الفتوق المغبنية Herniated Hernia

الفتوق المغبنية Herniated hernia يُعتبر المغبن منطقة من مناطق الضعف الطبيعية في جدار البطن وهو المكان الأكثر شيوعاً لحدوث الفتوق البطنية، وتصيب الفتوق المغبنية الجنسين من مختلف الأعمار، لكن إصابة الذكور أكثر ب 25 مرة بالمقارنة مع إصابة الإناث بالفتوق المغبنية، كما إنّ الفتوق التي تنشأ فوق العرف الفخذي البطني هي فتوق إربية، وتلك التي تنشأ تحت هذا العرف هي فتوق فخذية، وقد تكون الفتوق الإربية مباشرة أو غير مباشرة.

  • ويمر كيس الفتق الإربي غير المباشر يشكل مائل أو غير مباشر باتجاه الصفن، وعندما يصل إليه يدعى فتق صفني،

بينما ينتأ كيس التفق الإربي المباشر بشكل مباشر وباتجاه أمامي، من المستحيل غالباً التفريق السريري الدقيق بين الفتق الإربي المباشر وغير المباشر، وعلى أي حال ليس هذا التفريق بذي أهمية، حيث أنّ الجراحة مستطبة لإصلاح الحالتين وهي متشابهة، تفوق الفتوق غير المباشرة عند الذكور في عددها الفتوق المباشرة (بنسبة 2 إلى 1) بينما يندر حدوث الفتوق المباشرة عند الإناث، ويمكن للفتوق الإربية غير المباشرة المختنقة عند الذكور أن تؤدي إلى اختناق مرافق في الحبل المنوي والخصية.

  • وتعتبر الفتوق الفخذية في حالة مستقلة عن الفتوق الإربية، لكنها حقيقة، ما هي إلا شكل من أشكال الفتوق الإربية

المباشرة، والفتوق الفخذية غير شائعة، فهي تشكل حوالي 2.5% من مجمل الفتوق المغبنية، وهي تحدث أحياناً عند الإناث، وبشكل خاص عند النساء الكبيرات في السن وعديدات الولادة، لكن ليس بتواتر حدوث الفتوق الإربية، أما عند الرجال فهي نادرة، إن 10% من الإناث و50% من الذكور المصابين بفتوق فخذية لديهم فتوق إربية أو سوف يصابون لاحقاً بفتوق إربية.

  • وتبدو الفتوق الفخذية بشكل دائم تقريباً على شكل كتلة غير ردودة بحجم الجوزة، عند القاعدة الأنسية للمثلث الفخذي

لسكاربا، ويبدو الفتق الفخذي بشكل غير ردود حتى في حال كان كيس الفتق فارغاً، ويُعزى ذلك لأنّ الشحم والعقد اللمفية في القناة اللمفية تحيط بكيس الفتق، ويمكن لعقدة لمفية وحيدة متضخمة أو لكيسة زليلية أن تتشابه مع الفتق الفخذي بشكل تام، كذلك الحال يمكن أن يلتبس تشخيص الفتق الفخذي الردود (غير الشائع) مع دوالي الصافن.

  • وتحدث الفتوق الفخذية المختنقة من نمط ريختر بتواتر زائد نسبياً، وتحمل نسبة اختلاطات ووفيات مرتفعة، كما يتأخر

تشخيص مثل هذه الفتوق الفخذية المختنقة بشكل ثابت تقريباً وذلك لأنها تتطور دون أن تؤدي لانسداد معوي، مع تظاهرات موضعية قليلة إلى أن تصبح العروة المعوية ذات الجدار المختنق في جدار الكيس متغنغرة، كما أن وجود همهمة فوق الوريد الفخذي يعتبر إشارة إلى أن الفتق الفخذي المجاور غاصص أو مختنق، وذلك لأن الفتق القاسي يضغط على الوريد، وإنّ كلا الفتقين الإربي والفخذي أشيع في الجهة اليمنى بمرتين منهما في الجهة اليسرى، ويُعزى هذا الشيوع في الفتق الإربي غير المباشر إلى التأخر في الضمور الناتئ الفخذي الأيمن بسبب تأخر نزول الخصية اليمنى إلى كيس الصفن بالمقارنة مع اليسرى، أما في حالة الفتق الفخذي فيعزى الأمر إلى السطام (التضيق) الذي يقوم به السين (الكولون السيني) على القناة الفخذية الكبرى.


