المتكيسة الرئويةالكارينية بالإنجليزية PNEUMOCYSTIS اكتشفت في عام 1909 من العالم شاغاز Chagas بشكل خاطىء شرح الكائن الحي على أنه من المثقبيات .
و في عام 1910 قام العالم كاريني Carini بعزل هذا الطفيلي من رئة خنزير غينيا في البرازيل وسمي الطفيلي بعد ذلك باسمه .
وبعد عدة سنوات ميز العالم Delanoes المتكيسة كجنس ونوع منفصل. أول حالة إصابة إنسانية بهذا الطفيلي اكتشفت في عام 1942.
[toc]
دخلت المتكيسة الرئوية الكارينية الاهتمام الطبي عندما تورطت كسبب للالتهاب الرئوي الخلالي بالخلايا البلازمية عند الرضع الموهنين في أوروبة الوسطى والشرقية بعد الحرب العالمية الثانية.
وفي الستينات أصبحت المتكيسة معروفة كسبب هام لإلتهاب الرئة عند المرضى منقوصي المناعة والازدياد المفاجىء في حدوث داء المتكيسات الرئوية المتعلق بمتلازمة عوز المناعة المكتسبة ( الإيدز) في الثمانينات أشعل من جديد الاهتمام بالمتكيسة الرئوية الكارينية كمشكلة صحيةكبيرة و عامة.
في البداية صنف هذا الطفيلي على أساس أنه نوع من الفطور اعتماداً على تحليل الصبغيات والمتقدرات فيه.
و كان تصنيف المتكيسة الرئوية الكارينية لفترة طويلة مسألة خلاف، فمعظم الباحثين صنف الكائن الحي كعنصر من الأوالي مستندا على الصفات الشكلية ونقص النمو على المنابت الفطرية والحساسية للأدوية المضادة للأوالي.
ورغم ذلك، فقد تم اعتمادها مؤخراً من الفطور حسب المعلومات الوراثية الجزيئية التي بينت أن المتكيسة الرئوية متعلقة كثيرا جدا بالفطور، هذه المعلومات استندت بشكل كبير على تحليل سلاسل النكليوتيدات ل RNA الريبوزومي والإنظيمات الأساسية وبروتينات الأجسام المتقدرة.
الدراسات أظهرت أيضا أنه وبشكل مشابه للفطور جينات المتكيسة المرمزة لبعض الإنظيمات المحددة ومنها (DHFR)Dihydrofolate reductase والإنظيم الصانع للثيمين تستقر على صبغيات مختلفة، وهذا مخالف لما هو موجود في الأوالي، والتي فيها سلاسل المورثات لهذين الإنزيمين توجد على جين مفرد، تقرير حديث آخر وجد أن المتكيسة الرئوية الكارينية تمتلك عامل التطاول 3 (عامل يُحتاج لتصنيع البروتينات والذي يوجد في الفطور لكنه لا يوجد في الأوالي.
وبناء على ما ورد فقد أعيد تسميتها إلى المتكيسة الرئوية الجيروفيسية P. jirovecii عوضاً عن التسمية القديمة وهي المتكيسة الرئوية الكارينية Pneumocystis Carini الذي ترك حالياً ليشير إلى المتكيسة الرئوية عند الحيوانات، jirovecii هو اسم العالم الذي حدد سبب ذات الرئة بالخلايا البلازمية عند الوليد.
نسبة الانتشار المصلي عالية جداً فحوالي 75 % من الأطفال يحملون أجسام مضادة لهذا الطفيلي، و 60% من مرضى الايدز مصابين .
الصفات الشكلية للمتكيسة الرئوية الكارينية
هناك ثلاث مراحل (أشكال) تطورية للمتكيسة الرئوية
الشكل الأتروفي (الناشط):
يتراوح قطرها 2- 8 ميكرون، وتظهر على شكل شبكة مليئة بالثقوب ذات نواة تشبه النقطة وهناك فراغات سداسية الشكل. تتلون بصبغة غيمزا وتعطي لوناً أحمر للنواة وأزرق للهيولى.
