الكساح Rickets

الكساح بالإنجليزية Rickets من الناحية اللغوية داء الكساح هو تعبير مشتق من كلمتين انكليزيتين قديمتين هما (twist) و تعني التواء و (wrick) و تعني يلوي .

داء الكساح :هو مرض يصيب الأطفال نتيجة تمعدن ضعيف في العظام  وهذه النتيجة ليست فقط بسبب نقص في فيتامين D و لكن أيضا بسبب نقص كل من الكالسيوم والفوسفور وهذا ما يؤدي إلى أن تصبح العظام هشة سهلة الكسر و ذات انحناءات و تشوهات .

[toc]

حيث أن الكالسيوم المرسب في العظم غير الناضج (العظماني) و من خلال عملية التكلس يحول هذا العظم إلى عظم ناضج ، على أية حال لكي يمتص و يستعمل الكالسيوم المتوفر في الغذاء يحتاج الجسم إلى فيتامين D حيث أن قلة هذا الفيتامين المهم يعتبر من الأدلة الهامة على انخفاض الكالسيوم الممتص من الغذاء و إلى قلة عملية التكلس و بالتالي عظام مشوهة و إصابة بداء الكساح .

فيتامين D يعتبر من الفيتامينات الوحيدة الذي يمكن الحصول عليه من خلال الغذاء و عن طريق اصطناع الجسم له ، بالرغم من أن الفيتامين D يمكن أن يمتص من الأطعمة الغنية بالدسم إلا أن هذا الامتصاص لا يشكل سوى 10% فقط من احتياجات الفرد اليومية و الباقي أي 90% من الاحتياجات  يقوم الجسم باصطناعها عن طريق تعريض الجلد للأشعة فوق البنفسجية و لقد تكلمنا عن طريقة هذا الاصطناع في الفصل السابق .

من هنا نجد أنه وبدون فيتامين D كافي فإن الجسم يمكنه أن يمتص 10-15% فقط من الكالسيوم المتوفر في الغذاء وبالتالي نجد كم هو مهم المحافظة على ميزان فيتامين D وكالسيوم و فوسفور متوازن من أجل نمو وصيانة العظام وخصوصا عند الأطفال .

 سن الإصابة بداء الكساح 

كما هو معلوم فإن داء الكساح هو مرض يصيب الأطفال و لكن السؤال الذي يطرح نفسه ما هو العمر الذي يشكل خطرا على الأطفال؟

لقد لوحظ بعد إجراء الكثير من الدراسات أن الأطفال الذين هم بعمر 6 أشهر إلى السنتين هم أكثر عرضة للإصابة بداء الكساح و هذا ما يدعو إلى تشديد المراقبة الغذائية على الأطفال في هذا العمر حيث تعتبر هذه المرحلة من العمر من مراحل النمو السريع لدى الطفل.

 داء الكساح من الناحية التاريخية 

أصاب داء الكساح أطفال البلاد الأوربية الواقعة على خطوط العرض الشمالية وكان يسمى هذا الداء (المرض الانكليزي) وذلك لأنه بدأ انتشاره في انكلترا، يعود سبب ذلك بالدرجة الأولى إلى الثورة الصناعية التي قامت في المدن الأوربية عام 1900 م حيث ملأ دخان المعامل و المصانع سماء هذه المدن مما قلل من تعرض السكان وبالأخص الأطفال إلى ضوء الشمس

يخمن بعض الباحثين أن قبل العام 1915 م كان تقريبا 85% من الأطفال في هذه المناطق الصناعية (أوربا و أمريكا الشمالية) قد عانوا من داء الكساح وهذا ما أدى إلى البحث في مصادر و وظائف الفيتامين D في العشرينيات من القرن الماضي.

على أية حال أدى استعمال كل من زيت السمك و حليب البقر المدعم إلى إزالة داء الكساح في أوربا و أمريكا الشمالية.

عوامل خطر الإصابة بداء الكساح 

هناك مجموعتان رئيسيتان تعتبران من عوامل الخطر و هما مهيئتان لتطوير داء الكساح :

  • المجموعة الأولى :

الأطفال الذين يعتمدون في غذائهم على حمية غذائية منخفضة المحتوى من الفيتامين D أي على حمية منخفضة الأطعمة الدسمة مثل (الحليب ، البيض ، السمك) .

  • المجموعة الثانية :

و هي الأهم و يدخل ضمنها الرضع الذين يعتمدون في غذائهم على الرضاعة الطبيعية (الإرضاع الوالدي) (Holick,2006) .

حيث يعتبر حليب الأم مصدرا أساسيا للتغذية في الطفولة و هو غذاء متكامل إلا أن ما يؤخذ عليه هو أنه يحتوي على كميات قليلة من الفيتامين D حيث يحوي الليتر الواحد على 40-60 وحدة دولية و بالمقابل يحتوي حليب الأم على كميات كافية من الكالسيوم والفوسفور بينما تقدر احتياجات الرضع من الفيتامين D بـ 400 وحدة دولية يوميا وإذا لم يتعرض الرضيع إلى أشعة الشمس لردم هذه الفجوة يمكن أن يتطور لديه داء الكساح .

 هناك عوامل خطر أخرى عند تواجدها يمكن أن يظهر داء الكساح :

  •  الأطفال أصحاب البشرة السمراء :

حيث أن صباغ الميلانين لدى هؤلاء يقوم بالحد من اصطناع فيتامين D عن طريق الجلد و بالتالي يجب على الأطفال أصحاب البشرة السمراء التعرض إلى نور الشمس أكثر بـ 6 مرات من تعرض نظرائهم من الأطفال ذوي البشرة الأفتح للوصول إلى نفس الكمية المصطنعة من الفيتامين(D) .

