داء الكيسات المائية hydatid-cyst ( اسباب , أعراض , تشخيص وعلاج )

الكيسات المائية

داء الكيسات المائية  الذي تسببه دودة المشوكة الحبيبية ECHINOCOCCUS GRANULOSUS   

وصفت هذه الدودة لأول مرة من أبو قراط، وقد قام العالم Goez عام 1782بدراسة علاقة هذا الطفيلي بالشريطيات من خلال دراسته لرؤوس هذه الدودة .هناك عدة أنواع من الديدان  المشوكة لكن سنبحث هنا المشوكة الحبيبية والتي تسمى أحياناً بشريطية الكلب الصغيرة وهي ذات أهمية خاصة لأنها ذات  انتشار واسع في سورية وتسبب داء الكيسات العذارية (الكيسات المائية).

[toc]

الوبائية والانتشار ل داء الكيسات المائية  

الطفيلي واسع الانتشار عالمياً لكنه يكثر في البلدان التي تربي الأغنام فنجدها في أفريقية ومنطقة الشرق الأوسط وحوض المتوسط وأوربة الجنوبية وآسية وأمريكة الجنوبية، وتكثر الإصابة في المناطق التي تستخدم الكلاب وخصوصاً الأرياف وغالبا ما تكتسب الإصابة أثناء الطفولة نتيجة اللعب مع الكلاب أو شرب الماء الملوث أو تناول الأغذية الملوثة ببراز الكلب أو الاحتكاك بها ضمن الاستخدام الصناعي لها (دباغة الجلود).

  • الثوي النهائي

 الحيوانات اللاحمة (الكلبية والهرية) وجميع الحيوانات التي تتغذى على المواشي (الكلاب خاصة)

  • الثوي المتوسط

إلى الخراف والمواشي بالإضافة إلى الإنسان وفي حال إصابة الإنسان لا تكتمل عادة دورة الحياة.

  • مكان التوضع

تتوضع الكيسات العذارية عند الإنسان والمجترات بشكل رئيس في الكبد أو الرئة أو  الدماغ أو في أعضاء أخرى أو في عدة أعضاء لدى الثوي المتوسط بآن واحد، وفي الثوي النهائي تتوضع  في الأمعاء الدقيقة (خاصة العفج والصائم).

الصفات الشكلية:

الأبعاد:

يقدر طول الدودة بـ 2-9 ملم

العنق:

قصير .

الرأس:

صغير كروي مزود بأربعة محاجم ومنقار مجهز بصفين دائرين من الشصوص (الكلاليب) في كل صف 30-36 كلاباً.

الجسم:

يتكون الجسم الشريطي من ثلاث ونادراً من أربع أسلىت (قطع)، الأولى منها غير ناضجة والثانية ناضجة وتتضمن 45-65 خصية أما الثالثة فهي رحمية حاملة وهي أكبر العقد وأكبر واعرض من مثيلاتها في بقية الشريطيات،  تشكل حوالي نصف جسم الطفيلي ويكون الرحم فيها مفصصاً .

 

دورة حياة  المشوكة الحبيبية  والسنخية

تخرج البيوض مع براز الثوي النهائي ويقدر حجمها بـ 30x 38 ميكرون،  وتنتقل إلى الثوي المتوسط عن طريق التماس مع جلد الثوي النهائي المصاب المحتوي على البيوض، أو عن طريق تناول الطعام أو الشراب  الملوث بالبيوض.

بعد انتقال البيوض إلى الثوي المتوسط يتحرر منها في العفج الجنين سداسي الأشواك Oncosphere والذي يذهب إلى الأمعاء ويخترق جدارها حتى يصل إلى الأوعية الدموية واللمفاوية ثم إلى الدوران الدموي البابي ومنه إلى الكبد (المحطة الأولى)، حيث يستقر حوالي 60% من هذه الأجنة لتشكل فيما بعد الأكياس المائية الكبدية و25% من الأجنة يستقر في الرئة (المحطة الثانية) نتيجة انتشارها عبر الدورة الدموية الرئوية، كما يمكن أن تذهب إلى الدماغ والعظام والطحال والعين والكلية والقلب والعضلات.