وبائيات الفتوق المغبنية

  • تُعتبر الفتوق مشكلة صحية شائعة، ولا يُعرف مدى انتشار هذه المشكلة بشكل دقيق، لكن التقدير المقبول لحدوثها هو

بين 3- 4% في مجمل الذكور، وإنّ التقدم في السن يزيد من نسبة حدوث الفتوق المغبنية، ومن احتمال الاختناق، ومن الحاجة للبقاء في المشفى.

  • ويُعتبر الاختناق أكثر الاختلاطات شيوعاً للفتوق المغبنية وأكثرها خطورة، ويحدث الاختناق في 1.3- 3% من

مجمل الفتوق المغبنية، وهو يحدث في المسنين ويعتبر ذا إنذار مشؤوم، وإن معظم الفتوق الإربية المختنقة هي من النوع غير المباشر، لكن الفتوق الفخذية تحمل أعلى معدل من الاختناق بين مجمل الفتوق (بشكل عام)، وهو قد يبلغ 5- 20%.

  • ويتعلق معدل الاختناق في الفتوق المغبنية بمكان الفتق ومدته، حيث أن احتمال الاختناقات في الفتوق الإربية هو

2.5% بعد ثلاثة أشهر من حدوثه، ويزداد إلى 4.5% بعد سنتين، أما في الفتوق الفخذية فإن احتمال حدوث الاختناق هي 22% بعد ثلاثة أشهر ويصل إلى 45% بعد 21 شهراً (هذا هو معدل احتمال الاختناق، أما معدل الاختناق الحادث فعلاً فهو كما ذكر سابقاً بين 5- 20%)، ولذا تتطلب الفتوق الفخذية جراحة إسعافية.

  • كما أن احتمال اختناق الفتوق الإربية والفخذية خلال الأشهر الثلاثة الأولى مرتفع جداً، مما يعني أن المريص المصاب

بفتق منذ وقت قصير يجب أن يدفع الجراح نحو إجراء جراحة سريعة.


تشريح الفتوق المغبنية

  • إنّ كيس الفتق غير المباشر فعلياً ما هو إلا استمرار التوسع في الناتئ الغمدي وهو يمر عبر الفوهة الباطنة، ويتوضع

ضمن الحبل المنوي، ثم يتبع مساره مسار الحبل المنوي باتجاه الصفن، وعند الفوهة الباطنة يحتل كيس الفتق الجانب الأمامي الوحشي من الحبل المنوي، ويترافق كيس الفتق غير المباشر غالباً مع كمية من الشحم أمام البريتوان يُعرف عادةً بالورم الشحمي في الحبل المنوي، هذا على الرغم من أنّ هذا الشحم ليس ورماً بالطبع، لكن الأورام الشحمية في الحبل المنوي تشابه كيس الفتق غير المباشر تماماً.

  • ويُقال عن كيس الفتق غير المباشر بأنه مكتمل عندما ينزل إلى الخصية ويملأ الجهه الجانبية للصفن، وغير مكتمل

عندما لا يفعل ذلك، وعندما يبقى الناتئ الغمدي مفتوحاً فإن الخصية نفسها سوف تكون ضمن الكيس ويُدعى هذا النوع من الفتوق بالفتوق الخلقية أو القيلة المائية المتواصلة، وهي أشيع عند الأطفال مما هي عند الكهول.

  • كما يمكن لأعضاء خلف البريتوان كالسين، الأعور والحالبين أن تنزلق ضمن كيس الفتق غير المباشر، وبذلك تصبح

هذه الأعضاء جزءاً من جدار الكيس، ويمكن أن تتأذى خلال إصلاح الفتق، وتكون هذه الفتوق الانزلاقية كبيرة عادة وغير قابلة للرد بشكل تام.

