (Myocarditis) و صماماته (Libman-Sacks Endocarditis). و يعتبر هؤلاء الأطفال أكثر عرضه لتصلب الشرايين المبكر (Premature Atherosclerosis) من أقرانهم و الذى قد لا يبدى المريض أية أعراض لتصلب الدم إلا بعد سن البلوغ.
تأثر الجهاز الهضمى:
و قد تتأثر بقية أجهزة الجسم مثل الجهاز الهضمى مسببا إلتهاب الغشاء البرويتونى أو إلتهاب البنكرياس محدثا ألم بالبطن.
تاثر الجهاز الحركي:
يشمل ألم و إلتهاب المفاصل و قد يحدث أيضاً تنخر العظم اللاوعائى (Avascular Necrosis) و الذى قد يحدث إما بسبب المرض أو العلاج بالكورتيزون.
يشيع إصابة هؤلاء الأطفال بهشاشة العظام و قد يعزى ذلك للعلاج بالكورتيزون و تجنب التعرض للشمس ، و الذى قد يسبب نشاط المرض و زيادة شدة الأعراض الجلدية , مما قد يسبب نقص فيتامين د بالجسم.
تشخيص مرض الذئبة الحمراء عند الأطفال
يتم تشخيص مرض الذئبة الحمراء عند الأطفال بنفس طريقة تشخيصه فى الكبار حيث يتطلب التشخيص إستيفاء أربع من الأحد عشر معيار لتشخيص المرض بناءا على معايير الزمالة الأمريكية لأطباء الروماتيزم (American Colleague Of Rheumatology) لتشخيص مرض الذئبة الحمراء و لابد من إستثناء باقى الأسباب التى قد تسبب حدوث نفس الأعراض. و لكن فى حالة عدم إستيفاء الأربع معايير أو عندما يتقدم الأبوين للطبيب بالشكوى من الحمى و نقصان الوزن المستمر و الإعياء لدى طفلهما دون وجود أية أعراض مميزة للمرض لابد من متابعة المريض بصورة دورية حيث أنه قد يتم إستيفاء الأربع معايير و الأعراض و الأجسام المضادة المميزة للمرض مع الوقت و لا يجب فى هذه الحالات طمئنة الأبوين لعدم وجود المرض بطفلهما حيث أن ذلك قد يؤدى إلى تأخر التشخيص رغم سوء حالة الطفل مع الوقت. و قد يصعب التفرقة بين وجود عدوى ميكروبية بالجسم أو جود مرض الذئبة الحمراء النشط حيث أن كلا منهما قد يسبب نفس الأعراض. و تشمل معايير تشخيص المرض تبعا لجمعية الروماتيزم الأمريكية الآتى:
- الطفح الجلدى على الوجنتين.
- تقرحات الفم.
- حساسية الجلد للضوء (Photosensitivity) .
- سقوط الشعر إلى حد الصلع.
- إلتهاب الأغشية المصلية مثل شغاف القلب و الغشاء البللورى للرئتين.
- إلتهاب المفاصل.
- إلتهاب الكلى.
- إلتهاب المخ.
- إلتهاب عضلة القلب.
- نقص عدد كرات الدم البيضاء , الصفائح الدموية أو الأنيميا.
و لابد للطبيب من مراعاة إختلاف المعدل الطبيعى لنتائج التحاليل المعملية فى الأطفال عنه فى الكبار فمثلا الإرتفاع البسيط فى مستوى الكرياتينين بالدم , و الذى يعكس تدهور حالة الكلى , قد لا يسبب أية أعراض فى الكبار بينما يؤثر تأثيرا كبيرا على نمو الأطفال.