 

ينقص عدد الأجنة نتيجة مهاجمتها من قبل البالعات لكن ما ينجو منها ويتطور بشكل تدريجي ويتحول إلى أكياس مملوءة بالسائل، تنمو الأكياس العذارية ببطء ويصل قطرها إلى حوالي 0.5–1 سم خلال 6 أشهر،  وتبقى حية حتى 10-20 سنة ويصل قطرها إلى 5- 20 سم. الكيسة المتشكلة  تثير حولها إرتكاساً نسيجياً، الأمر الذي يؤدي إلى تشكل محفظة ليفية حولها.  يعيش هذا الطفيلي البالغ  حوالي 5-12 شهر في أمعاء الثوي النهائي.

الكيسة العذارية Cysts  Hydatid:

تمتاز الكيسات العذارية بنموها البطىء وبأنها وحيدة الفجوة، ويصل حجمها لـ 20 سم ولكن وسطياً 1-7 سم، ويؤدي تفاعل الثوي أثناء نمو الكيسة إلى تشكل جدار كيسي من نسيج ضام ليفي، تتوضع تحته طبقتين:

  • طبقة خارجية Luminated

 وهو غشاء ابيض مصفح بدون نوى تبلغ ثخانته 1 ملم.

  • طبقة داخلية منتشة Germinal Layer

  تبلغ ثخانتها 10 -15 ميكرون  وتتكاثر وتفرز سائل الكيسة وينشأ عنها براعم صغيرة تدعى الحويصلات المنشئة.

تحتوي الحويصلات بداخلها على رؤوس الشريطيات التي يتراوح عددها  30-40 رأس، ومع الزمن تنفصل هذه الحويصلات عن الغشاء المنتش وتسقط ضمن سائل الكيسة مشكلة الرمل العذاري والذي يتميز بخاصية السراية الشديدة إذ أنه يمثل مستضداً جيداً  وتحتوي الكيسة حوالي 2 مليون رأس ((Protoscolices.

سائل الكيسة رائق أبيض إلى الاصفرار يتضمن أملاحاً وبروتيناً مع  6.7 = PH.

يتألف الرمل العذاري من سائل الكيسة بالإضافة إلى الرؤوس. قد يؤدي فتح الأكياس أثناء الجراحة والتلوث بالرمل العذاري إلى حدوث الإرتكاس المرضي وهذه المادة محسسة جداً حيث أنها تحدث عدا الإصابة المرضية إصابة تحسسية Allergy قد تكون ممتية بالنسبة للشخص المخموج لذلك لا نلجأ إطلاقاً إلى بذل هذه الأكياس وإنما نقوم باستئصالها. هناك بعض رؤوس الشريطيات التي قد تتبرعم في الغشاء المنتش مباشرة .

إن رؤوس الكيسات العذارية المتوضعة عند الحيوانات المجترة والمتناولة من قبل  الكلاب تتحول في الأمعاء الدقيقة للكلاب إلى دودة شريطية كهلة خلال  6-7 أسابيع من العدوى.

يتم التكاثر داخل الكيسات الناضجة إلى أكياس أخرى، قد تتحرر الرؤوس من الكيسة الأم  لتذهب إلى أجزاء أخرى من الجسم، بعض الكيسات تكون عقيمة Sterile Cyst لا تنتج محافظ كيسية Brood Capsules وبعضها لا تنتج رؤوساً فتسمى عندها Accephalo Cyst .

 

الأعراض السريرية لداء الكيسات المائية

   تختلف الأعراض السريرية الناجمة عن هذا الطفيلي حسب توضع الآفة وحسب تعددها (عدد الكيسات العذارية) فقد نجد أحياناً إصابة كبدية وإصابة رئوية معاً أو قد نجد إحداهما فقط وفي عدد من الدراسات فإن التوضع يكون في حوالي 60% في الكبد و20% في الرئة و4% في الكلية و4% في العضلاتو3% في الطحال و3% في الأنسجة الرخوة و3% في الدماغو2% في العظمو1% في بقية كل الأماكن وحتى الثدي.

معظم المرضى يحملون كيساً عذارياً واحداً لكن في حوالي 20% من المرضى نجد أكياساً متعددة.