  • وتنشأ أكياس الفتوق المباشرة عبر أرضية القناة الإربية، أي من مثلث هسلباخ، وتبرز بشكل مباشر ويتم احتواؤها من

قبل صفاق المنحرفة الظاهرة، وفي حالات نادرة يمكن لهذه الفتوق أن تتضخم إلى الحد الذي يمكن لها أن تقتحم طريقها عبر الفوهة الظاهرة فتنزل عندها للصفن.

  • تكون الفتوق المباشرة منتشرة عادةً، أي يمكن أن تصيب مجمل أرضية القناة الإربية، و في حالات أقل شيوعاً تكون

الفتوق المباشرة ذات فوهة صغيرة، وكيس رتجي الشكل، يمكن للفتوق المباشرة أن تظهر أيضاً وحشي الأوعية الشرسوية السفلية وتتظاهر عبر الفوهة الباطنة أو خلالية عبر انشطارات العضلة المنحرفة الباطنة (العضلة المصراعية للفوهة الباطنة) المصابة بالضمور العضلي الشحمي، لكن هذه الأنواع من الفتوق الإربية المباشرة نادرة ومن الشائع أن يُشار إليها خطأً على أنها فتوق غير مباشرة خارج الحقل (بالنسبة للفتوق التي تتظاهر عبر الفوهة الباطنة) أو فتوق غير مباشرة خلالية عبر الانشطارات العضلية.

  • إنّ هذه الفتوق لا تتبع مسار الحبل المنوي، ولا يجوز اعتبار الأوعية الشرسوفية السفلية حدوداً تشريحية مميزة ملائمة

لتفريق الفتوق المباشرة عن الفتوق غير المباشرة، كما يعتقد بعض الجراحين، وتعتبر المثانة من الأعضاء الشائعة الانزلاق ضمن كيس الفتق المباشر.

  • ينشأ كيس الفتق الفخذي من القناة الفخذية عبر ثغرة في الجانب الأنسي من الغمد الفخذي، وتحتوي القناة الفخذية على

عقدة أو عقدتين لمفاويتين، تدعى أكبرهما كلوكيت عند الفرنسيين، وتفصل هذه المكونات عن القناة الفخذية بنتوء بريتواني كثيراً ما يشكّل كتلة مجسوسة، كما يحدث الفتق الفخذي أيضاً عبر القسم الأمامي من الغمد الفخذي، أما الفتوق الفخذية قبل الوعائية فهي نادرة وتحدث بشكل أشيع كإصابة ناكسة عقب رتق فتق إربي في حال استخدام الغمد الفخذي أو السبيل الحرقفي العاني في الإصلاح الفتقي.

الفوهة العضلية المشطية:

  • تُعتبر الفتوق المغبنية تقليدياً حالات سريرية منفصلة، لكن هذا الاعتبار يخلق بعض التقليدات، وإنّ نظرية فروشود عام

1965 فيما يتعلق بتشريح المغبن تمتلك أهمية خاصة، إنّ فروشود لم يركز على تقسيم الفتوق حسب تظاهراتها السريرية المختلفة (مباشرة، غير مباشرة، وفخذية) بل ركز على المنشأ المشترك لهذه الفتوق، وذلك بملاحظة أنّ مجمل الفتوق المغبنية تبدأ ضمن منطقة ضعيفة وحيدة أطلق عليها اسم الفوهة العضلية المشطية.

  • كما أن الفوهة العضلية المشطية هي تلك المناطق من المغبن المحدودة علوياً بالعضلة شبه المنحرفة الباطنة والعضلة

المعترضة البطنية، ووحشياً بعضلة البسواس الحرقفية، وأنسياً بالعضلة المستقيمة وغمدها، وسفلياً بمشط العانة، إن هذا الهيكل العظمي العضلي لهذه الفوهة يتم شطره بالرباط الإربي، ويعبر الحبل المنوي والأوعية الفخذية، ويتم سده مثل الطبل على سطحه الداخلي باللفافة المعترضة فقط (اللفافة الحوضية الداخلية)، ولذا تعتمد سلامة الفوهة العضلية المشطية على اللفافة المعترضة ويتم تعريف الفتق المغبني بأنه بروز (نتوء) لكيس بريتواني عبر اللفافة المعترضة التي تسد الفوهة العضلية المشطية، كما أن فشل اللفافة المعترضة في إعادة البريتوان هو السبب الجوهري لجميع الفتوق المغبنية.

