الشلل فوق النووي المترقي Progressive supranuclear palsy

الشلل فوق النووي المترقي

الشلل فوق النووي المترقي Progressive supranuclear palsy بقي مبهماً لفترة طويلة في الماضي، ولا تعتبر هذه الحالة نادرة.

وقد أظهرت بعض المجموعات الحدوث العائلي للمرض، والتي أشارت إلى أنّ المرض ينتقل بعوامل وراثية جسمية مسيطرة.

وضع العالم روجو ومساعديه 12 شجرة وراثية مثبتة، ووضعوا ملاحظاتهم عن اختلاف الأنماط الظاهرية في التعبير عن العامل المتهم بالمرض.

[toc]


التظاهرات السريرية للشلل النووي

  • لهذا المرض بداية نموذجية في العقد السادس، وسطياً 45- 75 سنة، ويختلط ببعض الصعوبة بالتوازن، السقوط المفاجىء، اضطرابات بصرية وعينية (تعطي المتلازمة اسمها)، يصبح الكلام متداخل، وتتطور عسرة البلع، وفي بعض الأحيان تتطور التغيرات المبهمة في الشخصية كالقلق والخوف والتململ الذي يعكس الاكتئاب الهياجي.
  • تُعتبر اضطراب المشية والسقوط غير المفسر بدون فقدان الوعي، هي التظاهرات الأشيع والأبكر ظهوراً، يعاني المريض من صعوبة في وصف عدم توازنه مستخدماً مصطلحات مثل الدوار، الوقوع، أو مشكلة مبهمة في المشي.
  • قد لا يكشِف الفحص العصبي والبصري شيئاً في البداية، وربما تحتاج المتلازمة لسنة أو أكثر حتى تتكامل مظاهرها،التي تشمل الشلل العيني فوق النووي، الشلل البصلي الكاذب، واضطراب المقوية المحوري.
  • تظهر صعوبات حركات العين العمودية للأسفل غالباً، ولكن في بعض الأحيان فقط للأعلى، ثم تتأثر الحركات بجميع الاتجاهات، كذلك حركات الطرف الإرادية.
  • لاحقاً تتراجع حركات المتابعة العينية، وتفقد في النهاية جميع حركات العين الإرادية، بداية العمودية ثم الأفقية.
  • على كل حال، إذا أدير الرأس مع تثبيت العين على هدف ما، يمكن عندها الحصول على الحركات الكاملة وببطء، كتظاهرة لا شللية للشلل فوق النووي.
  • توجد علامات عينية أخرى مسيطرة، كالرعشات المفاجئة للعين أثناء التثبيت (الدوولاب المسنن)، أو الرمش المتقلب للحركات المتابعة، نقص حركات الرمش لفترة طويلة (Troost and Daroff).
  • هناك بعض العلامات المميزة مثل ظاهرة بيل (الانقلاب الانعكاسي للعين لدى محاولة إغلاق الأجفان بالقوة)، والقدرة على التلاقي بنقطة واحدة، والتي غالباً ما تغيب مع تقدم المرض.
  • كذلك تبدوا الحدقات أصغر، ولكنها تبقى مدورة ومتفاعلة مع الضوء والمنبهات الخارجية، قد يحدث الشتَر في الجفن العلوي، ويعطي منظر العين الواسعة غير الرامشة المحدقة منظر المفاجأة الدائمة.
  • في بعض الحالات يكون تشنج الجفن وإغماض العين اللاإرادي هو العرض المسيطر، وفي المراحل المتقدمة تتثبّت العينان مركزياً وتفقد جميع المنعكسات العينية الدماغية والدهليزية.
  • على كل حال يجب الإشارة إلى أن نسبة من المرضى لا يظهرون هذه العلامات بوضوح حتى سنة أو أكثر على بداية المرض.
  • تمّ متابعة العديد من المرضى ممن لم تظهر لديهم اضطرابات في حركة العين خلال حياتهم، ولكن وجدت لديهم تغيرات مرضية نوعية للشلل فوق النووي المترقي، في مريض من هؤلاء وجد لديه خرف تحت قشري، وفي آخر اضطراب مقوية بؤري في الطرف مع باركنسونية.
  • على كل حال، قد يظهر اضطراب الحملقة العمودي فوق النووي في العديد من الحالات التنكسية الأخرى، ولكن ليس إلى الحد الذي الذي نجده في ال PSP، قد تكون هذه الحالات هي التنكس القشري القاعدي، داء جسيمات لوي، داء باركنسون أو داء ويبل.