معظم الإصابات تحدث في سن الطفولة، ولكن لا تظهر الأعراض حتى سن متقدمة وهذا يعود للنمو البطيء للكيسات العذارية، والذي يتم خلال 10-20 سنة وفي النهاية تتكلس وتموت في جسم الإنسان. لكن قبل ذلك تضغط على الأعضاء والأنسجة المتواجدة ضمنها، وتخربها الأمر  الذي يؤدي لظهور الأعراض.

في الإصابة الكبدية:

يتأخر ظهور الأعراض وقد تبقى الإصابة بدون أعراض لمدة 5-20 سنة وخصوصاً عندما تكون الكيسة العذارية  صغيرة تكتشف صدفة أثناء التصوير بالأمواج فوق صوتية.

أما عندما تكبر الأكياس وتصبح ضاغطة تبدأ الأعراض بالظهور وتعتمد على مدى انضغاط النسيج الكبدي فتتراوح من ألم بطني (بدون كتلة مجسوسة) إلى كتلة مجسوسة أحياناً وقد تؤدي الكيسة إلى حدوث إنسداد صفراوي وبالتالي ظهور اليرقان، نصف الإصابات الكبدية تحدث في الفص الأيمن.

الإصابة الرئوية:

قد تكون الإصابة الرئوية لا عرضية، وعندما تصبح  الإصابة عرضية، فإنها تتظاهر بالسعال والنفث الدموي إضافة إلى الألم الصدري وعسرة التنفس، إن أغلب إصابات الرئة تحدث  في الفص السفلي للرئة اليمنى.

الإصابة العظمية:

 تتظاهر بوجود كيسات صغيرة تتطور لكيسات كبيرة مع الزمن وتحدث  يسمى الكسور المرضية وذلك في حال التعرض لأي رض  بسيط.

والجدير بالذكر أنه عند الإصابة العظمية لا تتطور عادة  الطبقة الخارجية المصفحة  بشكل جيد، لذا تهاجر الطفيليات عبر قنوات العظم وتحطم العظم فتسمى عندها بالأكياس داخل العظم Osseous Hydaid .

الإصابة الكلوية

تتظاهر بألم وبيلة دموية.

الإصابة العصبية

تتظاهر حسب مكان توضع الكيسة، وغالباً بالصداع وبأعراض صرعية واختلاجات وفقدان بصر.

الإصابة القلبية

خطيرة وقد  تذهب الكيسات المائية من القلب عبر الدم، وتطلق صمامات وخثرات مسببة حوادث وعائية دموية، أو قد تنفجر في القلب أحياناً مسببة غالباً صدمة مميتةً.

الإصابة التحسسية

عندما تنفجر الكيسات العذارية  في أي مكان من أماكن توضعها وتدخل مكونات الكيسة إلى المجرى الدموي، فإنها تؤدي إلى صدمة تأقية Allergy قد تكون مميتة، وتتمثل بترفع حروري وحكة وطفح جلدي وزلة تنفسية.

علينا ألا ننسى إمكانية وجود طيف واسع من الأعراض عند توضع الكيسات العذارية  في أعضاء أخرى من الجسم كالطحال والعين والعضلات.

تشخيص داء الكيسات المائية

 يعتمد على:

  • التصوير الشعاعي: حيث نرى على الصورة البسيطة  تكلسات في أماكن الإصابة وهي تمثل أماكن توضع الأكياس أو عبر الأمواج فوق الصوتية Echography  التي تعتبر الوسيلة الأفضل في التشخيص حالياً إضافة إلى التصوير الطبقي المحوري.
  • فحص القشع: يفيد بعد التشخيص الشعاعي للآفات الصدرية حيث يمكن رؤية رؤوس الشريطيات في القشع بعد صبغها بصبغة زيل نلسن .
  • الاختبارات الجلدية (إختبار كازوني Casoni test) الذي قدمه العالم كازوني عام 1911 من خلال حقن حوالي 0.2 سم من محتويات الكيس العذاري بعد فلترتها وذلك في أدمة جلد الساعد فيما يحقن سائل فيزيولوجي في الساعد الآخر، وتظهر النتيجة الإيجابية بتوسع الحطاطة التي تشكلت في منطقة الحقن وإعطائها شكل أرجل بحيث يصل قطرها إلى 5 ملم خلال 20-30 دقيقة، يتصالب هذا الاختبار مع داء المنشقات. الحساسية عالية في هذا الاختبار لكن النوعية متدنية لذا فإن السلبية في هذا الاختبار أكثر أهمية من الايجابية، وحوالي 18% من النتائج الايجابية كاذبة .
  • الاختبارات المصلية التي تستخدم مستضدات المشوكات الحقيقية أو الماشوبية Recombinant Antigen والتي تكون ذات نوعية أفضل للتشخيص، من هذه الاختبارات :