  • إن الرباط الأربي وارتكازه العريض المنحني الجوبي (أو الفجوي) على مشط العانة هو وحده المتصل برخاوة بالسبيل

الحرقفي العاني واللفافة المعترضة، وعلى الرغم من ذلك فإن الرباط وارتكازه يقويان الفوهة العضلية المشطية، ويقوم كلاهما بفصل الفتوق الإربية عن الفتوق الفخذية، ويشكلان الحدود الأنسية لفوهة القناة الفخذية.

  • إنّ مرور الخصية عبر جدار البطن في المرحلة الجنينية يؤدي إلى ضعف واتساع الفوهة العضلية المشطية فوق

الرباط الإربي، مما يؤهب الذكور لاحتمال تشكل الفتوق الإربية المباشرة وغير المباشرة، أما عند الإناث فإن القطر الكبير للحوض الحقيقي بالمقارنة مع صغر الحوض عند الذكور يؤدي إلى اتساع نسبي في القناة الفخذية، مما يؤهب الإناث لاحتمال تشكّل الفتوق الفخذية.


تصنيف الفتوق المغبنية

لقد بُذِلت محاولات شتى لتصنيف الفتوق، وإنّ هذه التصنيفات تعطي أرقاماً وأحرفاً لأنماط وأحجام مختلفة لفتوق المغبن وكل ذلك من أجل الوصول لفهم جراحي مشترك، ولكن حتى الآن مازالت هذه التصانيف غير مكتملة ويعوزها الإجماع، وحتى يتم الاتفاق على تصنيف موحد فإنه من الواجب وصف الفتوق بناءاً على نمطها ومكانها وحجم كيس الفتق وقطر عنق الفتق.

إمراضية الفتوق المغبنية

  • يمكن أن تكون الفتوق الإربية خلقية أو مكتسبة، وفي النوعين توجد قصة عائلية إيجابية بشدة عادةً، وهكذا يمكن أن

يُقال عن معظم الفتوق بأنها تنتقل وراثياً، وإنّ كافة الفتوق غير المباشرة هي خلقية، وتنتج عن استمرار الناتئ الغمدي الذي ولد المريض به (مفتوحاً)، ويوجد الناتئ الغمدي مفتوحاً (سالكاً)عند 80% من المولودين حديثاً، وعند 50% بعد مرور سنة.

  • ويستمر الانغلاق حتى عمر سنتين، كما أن معدل وجود الناتئ الغمدي مفتوحاً عند الكهول هو بحدود 20%، ووجود

التأهب لحدوث الفتق لا يعني حتمية تطور الفتق، ويجب أن توجد عوامل أخرى مساعدة لتحدث قصور في اللفافة المعترضة مما يؤدي لعدم قدرتها على إرجاع الكيس البريتواني في الفوهة العضلية المشطية، وإنّ الوقفة المنتصبة التي يتميز بها الإنسان بالمقارنة مع الحيوانات التي تسير على أربع تسمح بحدوث التفتق، وذلك بسبب حدوث تمطط المغبن وخضوعه لعوامل الضغط داخل البطن، وكذلك فإن هذه الوقفة المنتصبة تجعل الأمعاء تهبط إلى داخل الفتق عندما يحدث التفتق.

  • تساهم الأذيات العضلية في آلية الفتوق حيث أنّ القصور الخلقي أو المكتسب في العضلة المنحرفة الباطنة في المغبن

يعرض الفوهة الباطنة وأرضية القناة الإربية للتأثيرات المتلفة (المدمرة) للضغط داخل البطن.

  • وإنّ التدمير الحاصل في الأنسجة الضامة الناجم عن الشدة الفيزيائية للضغط داخل البطن، التدخين، التقدم في العمر،

أمراض النسيج الضامة، والأمراض الجهازية، هذا التدمير والتلف الحاصل يُنقص من قوة اللفافة المعترضة وصفاق العضلة المعترضة.