  • أظهر اضطراب المشية والسقوط المتكرر لدى المرضى صعوبة في التحليل، فقد أصبح المشي أكثر صعوبةً وبدائية بالتدريج، وأصبح لدى المريض ميل للتمايل والسقوط المتكرر، ولكن بدون رنح المشية أو رنح الأطراف، لأن تظهر علامة رومبرغ أو الرعاش الانتصابي.
  • ويميل بعض المرضى للاستناد أو السقوط للخلف (اندفاع خلفي)، حتى الآن لم يشر الفحص الدقيق إلى علّة واضحة حول ظاهرة السقوط.
  • بالترافق مع اضطراب التوازن والحركات العينية، توجد صلابة مترقية تدريجياً وبسط للعنق (أحد المرضى كان منثني بشدة بطريقة ثابتة كانعطاف الجذع التشنجي)، ولكنّها موجودات متغيرة، يكتسب الوجه منظر التحديق مع ثنية في الحاجب (كنتيجة للتقلصات التشنجية للعضلة الناحلة)، والتي تصبح أكثر ملاحظةً مع ندرة الحركات العينية.
  • أظهرعدد من المرضى عسر مقوية خفيف موضع في اليد أو القدم، خاصة في الحالات المتقدمة من المرض، رغم أنها قد تكون باكرة في بعض الحالات، تكون الأطراف متصلبة بشكل خفيف وعلامة بابنسكي موجودة.
  • إنّ وجود الصلابة وبطء الحركة، الصعوبة في الاستدارة والجلوس ونقص التعابير، جميعها تقترح تشخيص باركنسون.
  • على أي حال فإن التعابير الخاصة بالشلل فوق النووي المترقي، هي عبارة عن تكشيرات توترية أكثر من كونها نقص بالحركة ونقص رجفان، وضعية الانتصاب أكثر من وضعية الجمود، بالإضافة إلى أن الاضطرابات الحركية للعين تساعد على التمييز بين المرضين.
  • تكون علامات الشلل البصلي الكاذب مسيطرة في النهاية، وهذه التظاهرة بالإضافة للأعراض العينية تميز المرض بشكل واضح عن حالات التنكس الأخرى.
  • يصبح الوجه أقل تعبيراً والكلام مضطرب ذو طابع شللي، حيث يميل الفم لأن يبقى مفتوحاً، والمضغ صعب ويظهر ضحك أو بكاء تشنجي، والذي يقال أنه غير شائع رغم وجوده في حوالي نصف المرضى المدروسين.
  • يشكو العديد من المرضى من اضطراب النوم، ينقص وقت النوم الإجمالي وتنقص مرحلة ال REM، يزداد الاستيقاظ العفوي خلال الليل، ويصبح لفترة أطول إذا ما قورن بالأشخاص من نفس العمر.
  • تزداد في الحالات المتطورة من المرض الشكوى من الإلحاحية البولية، وازدياد عدد مرات التبول.
  • يواجه التشخيص صعوبة في اتخاذ القرار، عندما لا تكون التظاهرات الرئيسية للمرض بارزة.
  • ومن التظاهرات الأخرى التي تلاحظ ببعض الحالات: الرجفان، اللجلجة، الرمع العضلي، الرقص، عسر الحركة الفموي الوجهي، واضطرابات الوظيفة الدهليزية، وفي النهاية يتطور لدى المريض الحبسة الكلامية والعجز التام.
  • توجد درجات من الخرف في معظم الحالات، ولكنها غالباً خفيفة، فبعض المرضى يصبحون كثيري النسيان، لا مبالين وبطيئي التفكير، ويبدي العديد نَزَقاً، وفي بعض الأحيان قد يظهر لديهم الشمق.
  • اقترح Dubois وزملاؤه أن علامة التصفيق مميزة للمرض، حيث أنّ المريض يخفق في التوقف عن التصفيق بعد أن نطلب منه ذلك لثلاث مرات، ولكننا غير قادرين أن نؤكد ذلك.
  • يمكن للطبيب بواسطة المرنان أن يصوّر في بعض الحالات ضمور الدماغ المتوسط الظهري (الأكيمات العلوية، النوى الحمراء)، والتي تعطي ارتفاع يشبه (أذن الفئران)، ولكن قد لا يوجد الدليل على هذه التغيرات.
  • اقترحت العديد من المقاييس كضمور الدماغ المتوسط مثلاً، هناك القليل من التداخل بين ال PAP والضمور الجهازي المتعدد وداء باركنسون، وبين نسبة منطقة الجسر من الدماغ المتوسط والخط السهمي.
  • يبقى السائل الدماغي الشوكي طبيعي، بالرغم من ذلك يبقى الاعتماد بالتشخيص على التظاهرات السريرية بشكل أساسي سيّما اضطراب الحركات العينية.