 

  • اختبارات التراص غير المباشر وهي ذات حساسية ب 80% ونوعية 100% إيجابية خصوصاً  في الإصابات الكبدية وأقل من ذلك في الإصابات الرئوية , علماً أن مستوى الأجسام المضادة ينخفض بعد الاستئصال الجراحي أو تكلس الأكياس.
  • تثبيت المتممة وهو تفاعل غير حساس ويعطي إيجابية كاذبة عند المرضى الذين تلقوا لقاح الكلب، إلا هذا الاختبار مفيد في سلبيته التي يعطيها بعد الاستئصال الجراحي للكيسة.
  • وهناك اختبارات مصلية أخرى تعتمد على مبدأ اختبار التراص اللاتكس والرحلان المناعي الذي يستخدم المستضد الخامس من سائل الكيسة والتألق المناعي واختبار الإليزا للمستضد EM2 وهي ذات حساسية عالية.

وحديثاً هناك اختبارات  تعتمد على الطرق التحليلية  الجزيئية من سبر لـ DNAوPCR وهي الأكثر حساسية ونوعية.

بشكل عام لا نلجأ إلى أخذ الخزعة النسيجية لأن ذلك يؤدي لانتشار الإصابة من خلال التلوث بالرمل العذاري أو حدوث صدمة تأقية تقتل المريض.

علاج داء الكيسات المائية

  • غالباً جراحي مع المشاركة الدوائية وذلك في حال كانت الإصابة قابلة للجراحة مفردة محدودة رئوية أو كبدية ضاغطة أو في أماكن أخرى،  حيث تحقن الكيسة قبل إستئصالها بنترات الفضة 0.5% أو بالفورمول 10% أو اليود المائي أو بسائل ماحي مفرط التوتر 30% أو كحول 95% لمدة 30 دقيقة وذلك لقتل النسيج المنتش والرؤيسات ومحافظ الأنسال  وهذه العملية تسمى التوخيف Marsupilization،  ثم تستأصل الكيسة  بحرص شديد لمنعها من الانفجار ويعطى المريض العلاج الدوائي المتمثل بمركيات البندازول  Albendazole أو الميبندازول Mebendazol أثناء العمل الجراحي وبعده على شكل أشواط كعلاج وقائي. وفي بعض الدراسات وكبديل عن الجراحة  تم اللجوء إلى حقن الكيسة  بالالبندازول لمدة 12 ساعة ثم يشفط جزء من الكيسة  ثم تحقن بالكحول أو Cetrimide.
  • العلاج الدوائي بمركيات البندازول Albendazole  أو الميبندازول Mebendazol أو برازي غوانتيل Praziquantel، عندما تكون الإصابات متعددة وصغيرة وغير قابلة للجراحة كأن تكون في العظام، تعطى الأدوية المذكورة  لفترات زمنية طويلة وذلك وفق أشواط علاجية تأخذ 28- 30 يوماً وبمعدل 3-5 أشواط مع إجراء المراقبة بالأمواج فوق صوتية لمعرفة حجم الكيسات وتقدير الاستجابة.

الوقاية من داء الكيسات المائية 

الوقاية من داء الكيسات المائية تتم بـ

  • تجنب التماس والاحتكاك بالكلاب المخموجة ولاسيما من قبل الأطفال .
  • تجنب تماس الأطعمة والمياه ببراز الحيوانات اللاحمة المصابة.
  • تجنب إطعام الكلاب لحوم المواشي المخموجة .
  • محاولة القضاء على الكلاب الشاردة وعلاج الكلاب الأليفة.
  • علاج المواشي والمجترات وخاصة الخراف.

اترك تعليقاً