علاج مرض الذئبة الحمراء عند الأطفال
لا يختلف علاج مرض الذئبة الحمراء عند الأطفال كثيرا عنه فى الكبار فيما عدا ضرورة مراعاة تأثير المرض و العلاج على كلا من النمو الجسدى و الحالة النفسية للطفل. فمثلا لابد من الإقلال من جرعة الكورتيزون قدر الإمكان. و يتفق جميع الأطباء على ضرورة تعاطى عقار الهيدروكين او البلاكونيل (Plaquenil) فى جميع مرضى الذئبة طالما أنه لا يوجد ما يتعارض مع تناوله حيث أن هذا العقار يقلل من نوبات نشاط المرض و يقلل من معدل حدوث إرتفاع بالدهون بالدم و تصلب الشرايين و تخثر الدم و هشاشة العظام. و لتجنب الأعراض الجانبية لهذا العقار خاصة على البصر لابد من عدم تخطى الجرعة القصوى و هى 7 مجم / كيلو جرام / يوم مع الإلتزام بالفحص الدوري للعين متضمنا فحص قاع العين و مجال الإبصار و إبصار الألوان.
و لابد للطبيب من مراعاة تأثير المرض و العلاج على الحالة النفسية للطفل لاسيما فى فترة المراهقة حيث أن شعور الطفل بأنه مختلف عن أقرانه سواء لكونه مريض أو لكونه مختلف الشكل ، لاسيما بسبب زيادة الوزن ، قصر القامة أو سمنة بالوجه، نتيجة العلاج بالكورتيزون قد يتسبب عدم إلتزام المريض بالعلاج.
أولاً: مرض الذئبة بسيط الشدة:
غالبا ما يعالج هؤلاء الأطفال الذين لا يعانون من تأثر الأعضاء الهامة بالجسم مثل الكلى و القلب و الرئتين و المخ بعقار الهيدروكين و قد تستخدم العقاقير المضادة للإلتهاب الغير إستيرويدية (Non Steroidal Anti-inflammatory Drugs) لعلاج ألم و إلتهاب المفاصل. و قد يستعين الطبيب بعقار الدابسون (Dapsone) فى حالة النشاط الشديد للأعراض الجلدية. و فى حالة الحاجة لإستخدام الكورتيزون , و لو بجرعات صغيرة , لابد من الإستعانة بالعقاقير الأخرى بالعقاقير المثبطة للمناعة ليتمكن الطبيب من الإقلال من جرعة الكورتيزون تدريجيا حتى إيقافه تماما حيث أن تعاطى الكورتيزون و لو بجرعة صغيرة يثبط نمو الطفل و يسبب هشاشة العظام مع الوقت.
و لابد من المتابعة الدورية لهؤلاء الأطفال حيث أن المرض قد تتطور شدته مع الوقت ليشمل الأجهزة الهامة بالجسم.
ثانياً: مرض الذئبة الحمراء متوسط الشدة:
هؤلاء المرضى يعانون من تأثر الأجهزة الهامة بالجسم مثل الكلى و لكن دون وجود خطر على وظائف العضو المصاب أو حياة الطفل. و غالباً ما يعالج هؤلاء المرضى بجرعات كبيرة من الكورتيزون للمساعدة على تثبيط نشاط المرض. و مع تحقيق نشاط المرض يتم إستبدال الكورتيزون تدريجياً بغيره من العقاقير المثبطة للمناعة مثل الإميوران (Imuran) أو السليسيبت (Cellcept) أو الميثوتريكسات (Methotrexate) لتجنب إستخدام الكورتيزون لفترات طويلة.