  • ولقد ثبت وجود انكسار في الألياف المرنة في تراكيب النسج الضامة في المغبن عند المرضى المصابين بالفتوق، هذا

بالإضافة لوجود تبدلات تركيبية ونوعية في هذه النسج الضامة، مع تغيرات استقلاب الكولاجين.

  • كما توجد عوامل أخرى يمكن أن تكون مؤثرة في بعض الحالات، فإنّ تمدد البطن والارتفاع المزمن في الضغط داخل

البطن من الحبن مثلاً أو التحال البريتواني، كل ذلك يمكن أن يؤدي إلى تأذي الفوهة العضلية المشطية، ويؤدي إلى توسع الناتئ الغمدي، كذلك فإن التشوهات الحوضية الناجمة عن الكسور وفقدان التعصيب العضلي للآلية المعصرية (بسبب استئصال الزائدة بشق سفلي من أجل الناحية التجميلية) تُعتبر من الأسباب المعروفة جيداً لحدوث الفتوق الإربية، وإنْ كانت غير شائعة.

  • كما تحدث كافة أنماط الفتوق الإربية بنسب متساوية عند الرجال الكسولين والنشطين، ولذا فإن الفعالية الفيزيائية

النشيطة لا تُعتبر بحد ذاتها سبباً لحدوث الفتوق الإربية، هذا على الرغم من أنّ الجهد العنيف يمكن أن يفاقم العومل المؤهبة ويسهّل حدوث الفتق.


علاج الفتوق المغبنية

رتق الفتوق المغبنية:

  • إن هدف رتق الفتوق المغبنية هو منع النتوء البريتواني من المرور عبر الفوهة العضلية المشطية، ويتم استعادة سلامة

الفوهة العضلية المشطية بطريقتين مختلفتين جوهرياً، وذلك بالاعتماد على نظرية فروشود في الفتوق المغبنية،

  • الطريقة الأولى: إغلاق صفاقي للفوهة العضلية المشطية إلى الحد الضروري.
  • الطريقة الثانية: تعويض اللفافة المعترضة التالفة بمعيض (رقعة) تركيبية كبيرة، ويمكن مشاركة الطريقتين معاً في

بعض الأوقات.

  • كما يتم إصلاح الفتوق إما بالطريقة الأمامية (المقاربة الأمامية) عن طريق شق مغبني، والتي تتطلب شطر البنيات

التشريحية أمام وحول القناة الإربية للوصول إلى الطبقة اللفافية الصفاقية الأعمق في البطن، أو بالطريقة الخلفية (المقاربة الخلفية) عبر شق بطني، تلك الحالة التي يتم فيها كشف الفوهة الفتقية مباشرة بالدخول للمسافة أمام البريتوان، وإن ميزات هذه الطريقة قد أُهملت بشكل كبير إلى وقت حديث نسبياً.

  • إن الشد هو السبب الرئيسي لكشف كافة حالات رتق الفتوق التي تعتمد على إغلاق الفوهة العضلية المشطية بتقريب

الصُّفق لبعضها، ومن الضروري بذل جهود حثيثة لتجنب الشد الحاصل على خط الخياطة، كما يجب عدم ربط القطب وشدها بشكل مفرط لأنّ هذا قد يؤدي لحدوث نخر في الأنسجة المخاطة، ومن المفضل استخدام خيوط تركيبية دائمة (غير ممتصة) وحيدة النسيلة.

  • لقد لعبت الشبكات الصنعية التركيبية دوراً أساسياً في تدبير الفتوق المغبنية، حيث تُستخدم الشبكات الصنعية التركيبية

إما على شكل رقعة أو على شكل سدادة للفوهة العضلية المشطية، وذلك إما لتقوية الرتق الكلاسيكي أو لتحل محل اللفافة المعترضة المتهالكة (دون إصلاح كلاسيكي).