تتواجد النواشط خارج الخلايا مرتبطة بالخلايا السنخية الرئوية ذات محفظة بثخانة 10 – 40 نانومتر وتتضمن غشاء قاعدياً وطبقة خارجية عاتمة الكترونياً. تأخذ النواشط شكل أميبي مع نواة مركزية مفردة غالباً، يظهر في السيتولاسما ريبوزومات ومتقدرات وشبكة اندوبلازمية وحبيبات متنوعة حجماً وتكويناً، تتجول النواشط إلى الشكل الكيسي خلال مرورها عبر الطريق التنفسي.
الشكل قبل كيسي:
يأخذ الطفيلي شكل بيضوي بحجم 3- 5 ميكرون، وتظهر المتقدرات فيه متكدسة في الهيولى، ويثخن جدار المحفظة ليبلغ 40- 120 نانومتر ويزداد عدد النوى ليبلغ ثمانية.
الشكل الكيسي:
يقدر قطره ب 4- 6 ميكرون، تبدو على شكل هلالي يتضمن أجساماً على شكل الفاصلة وتتوضع في الطبقة الداخلية بجدار الكيسة وهي محبة للفضة، يحاط الكيس بجدار ثخين 70 – 120 نانومتر، مؤلف من ثلاث طبقات غشاء قاعدي بلاسمي وطبقة متوسطة نيرة الكترونياً وطبقة خارجية عاتمة الكترونياً
يحنوي الكيس الواحد عل 8 حيوانات بوغية على شكل زهيرة، وتبدو الحيوانات البوغية بشكل عناقيد من النوى ومحاطة بجدار غير مصبوغ، وذات قطر من 1-2 ميكرون. تتلون الكيسة بصبغة Comori methenamine silver .
لقد أظهرت الدراسات الكيميائية الحيوية أن جدار المتكيسة يحتوي على الغالاكتوز galactose والمالتوز وN- أستيل غالاكتوز أمين N acetylgalactosamine وB1، 3 غلوكان ( B-1,3 Glucane)، وهذا الأخير جعلها تتأثر ب Echinocandins (مضاد للفطور).
دورة الحياة للمتكيسة الرئوية الكارينية
لم يعرف إلا القليل عن دورة الحياة، والمعروف منها فقط الطور الداخل رئوي فقط، والتي تبدأ بدخول الأكباس المتضمنة ثماني أنوية وذلك عبر الاستنشاق، إلى الأنسجة الخلالية للرئتين وأسناخها حيث تتمزق هناك ليتحرر منها ثمانية أتاريف أحادية الصيغة الصبغي (haploid) Trophozoites التي تلتصق بجدران الخلايا السنخية، تتكاثر تلك الأتاريف بثلاث طرق. الأتروفة A بطريق الالتحام (الحماع) Copulation، الأتروفة B بالانقسام الثنائي Binary fission أو التبرعم Budding، والأتروفة C بالتنشؤ الداخلي Endogoney، لينتج بالمحصلة أتاريف ثنائية الصيغة الصبغية (Diploid) Trophozoites وتدعى بالبيضة الملقحةZygot ، تدخل تلك الأتاريف مرحلة التبوغ Sporogony، وتبدأ بتشكيل طور ما قبل كيسي مبكر Early precyst يملك نواة ثنائية الصيغة الصبغية، تبدأ بإنقسام منصف Meiosis I ثم II لتعطي طور قبل كيسي متوسط Intermediate precyst يمتلك نواتين أحادية الصيغة الصبغية والتي تدخل بإنقسام فتيلي Mitosis لتعطي كيسة بأربعة أنوية تتطور لتعطي طور ما قبل كيس متأخر Late precyst ذو الأجسام الثمانية الداخل كيسية Intracystic bodies، والتي تحاط بجدار ثخين لتشكل الكيسة ذات الثمانية أنوية.
العدوى بالمتكيسة الرئوية الكارينية
تتم عبر الطريق التنفسي من إنسان إلى إنسان أو من الحيوانات كالكلاب.
الآلية الإمراضية للإصابة ب المتكيسة الرئوية الكارينية
إن توضع الأشكال الناشطة على جدران الخلايا السنخية يؤدي إلى ضمور في الخلايا السنخية إضافة إلى حدوث ارتشاحات بالخلايا الحامضية واللمفاوية والبلازمية خاصة لذلك تسمى الإصابة بذات الرئة Pneumonia بالخلايا البلازمية.
