داء النوم أو داء المثقبيات الأفريقي sleeping sickness

داء النوم

مرض النوم بالإنجليزية ( sleeping sickness ) ويسمى أيضاً داء المثقبيات الأفريقي بالإنجليزية (African trypanosomiasis ) هو مرض ينجم عن لدغ ذبابة تسي تسي المتوطنة في القارة الأفريقية ،ونميز شكلين من هذا لمرض النوم :
أحدهما ناجم عن المثقبات البروسية الغامبية ويشاهد في غرب ووسط أفريقيا في مناطق الغابات القريبة من المياه ومستودعه الانسان ويكون تطور المرض مزمن ويستمر لسنوات.
والآخر ناجم عن المثقبات البروسية الرودسية ويشاهد في شرق أفريقيا في مناطق السافانا ومستودعه الانسان والحيوانات الوحشية ويكون تطور المرض حاداً ويستمر لأشهر.

[toc]

و المثقبيات أوالي سوطية تصنف ضمن السوطيات الدموية وتسبب ما يسمى داء النوم، وهناك حوالي مليون إصابة سنوياً. اتت التسمية من الجسم المثقوب Trypanes-to bore,soma-body

تصاب قطعان الأغنام والماعز بالمثقبيات أيضاً ويدعى الخمج لدى الحيوانات بداء الناغانا Nagana وسببه المثقبية النشيطة T.VivaxوT. Congolense.

 

إن جنس المثقبيات يمكن أن يقسم إلى نوعين رئيسن وفقاً للتوزع الجغرافي والخواص الإمراضية والثوي الناقل، وهما النوع الأفريقي  African Trypanosomiasis والنوع الأمريكي American Trypanosomiasis.

أما النوع الإفريقي فيضم ما يسمى بداء النوم الإفريقي الغربي والذي تسببه المثقبية الغامبية T.Gambiense والتي تنقلها اللاسنة اللامسة Glossina Palpalis والذي ينتشر في غرب أفريقية، وداء النوم الأفريقي الشرقي والذي تسببه  المثقبية الروديسية T.Rhodesiense  والتي تنقلها اللاسنة العاضة  Glossina Morsitans والذي ينتشر في أفريقية الشرقية.

أما النوع الأمريكي والذي يسمى بداء شاغاز Chagas   وتسببه المثقبية الكروزية T.Cruzi  التي ينقلها البق المقبل   Triatomaمن الرضوفيات Reduviidae والذي ينتشر في أمريكة الجنوبية.

تتواجد المثقبيات الأفريقية لدى الإنسان في مجرى الدم والسوائل الأخرى الخمج، بينما المثقبية الكروزية تتمايز بالخمج الداخل خلوي إضافة للمجرى الدموي وسوائل الجسم الأخرى.

وكما ذكر سابقاً إن الطفيلين  المسؤولين عن داء النوم الأفريقي هما تحت نوع للمثقبية Brucie  واللتين تعرفان بالمثقبية الروديسية والمثقبية الغامبية.

ودورة الحياة لكل من هذين الطفيلين هي ذاتها. لكن الاختلاف الرئيس بينهما يشمل مايلي:

  • الثوي الناقل والتي هي من أحد أنواع الذباب والتابعة لجنس اللواسن Genus .
  • الثوي المضيف الفقاري Vertebrate-Host .
  • الوقت اللازم للتطور في الثوي الناقل وفي الثوي المضيف .
  • الوقت الذي يتطلبه الخمج داخل الثوي المضيف.

أما المراحل الأخرى من دورة الحياة فهي نفسها لكلا النوعين .

إن المثقبيات الأفريقية بنوعيها المثقبية الغامبية T. Gambienseوالمثقبية الروديسيةT T.Rhodesiense  هما تحت نوع للمثقبية Brucie . المثقبية الغامبية والمثقبية الروديسية متشابهتان شكلياً ووظيفياً حيث تتواجدان بالنمط السوطي الذي يأخذ الشكل المغزلي أو الشكل الشعيري.