المقاربة الأمامية الكلاسيكية:

  • توجد ثلاث مقاربات أمامية كلاسيكية فقط أثبتت جدارتها بمرور الوقت، وما زالت تستخدم حتى وقتنا الحاضر، وهي:
  • إغلاق الفوهة البسيط لمارسي.
  • عملية باسيني، إما بشكلها الأصلي أو بتعديلها حسب شولدايس.
  • إصلاح ماكفي لوثيسين على رباط كوبر.
  • وجميع الطرق السابقة تؤدي إلى نتائج مرضية بشكل متساوٍ في حالات الفتوق الأولية (البدنية غير الناكسة)، عندما يتم

إجراؤها باستطباباتها الصحيحة، ويمكن إتمامها بسهولة باستخدام التخدير الموضعي عند الكهول.

  • وفي السابق كان يتم إصلاح الفتوق الناكسة باستخدام إحدى هذه الطرق الكلاسيكية، لكن في الوقت الحاضر يفضل

استخدام تقنيات الإصلاح باستخدام المعيضات (الرقع) ، حيث تكون نتائجها أفضل بكثير.

  • وإن للإصلاح الكلاسيكي للفتوق ثلاثة أقسام: تسليخ (كشف) القناة الإربية، إصلاح (ترميم) الفوهة العضلية المشطية،

إغلاق القناة الإربية.

  • إنّ القسم الأول والثالث متطابق في الضرورة في كافة عمليات الإصلاح الكلاسيكي للفتوق، بينما تختلف طرق إصلاح

وترميم الفوهة العضلية المشطية.

  • ويتألف كشف وتسليخ القناة الإربية من فتح القناة الإربية، مع توفير العصب الحرقفي الإربي (إن أمكن ذلك)، وشطر

العضلة المشمرية مع حزمتها الوعائية العصبية لكشف الفوهة الباطنة، وتحريك الحبل المنوي، ثم شق أو شطر الجدار الخلفي للقناة الإربية في المنطقة الضعيفة، وتقييم صفاق المعترضة، وإزالة الكيس البريتواني (كيس الفتق)، واستئصال (الليبوما) من الحبل المنوي وإجراء شقوق إرخاء عند الحاجة لها.

  • إن هذا التسليخ المذكور سابقاً هو على نفس الدرجة من الأهمية في نجاح رتق الفتق كما هي عليه مرحلة إصلاح

الفتق، وإن شطر العضلة المشمرية والجدار الخلفي للقناة الإربية هي من الخطوات الهامة التي يهملها عدد غير قليل من الجراحين، هذا على الرغم من أن باسيني يستخدم هذه الخطوات بشكل روتيني، وإن الجراحين الذين قاموا بإصلاح الفتوق الإربية في بدايات الجراحة أكدوا على أهمية هذه الخطوات.

  • تقوم طريقة باسيني-شولدايس بإصلاح الفوهة العضلية المشطية فوق الرباط الإربي، أي الفوهة الباطنة ومثلث

هسلباخ، ولذا فإنها تستطب في كافة الفتوق الإربية المباشرة وغير المباشرة، ويعزى لباسيني إجراء وتطوير أول طريقة حديثة في رتق الفتوق الإربية، لقد كتب باسيني ستة تقارير حول طريقته الجراحية وخبرته، لكن تقريره عام 1890 الذي نشر في ألمانيا هو الذي ألهب الحماسة في عالم الجراحين، ولسوء الحظ فإن الجراحين منذ البداية أساؤوا فهم القصد الذي أراده باسيني وقاموا بتعديل وإفساد طريقته، ففي أمريكا الشمالية وفي أوروبا إلى حد ما تقتصر طريقة باسيني على الربط العالي لكيس الفتق وتقريب الوتر المشترك والعضلة المنحرفة الأصلية، والتي تُجرى حالياً في أوروبا، وقد تم تفصيلها من قبل كاترينا (عام1932)، وتتألف من تسليخ متأنٍ وكامل لكشف التشريح في مجمل المنطقة، وإصلاح يعتمد على تقريب العضلة المنحرفة الباطنة، والعضلة المعترضة البطنية واللفافة المعترضة (الطبقة الثلاثية المعترضة لباسيني) إلى الغمد الفخذي والحافة المائلة للرباط الإربي بقطب متفرقة.