الأعراض السريرية للإصابة ب المتكيسة الرئوية الكارينية
يُعرف القليل عن المدة التي تبقى فيها المتكيسة الرئوية الكارينية بعد إخماد الثوي، لقد افترض بعض الباحثين أن الكائن الحي يصبح جزءاً من الفلورا الداخلية للثوي ويبقى خامداً لمدة طويلة من الوقت، عند إثارة نقص المناعة فإن الكائن الحي يتكاثرويسبب التهاب الرئة بتحريض الإنتان الخامد، في بعض المؤسسات خطر تطور داء المتكيسات الرئوي بين مرضى السرطان كان متعلقاً بنمط أو شدة المعالجة الكيميائية، ووفقاً لهذا ليس من الضروري عزل المرضى المصابين بداء المتكيسات الرئوي في أماكن الرعاية الصحية.
يعتقد باحثون آخرون أن الإنتان بالمتكيسة هو إنتان عابر، يأتي من خلال التعرض المستمر لمصادر الكائن الحي خلال حياتهم، ويبقى المرضى المصابين بداء المتكيسات الرئوي الفعال يشكلون خطراً على أثوياء آخرين منقوصي المناعة ولهذا يجب أن لا يتعرضوا لهم بشكل مباشر ومستمر.
فترة الحضانة للإصابة ب المتكيسة الرئوية الكارينية
قدرت من خلال دراسة مرضى الايدز بأنها تصل ل 4-8 أسابيع ويبدو أن خطر تطور داء المتكيسات الرئوي في مرضى الإيدز متعلق بشكل مباشر بعدد الخلايا CD4، وعد 200 خلية / ملم3 له قيمة تنبؤية بالإصابة.
عموماً الإصابة عند الأشخاص ذوي المناعة الطبيعية لا عرضية، بينما عند المرضى مثبطي المناعة والخدج وناقصي التغذية الإصابة عرضية، وغالباً ما ينتهي الخمج بذات رئة مميتة وخصوصاً عند مرضى الإيدز في حال عدم المعالجة، وعند إصابة الأطفال الخدج بهذا الطفيلي فإن نسبة الوفيات عالية جداً ايضاً وقد تصل 50%.
الأعراض الأساسية الموجودة لإلتهاب الرئة بالمتكيسة الكارينية في الأثوياء مثبطي المناعة هي ضيق النفس والحمى والسعال غير المنتج عادة والمنتج أحياناً، مع نفث الدم نادراً، وألم صدري أحياناً، وتدوم من أسابيع إلى أشهر.
في الفحص الفيزيائي يوجد تسرع قلب وتسرع تنفس عند المصابين بمرض حاد . يمكن أن يبدي الأطفال زراقاً وتوهج جناحا الأنف وانكماشات وربية في الخمج الشديد . إن إصغاء الرئة عادة غير مفيد مع أنه يمكن أن تسمع الخراخر في ثلث البالغين المصابين بالمرض . تظهر الصورة الشعاعية للصدر امتداد رشاحات منتشرة ثنائية الجانب بشكل كلاسيكي على محيط الرئة.
تشخيص المتكيسة الرئوية الكارينية
يعتمد التشخيص على :
- على تحديد الطفيلي في الخزعة الرئوية والمفرزات القصبية من قشع أو رشافة من المفرزات القصبية وهي الأفضل للتشخيص، ومن الصبغات المستخدمة في التشخيص صبغة Comori methenamine silver التي تظهر الكيسات بلون أسود أو فضي قاتم فيها ثمانية أبواغ، ويمكن استخدام صبغة غيمزا أو الصبغة المقاومة للحمض الدورية periodic-acid schiff.
- على استخدام الاختبارات المصلية المعتمدة على التألق المناعي والتي تستخدم أجسام مضادة أحادية النسيلة Monoclonal antibodies.
- على استخدام سلسلة التفاعل البوليميرازي .C.R
- على الأعراض السريرية والشعاعية (الارتشاحات الرئوية المنتشرة) ونقص الأكسجة.
علاج المتكيسة الرئوية الكارينية
يستخدم السلفاميتوكسازول مع الترايميتوبريم Sulfamethoxazole + Trimethoprim. أو بنتاميدين Pentmedine بالحقن أو بشكل أرذاذ، أو دابسون مع ترايميتوبريم Dapsone plus Trimethoprim ، أو اتوفاكيون Atovaquon، بريماكوين مع كلندامايسين Primaquine plus Clindamycin، كل العلاجات السابقة تعطى لمدة 21 يوماً.