  • الشكل السوطي أو السائطي المثقبي Trypomastigote Form بتواجد هذا الشكل ضمن الثوي الناقل، يبلغ طوله 15-45 ميكرون وسـماكة 2- 3 ميكرون، وبشكل مغزلي متطاول مستدق النهاية، وذو نواة شبه مركزية كبيرة (قد تشاهد في مؤخرة الجسم). وهيولى محببة وناعمة ويوجد فيها حبيبات من الغليكوجين وشبكة هيولية وجهاز غولجي ومتقدرات، وجسيم حركي Kinetoplast، يخرج السوط من الجسيم الحركي في مؤخرة الجسم (خلف النواة) ويتقدم للأمام مشكلاً الغشاء المتموج.
  • الشكل الشعروري Epimastigote Formوالذي يتصف بالشكل البيضوي الاسطواني، وبصغر حجمه عن الشكل السوطي، وبطول قد يصل حتى 5 مكرون، وبنواة مركزية كبيرة وغشاء المتموج وجسيم حركي متوضع  في المركز أمام النواة.

دورة حياة المثقبات :

تبدأ مرحلة الخمج بهذه الأوالي مع عضة ذبابة الـ تسي تسي (Tse tse fly ) التي تنتمي إلى جنس اللواسن، وعن طريق هذه العضة (اللدغة) ينتقل لعاب الحشرة إلى داخل أدمة الثوي الفقاري الذي يوسع الأوعية الدموية ويمنع تخثر الدم.

ثم تدخل مرحلة الخليفة الدورية للسائط المثقبي  Meta cyclic trypomastigote  وهو الشكل الخامج للمثقبيات.

إن الصفات الفيزيولوجية والشكلية للمتقدرات هي التي تميز هذا الشكل عن معظم أشكال دورة الحياة التي تتم داخل الحشرة الناقلة، تتمايز هذه المتقدرات بوجود بضعة أعراف لها.

إن هذا الشكل (الخليفه الدورية للسائط المثقبي) غير مثلم وله أسواط قصيرة حرة، وحالما يدخل المجرى الدموي للثوي فإنه ينتشر بسرعة ضمن جسم الثوي ويهاجر إلى السائل الدماغي الشوكي CSF.

وفي المجرى الدموي  للإنسان فإن السائط المثقبي يظهر فيه بك ثلاثة أشكال:

  • الشكل الأول

وهو شكل رفيع وطويل وذو أسواط حرة تمتد اعتبارا من الغشاء المتموج.

  • الشكل الثاني

يمتاز بقصره، لكنه يفتقد إلى الأشواط الحرة.

  • الشكل الثالث

يمتاز بشكله المتوسط بين الشكلين السابقين.

ولا ننسى بأنه يجب توافر الغذاء في دم الحشرة، كي تكتمل دروة الحياة لهذا الطفيلي وحتى تستطيع الحشرة نقل مرض النوم الأفريقي، الشكل القصير للسائط المثقبي والمكيف فيزيولوجياً للخروج مع الحشرة الناقلة.

إن حضور المتقدرات بأعرافها الناتئة وجهازها الوظيفي الناقل للإلكترون يمكن هذا الشكل من العيش داخل أمعاء الحشرة، حيث يتوافر الغذاء بشكل أوفر مما هو عليه في المجرى الدموي للثوي الفقاري (النهائي).

وحالما يتم ابتلاعها من قبل الحشرة فإن هذه السوائط المثقبية تتطاول وتفقد غطاءها الخارجي، وصفاتها المستضدية، وتصبح أشكال سائطية مثقبية قبل دورية Procyclic.T ثم يتضاعف الطفيلي بعد ذلك بعملية الانقسام الثنائي الطولاني، وتغزو الفراغات التي تحوي على الغذاء.

وعندما تتزايد أعدادها تهاجر للأمام، ومع حلول اليوم العاشر من ابتلاعها فإنها تدخل إلى ما قبل البطين. وخلال هجرتها إلى المعي الأمامي للحشرة، فإنها تنتج (الشعرورة) Epimastigote (الأشكال المسيطرة في المري والتجويف الفموي للحشرة الناقلة)، ومع حلول اليوم العشرين، فإن هذه الشعرورات تتحرك إلى داخل أقنية الغدد اللعابية، وتصل إلى الظهارية بوساطة أهدابها.