  • ولقد قام أوبني وريان مع شولدايس بتطوير طريقة جديدة لرتق الفتوق وهي تتطابق بالضرورة مع الإجراء الأصلي

لباسيني، فالتسليخ نفسه تماماً، والإصلاح يتم فيه تقريب نفس الطبقات العضلية الصفاقية ولكن ليس بقطب متفرقة بل بخياطة متواصلة متشابكة بشكل دقيق، إن رتق الفتوق على طريقة شولدايس ما هي في الحقيقة إلا المعادل الحديث للإجراء الأصلي لباسيني.

  • كما قدمت طريقة شولدايس-باسيني في رتق الفتوق نتائج استثنائية، وأصبحت الطريقة القياسية على مستوى العالم التي

تقارن بها الطرق الأخرى، وعلى الرغم من ذلك فإن هذه الطريقة قد تعرضت لانتقاد مبرر بسبب كونها لا تقدم إصلاحا للقناة الفخذية، ويمكن فعلاً أن تؤدي إلى إحداث بعض الفتوق الفخذية وذلك بالضغط على الغمد الفخذي، بالإضافة إلى ذلك فإن الإصلاح المُجرى بهذه الطريقة ليس إصلاحاً تشريحياً، وذلك لأنه يجري فيها خياطة صفاق المعترضة إلى الرباط الإربي، ولقد قام بعض الجراحين لاحقاً بتجنب اسنخدام الرباط الإربي، والاكتفاء بإصلاح الفوهة العضلية المشطية إلى الأعلى من الرباط الأربي بتقريب بسيط (الحافة على الحافة) بين قوس صفاق المعترضة السبيل الحرقفي العاني، وذلك لتمييز هذه الطريقة عن طريقة باسيني وعن طريقة باسيني شولدايس، وتقدم طريقة رتق الفتوق الإربية باستخدام رباط كوبر بإصلاح المناطق الثلاث المؤهبة لحدوث الفتق في الفوهة العضلية المشطية وهي الفوهة الباطنة ومثلث هسلباخ والقناة الفخذية، ولذا فهي مستطبة في الأشكال الثلاثة الشائعة من الفتوق المغبنية.

  • ولقد استنتج ماكفي من دراساته التشريحية إلى أن الخياطة التي يجب إجراؤها في صفاق المعترضة البطنية يجب أن

تكون مع الرباط المشطي الحرقفي لكوبر حيث ترتكز بشكل طبيعي وليس مع الرباط الإربي، ولم يدرك ماكفي أن لوثيسين كان قد سجل هذا الإجراء في تقريره عام (1897) وذلك لإصلاح فتق ناكس عند امرأة ليس لديها رباط إربي، ولقد لاحظ لوثيسين مباشرة أهمية هذا الإجراء في معالجة الفتق الفخذي، وتعرف طريقة استخدام رباط كوبر التي كان لوثيسين أول من أجراها بطريقة ماكفي في رتق الفتوق وذلك للإشارة إلى الرجل الذي عمم هذه الطريقة وجعلها معروفة على نطاق واسع، وتتم خياطة قوس صفاق المعترضة في إصلاح ماكفي مع رباط كوبر أنسياً ومع الغمد الفخذي وحشياً، ويتم كشف رباط كوبر والحافة الأنسية للفخذ الأنسي للسبيل الحرقفي العاني، وإن هذه الخطوة الإضافية في التسليخ هامة لأجل وضع الخياطة في مكانها الصحيح.

  • تُعتبر شقوق الإرخاء عملاً إجبارياً في هذه الطريقة، وذلك لوجود شد كبير على خط الخياطة، وعلى الرغم أن كثير

من المتحمسين لهذه الطريقة يجرونها بشكل روتيني (طريقة ماكفي)، لكن ماكفي نفسه لم يستخدم هذه الطريقة إلا في حوالي نصف الجراحات التي أجراها لرتق الفتوق، حيث قام في حالات الثغرات الصغيرة بإجراء ما يلزم فقط أي إصلاح مارسي.