  •  قد يصاب الرضع بداء الكساح و ذلك لأن أمهاتهم يعانين وبشكل مزمن من مستويات منخفضة من الفيتامين D الناتج إما عن إتباع الأمهات حمية منخفضة الدسم أو الاعتماد على الأغذية النباتية فقط .
  •  الاعتماد على حمية مباشرة قليلة الكالسيوم و/أو الفوسفور قد يؤدي إلى داء الكساح أيضا و لكن يبقى هذا العامل نادر الحصول عند الأطفال.
  •  الأطفال الذين يخضعون للعلاج بأدوية مضادة للاختلاج ولفترات طويلة (حيث أن هذه الأدوية تخفض من مستويات 25،1- داي هيدروكسي كولي كالسيفيرول) .

 أسباب مرض الكساح 

هناك عدة أسباب تؤدي إلى ظهور مرض الكساح عند الأطفال و فيما يلي أهم هذه الأسباب :

  • نقص التكلس .
  • نقص فوسفات الدم .
  • خلل في أحد طرق استقلاب الفيتامين D ,وهذا السبب يكون ناتج عن :
  •  عوز غذائي .
  •  عدم التعرض لأشعة الشمس .
  •  سوء امتصاص معوي .
  •  مرض كبدي .
  •  مرض كلوي .

 مظاهر مرض الكساح 

يكون تطور الكساح مخاتلا بحيث لا يكتشف إلا متأخرا حيث يتصف هذا المرض بحدوث تشوهات هيكلية في مختلف أنحاء الجسم و خاصة في العظام التي لها صلة بتحمل وزن الجسم مثل (الأضلاع ، العضد ، الزند ، الفخذ ، الكعبرة).

و يمكن تقسيم التشوهات التي تصيب الجسم إلى عدة مستويات كما يلي :

  • على مستوى الرأس : نلاحظ رخاوة في المناطق المجاورة لمفاصل الجمجمة مع استمرار اتساع منطقة اليافوخ و كذلك زيادة في حجم الرأس و بروز الجبهة نحو الأمام و تغير شكلها الدائري كما نلاحظ تأخر أو عدم ظهور الأسنان .
  • على مستوى الصدر : نجد ظهور نتوءات على شكل سبحة في أطراف الأضلاع مع بروز عظام الصدر إلى الأمام لتعطي شكلا شبيها بصدر الحمام و يتبع ذلك تقعر في الجزء السفلي من الصدر يسمى هذا التقعر بتقعر هاريسون .
  • على مستوى العمود الفقري و الحوض : انحناءات جانبية أو أمامية غير طبيعية بالنسبة للعمود الفقري و تأخر في نمو عظام الحوض .
  • على مستوى الأطراف : تتضخم نهايات عظام الأطراف حول الرسغ والكاحل مع وجود انحناءات في العظام الطويلة للأطراف العلوية والسفلية تظهر بشكل أوضح في تقوس السيقان أو تلامس الركبتين وقد تؤدي هذه التشوهات في العمود الفقري والأطراف السفلية إلى قصر القامة .
  • على مستوى العضلات : نجد تأخرا في نمو العضلات و ضعفا عاما و قد يصاب الطفل بحالات تشنج متكررة .

معالجة الكساح 

  • من حسن الحظ أن داء الكساح اضطراب قابل للمعالجة كما أنه قابل للمنع أيضا ، حيث ينصح الباحثون بأن التعرض لأشعة الشمس بمقدار 20- 30 دقيقة أسبوعيا بالنسبة للطفل يعتبر ذلك كافيا لإبقاء مستويات الفيتامين D في الدم مستقرة .
  • بالنسبة للأطفال المصابين بداء الكساح الناتج عن نقص في فيتامين D فإن العلاج يكون ممكنا من خلال المستحضرات الفموية لهذا الفيتامين أوعن طريق تناول الأغذية الغنية بهذا الفيتامين (وعلى سبيل المثال ملعقة شاي من زيت كبد السمك تحوي على 360 و حدة دولية من فيتامين D)
  • إذا كان سبب المرض متعلق بنقص الكالسيوم أو نقص فوسفات الدم و فيتامين D فإن معالجة داء الكساح بفيتامين D لوحده قد لا تكون فعالة حيث تصبح مشاركة أصناف صناعية من الفيتامين D النشطة استقلابيا مثل ( 25- داي هيدروكسي كولي كالسيفيرول أو 25،1- داي هيدروكسي كولي كالسيفيرول ) ضرورية جدا .
  • هناك بعض الأبحاث تقترح بتقديم جرعة وحيدة من فيتامين D تقدر بـ 600,000 وحدة دولية لمرة واحدة أو بالمعالجة التدريجية بـ 5,000 – 10,000 وحدة دولية يوميا تستمر لـ 2 إلى 3 أشهر وذلك بالنسبة للأطفال المصابين بداء الكساح حيث أن هذه المعالجة يمكن أن تصلح الكثير من التشوهات العظمية و تؤخر من ظهور تشوهات أخرى .
  • وأخيرا يجب أن نعلم أن داء الكساح كما قلنا سابقا هو مرض قابل للمنع والمعالجة و لذلك من الضروري علينا فهم أدوار فيتامين D والكالسيوم والفوسفور في النمو العظمي و كذلك آلية المرض وكيفية تشخيصه وأفضل الطرق لعلاجه .
  • كما يخفض داء الكساح دفاعات الطفل المناعية و ذلك عند عدم المعالجة أو في المراحل الحادة من المرض ، ونلاحظ عند المرضى زيادة في مستويات الفوسفاتاز القلوية في كل من البلازما و المصل والذي مصدره الخلايا البانية للعظم المتضررة .

اترك تعليقاً