ومع نهاية الشهر الثالث فإنها تتحول إلى الأشكال الخليفة االدورية للسائطة المثقبية، وتتحرر إلى لمعة الغدد.

وهكذا فإن هذان الشكلين المتمايزان (السائطة بصفاتها الفيزيولوجية والشكلية المتنوعة والشعرورة) هما شكلان أسآسيةن لإكمال دورة الحياة للمثقبيات والتي تسبب مرض النوم الإفريقي.

الآلية الإمراضية لداء النوم

تتواجد المثقبيات في المجرى الدموي واللمفاوي وتعبر بعد ذلك إلى السائل الدماغي الشوكي حيث تتمايز المثقبيات ضمن هذه السوائل.

في بداية الخمج يقوم الجهاز المناعي بالدفاع عن الجسم ويقضي على عدة أمواج من الخمج، ولكن الخمج هنا متعدد (يحتاج لعدة لسعات) فيظهر الخمج من جديد ويستطيع عندها الطفيلي بشكل خاص المثقبية االغامبية مقاومة الجهاز المناعي من خلال تغييره لمستضده السطحي بتغيير التركيب الكيميائي لغطائه السكري البروتيني Glycocalyx  ويعتقد أن لهذا الطفيلي القدرة على تغيير بنيته المستضدية Variant Antigenic Types (VATs)  لأكثر من 1000 شكل وبالتدريج يتم استنزاف قدرة الجهاز المناعي على الاستجابة إضافة للصعوبة في البحث وتطوير لقاح يؤمن حماية دائمة.

يتميز الشكل الحاد بوجود الأشكال الممشوقة والطويلة من الطفيلي فيما يتميز الشكل المزمن بوجود الأشكال الغليظة القصيرة.

يميل الشكل الروديسي وهو الشكل الأكثر خباثة ليشمل عدد من الحيوانات اللاحمة والحيوانات الأهلية ويأخذ 2-6 اشهر،  أما الشكل الغامبي فهو أكثر أزماناً ويصيب الخنازير وبقر الوحش.

يتميز الشكل الغامبي عن الروديسي أيضاً بأن الأعراض الناجمة عن الإصابة بالغامبي تتطور ببطء وقد يحتاج ظهور الأعراض العصبية عدة سنوات، أما في الشكل الروديسي فإن التطور يحدث بسرعة أكبر وتظهر المراحل الثلاث للأعراض السريرية خلال 3-6 أشهر وقد يموت المريض خلال 6-9 أشهر إذا لم يُعالج.

الأعراض السريرية ل داء النوم 

أولى علامات الخمج بالمثقبات ( داء النوم ) هي القرحة المثقبةوالتي وتظهر بعد 4_5 أيام من لدغة الذبابة ثم يمر المرض بثلاثة أطوار:

  • الطور اللمفي :

وتتضمن حمى وضخامة عقد لمفية “علامة وينتربوتوم ” و ضخامة كبد وطحال والعلامات الجلدية وأهمها الحكة والوذمات في الوجه.

  • الطور السحائي الدماغي :

اضطرابات حسية “علامة كراندل” واضطرابات نفسية واضطرابات النوم بالإضافة الى الاضطرابات الحركية .

  • الطور النهائي من الدنف الوسني :

يدخل المريض في نهايته بسبات عميق ويحدث الموت نتيجة حدوث الاخماج أو الاختلاطات الكلوية أو القلبية الوعائية .

المرحلة الجلدية

تظهر الآفة الجلدية مكان اللسع في غضون 1-2 يوم بعد الحقن والتي تتظاهر بعقيدة محاطة بمنطقة محمرة صلبة بحدود بـ 1-5سم وضخامة عقد لمفاوية قريبة، هذه الآفة  تخلف ورائها بعد أن تتراجع ندبة ناقصة الصباغ.