ثالثاً: مرض الذئبة الحمراء بالغ الشدة:
يعانى هؤلاء الأطفال من تأثر شديد بالأجهزة الهامة بالجسم و الذى قد يؤثر على وظيفة العضو أو يودى بحياة الطفل. و مثال على هذه الحالات بالغة الشدة الأطفال الذين يعانون من إلتهاب بالكلى من الدرجة الرابعة (Class IV) . و غالبا ما يعالج هؤلاء المرضى بجرعات كبيرة من الكورتيزون مع تعاطى عقار الإندوكسان (Endoxan) بالوريد حيث يساعد هذا النوع من العلاج على القضاء على الإلتهاب و تحسين وظائف الكلى و الحفاظ على حياة الطفل. و توجد عدة طرق لإستخدام عقار الإندوكسان و لكن أكثرها إستخداما إعطاءه بصورة شهرية لمدة ستة أشهر ثم كل ثلاثة أشهر لمدة ستة جرعات اخرى. و مع تثبيط نشاط المرض بهذه الطريقة من العلاج يتم التقليل من جرعة الكورتيزون تدريجيا و بعد تعاطى الأثنتى عشرة جرعة من الإندوكسان يتم إستبداله بعقار آخر مثبط للمناعة و لكن أعراضه الجانبيه أقل من حيث الشدة و معدل الحدوث مثل عقارى الإميوران أو الموفتيل. و لحسن الحظ أن تاثير عقار الإندوكسان على الغدد التناسلية (المبايض و الخصى) أقل حدوثا فى الأطفال و المراهقيين عنه فى البالغيين.
فى حالة عدم الإستجابة لعقار الإندوكسان قد يستعين الطبيب بعقار السيلسبت أو السيكلوسبورين (Cyclosporine) . و يتميز هذان العقاران بعدم تأثيرهما على الغدد التناسلية. و من أكثر الأعراض الجانبية لعقار الموفيتيل شيوعا الغثيان و الإسهال. و لابد عند إستخدام عقار السيكلوسبورين متابعة ضغط الدم و تحاليل وظائف الكلى بشكل دورى.
قد يستعان بعقار المابثيرا (Mabthera) فى الحالات التى لا تستجيب للعقاقير التقليدية. و يعطى هذا العقار بالوريد و قد يعطى مصاحبا لعقار الإندوكسان و فى الحالة الأخيرة يقل فترة تعاطى هذه العقاقير نظرا لسرعة التحكم بنشاط المرض.
أما عن زراعة خلايا الدم الجزعية فى الحالات الشديدة فلازال هذا العلاج غير قابل للتطبيق خاصة بسبب إرتفاع معدل الأعراض الجانبية الخطيرة و الوفيات بسبب هذا النوع من العلاج و كذلك بسبب توفر العديد من العقاقير الفعالة.
التنبؤ بالحالة المستقبلية للمريض
مع الإكتشاف المبكر للمرض و العلاج المناسب فقد قل معدل الوفيات و حدوث ضرر دائم بالأجهزة الهامة بالجسم فى هؤلاء الأطفال. و تشمل مؤشرات سوء الحالة المستقبلية للمريض:
♦ عدم الإلتزام بالعلاج لاسيما مع إنخفاض المستوى التعليمى و المعيشى لأسرة الطفل.
♦ تأثر الجهاز العصبى.
♦ إلتهاب الكلى لاسيما بالدرجة الرابعة من المرض.
♦ إصابة المرضى بالعدوى الميكروبية بصورة متكررة.
♦ تأخر تشخيص المرض كما فى الحالات التى يبدأ فيها المرض بالأعراض العامة مثل الحمى و الإعياء و نقصان الوزن و التى لا تميز هذا المرض و غيره.
قد يسلك المرض إحدى ثلاث أنماط إما الخمول طويل المدى ، نشاط المرض بعد خموله بصورة متكررة أو نشاط المرض المستمر.
ملحوظة هامة: لحسن الحظ أن المرضى الذين يعانون من الفشل الكلوى المزمن يمكنهم الإستجابة لعملية زراعة الكلى بشكل جيد مثلهم مثل غيرهم من الأطفال الذين يعانون من الفشل الكلوى المزمن لأسباب اخرى.
المصادر :
Childhood-onset systemic lupus erythematosus: an update”. Current Opinion in Rheumatology. 27 (5): 483–92. doi:10.1097/bor.0000000000000208
“Understanding the Epidemiology and Progression of Systemic Lupus Erythematosus