  • يكتمل رتق الفتوق الإربية بإغلاق القناة الإربية، وهذا الإجراء لا يختلف في كافة الإصلاحات الكلاسيكية، حيث يتم

تقريب الحواف المقطوعة لصفاق المنحرفة الظاهرة، وهذا التقريب يؤدي عفوياً إلى استعادة الفوهة الإريبة الظاهرة، ويجب وصل الجذمور البعيد للعضلة المشمرية المقطوعة مع الفوهة الظاهرة وذلك لتعليق الخصية (ومنع هبوطها).

اعتبارات خاصة:

  • يتم إصلاح الفتوق الفخذية ذات الفوهة الصغيرة عند النساء من تحت الرباط الإربي بوضع عدد من القطب (طريقة

باسيني) أو بسد الفوهة بسدادة اسطوانية من شبكة البولي بروبلين، ويُكتفى بهذا الإجراء لأنه من النادر أن تترافق هذه الفتوق مع فتوق فوق الربط الإربي.

  • وعلى أية حال فإن الفتوق الفخذية الكبيرة عند النساء وكافة الفتوق الفخذية عند الرجال يتم إصلاحها باستخدام طريقة

ماكفي، أي باستخدام رباط كوبر، معيض تركيبي (رقعة دائمة) أمام البريتوان وهو الأفضل.

  • وإن أحسن طريقة لتدبير الفتوق الفخذية المختنقة هي باستخدام المقاربة أمام البريتوان لأن هذه المقاربة تسمح

بالوصول مباشرة إلى الفوهة الفتقية الفخذية المتضيقة، وكذلك تسمح بتحرير سهل الإجراء للعروة المعوية المحتجزة وذلك بشق السبيل الحرقفي العاني والرباط الجوبي، بالإضافة إلى كونها تعطي متسعاً ملائماً في حال الاضطرار لإجراء استثصال معوي (للعروة المختنقة في حال كانت متموتة)، أما الفتوق الإربية المختنقة فيُجرى تدبيرها بسهولة عبر شق مغبني.

  • إن حالات الفتوق غير المباشرة عند الرضع والأطفال وحتى اليفعان لا تحتاج إلى رتق كلاسيكي، حيث لا يوجد في

هذه الحالات تأذي للفوهة العضلية المشطية واللفافة المعترضية التي تسدها، وإن استئصال الكيس الفتقي فقط يكفي لشفاء الفتق، وتدعى هذه العملية بالربط العالي لكيس الفتق، وهي تتألف من فتح القناة الإربية، وتحديد مكان كيس الفتق دون الحاجة لتحريك الحبل المنوي، ثم يفصل كيس الفتق ويتم تسليخه حتى الفوهة الباطنة حيث يربط، وتتشابه هذه العملية مع النمط الثاني من طرق رتق الفتوق الكلاسيكي حسب فيرغسون وهالستد، تلك الطرق التي لم تعد تستخدم حالياً على نطاق واسع.

  • وإنه من الشائع عند النساء الأطفال وجود المبيض والبوق ضمن كيس الفتق، كما يوجد تخنث خصوي في 1% من

الإناث المصابات بالفتوق ثنائية الجانب، ولذا يجب عند الطفلات المصابات بفتوق أربية أخذ لطاخة شدقية لتحري الصبغيات، وفي حال كانت الطفلة التي لديها عناصر أنثوية ظاهرة طبيعية ينقصها الصبغيات فيجب ترك القند (المنسل) في مكانه في القناة الإربية، حيث يخدم هذا القند كمولد للأستروجين إلى حين حدوث البلوغ، حيث يجب أن يُستأصل وقتها بسب خطر التسرطن، وكذلك في الإناث اللواتي نجد في كيس الفتق عندهن منسلاً (قنداً) دون أنبوب فالوب لا بد من أخذ خزعة منه لتحديد نوعيته (خصية أو مبيض).

  • أما عند الصبيان فمن الشائع تحري الجانب الثاني من المغبن حتى عمر ثلاث سنوات، خاصةً في حال وجود فتق

إربي أيسر، وإن هذه الممارسة التي يرفضها البعض تفيد في تجنب إجراء رتق فتق إضافي في مرحلة متأخرة.


اترك تعليقاً