لا تظهر هذه الآفة الجلدية في جميع حالات الإصابة تتواجد في 30% فقط من الحالات، وقد تُخمج هذه الآفة الجلدية بخمج ثانوي الأمر الذي ينتج عنه ضخامة عقد لمفاوية غير مؤلمة وتترك الندبة وراءها تقرح وندبة أكبر.

المرحلة الدموية اللمفاوية

تبدأ هذه المرحلة عادة بعد مرور حوالي ستة أشهر تقريباً على المرحلة الأولى ويمكن أقل من ذلك.

بعد اجتياح الدم والعقد اللمفية من قبل الطفيلي يبدأ الخمج بالصداع والحمى الغير منتظمة مع ضخامة عقد لمفاوية، ثم يتظاهر  بالتعب والوهن والإرهاق الشديدوازدياد التهيجات العصبية والنفسية والشعور باللامبالاة وازدياد الرغبة في النوم واضطراب في المنعكسات العصبية.

علامة Winter Bottom: تتمثل بضخامة العقد اللمفاوية وخصوصاً العقد الرقبية الخلفية وهي تظهر بشكل متميز عند الإصابة بالنوع الغامبي وهناك بعض الأعراض العصبية كارتعاش اللسان والأجفان.

المرحلة السحائية الدماغية:

تتميز بعبور الطفيلي للحواجز الوعائية الدماغية ووصوله إلى الدماغ،  وتتظاهر هذه المرحلة بمايلي:

بزيادة الخمول وفقدان الشهية وزيادة فترة النوم وتتلخص أعراض هذه المرحلة  بمايلي:

  • بفقدان الشهية (قهم ونقص وزن سريع).
  • بفقر الدم الناتج عن سوء التغذية.
  • بالنعاس وزيادة فترة النوم.
  • بالغيبوبة غير القابلة للانعكاس.

تشخيص داء النوم 

في الطور اللمفي الدموي :

تعداد الدم العام حيث يظهر فقر دم وزيادة في البيض ،زيادة الغلوبولينات المناعية ونقص الالبومين وارتفاع سرعة التثفل وارتفاع البروتين الارتكاسي.
أما في الطور السحائي الدماغي :

يبدي فحص السائل الدماغي الشوكي زيادة في البيض على حساب اللمفاويات مع وجود خلايا مصورية.
بالإضافه الى الكشف المباشر عن الطفيلي في الدم والسائل الدماغي الشوكي وسائل بزل العقد اللمفية .

و يتم التشخيص  بالاعتماد الخطوات التالية :

  • الصورة السريرية من علامات عصبية ضخامات عقد لمفية رقبية وعلامة Winter Bottom.
  • فحص اللطاخة الدموية وقد تكون غير مشخصة أحياناً فنلجأ للخطوة التي تليها.
  • البحث عن الأضداد النوعية في الدم.

إن الخطوات الثلاثة تؤمن تشخيص حوالي 80% من الحالات.

يتم بأخذ عينات من الدم أو السائل اللمفاوي أو السائل الدماغي الشوكي وإجراء لطخات سميكة ورقيقة تصبغ بصبغة غيمزا لتُفحص تحت المجهر.

يفضل دوماً أن تُؤخذ العينات أثناء الترفع الحروري نتيجة ارتفاع تركيز الطفيلي في الدم خلال ذلك الأمر الذي يزيد من إيجابية الاختبار.

علاج داء النوم 

السورامين Suramine (ذو آثار جانبية خطيرة) لا يخترق الحاجز الوعائي الدماغي يعطى خلال المرحلة الدموية اللمفاوية (حقن داخل الوريد). خلال المرحلة اللمفية الدموية فإنه يوصى بستة حقن داخل الوريد بفاصل  (3 ) أسابيع.

الميلارسبورول Melarsporol يستخدم عند ظهور الأعراض العصبية وهو من مركبات الزرنيخويعطى لعدة أسابيع.

داي فلورو ميتيل أورنثين Difluoromethylornthine وهو دواء جديد قيد الاستعمال.

الوقاية من داء النوم :

  • القضاء على المستودع الحيواني للطفيليات.
  • معالجة الحالات المصابة.
  • القضاء على الثوي الناقل.

اترك تعليقاً