الإمراضية في الشلل النووي المترقي

  • كشف فحص الجثث عن فقدان بالعصبونات والخلايا الدبقية ثنائي الجانب في المادة الرمادية المحيطة بالمسال، الأكيمة العلوية، النواة تحت المهادية، النواة الحمراء، الكرة الشاحبة النواة المسننة، النواة الدهليزية، وعند البعض في النواة المحركة للعين، ولوحظ التنكس العصبي الليفي في العديد من العصبونات المتبقية.
  • تكون الحبائك العصبية الليفية سميكة، وغالباً تتضمن حزم مفردة إما ملتوية أو متوازية، قد تكون عصبونات القشر الدماغي متضمنة في بعض الحالات (تشاهد بلطاخة تاد البروتينية)، ولكن هذه التغيرات لا يمكن ربطها بالعته.
  • ما تزال أسباب وطبيعة هذا المرض غامضة، تظهر دراسات (PET) انخفاض الجريان الدموي بوضوح، وأكثر ما يشاهد في الفصين الجبهيين وبدرجة أقل في البنى المركزية.
  • التشكلات الدوبامينية المخططة والتخزين ناقص بشكل هام، مقارنةً مع قيم التحكم.
  • والاهتمام الأكثر يوجَّه حالياً مباشرةً نحو الحبائك الليفية العصبية، ترسبات (تاو) في PSP والعلاقة الكامنة بين (تاو) وإمراضية الخرف الجبهي الصدغي وتنكس النوى القشرية القاعدية.
  • وكما وُصف من قبل (غولب)، المورثة المسؤولة عن تاو أو مورثة الأنماط الفردية موجودة على الصبغي 17q، وهو نفس الموقع لمورثة الخرف الجبهي الصدغي العائلي، وهو مرتبط بشكل أكبر مع الشلل فوق النووي المترقي، لكن عوامل أخرى بيئية أو وراثية يجب أخذها أيضاً بالحسبان.
  • من المهم الانتباه إلى أن المورثة المسؤولة عن النمط الفردي لتاو، التابعة للخرف الجبهي الصدغي لاتوجد في PSP.
  • يجب أن يتم الشك بال PSP لدى أي رجل معمّر، يطور بشكل غير مفسّر حالة من عدم التوازن، سقوط متكرر مع بقاء الوعي وأعراض خارج هرمية متنوعة خاصة نقص المقوية للعنق والشلل العيني، أو صورة مماثلة للشلل البصلي الكاذب.
  • لا يكون التشخيص صعباً إذا وجدت التغيرات المرضية التقليدية لحركة العين، عند وجود متلازمة باركنسونية بدون رجفان يكون التشخيص الأساسي هو تنكس المادة السوداء المخطط أو متلازمة النوى القشرية القاعدية.

علاج الشلل النووي المترقي

  • إنّ لليفودوبا تأثير ضئيل أو غير مفيد لدى بعض المرضى، بينما لم تكن المشاركة بين الليفودوبا ومضادات الكولين فعّالة لدى البعض الآخر.
  • وإن وجود استجابة واضحة لهذه الأدوية يحتّم اقتراح تشخيص داء باركنسون.
  • يستخدم حديثاً دواء يدعى (زولبيديم) وهو مقلد لل GABA من مستقبلات البنزوديازبين، هذا الدواء يحسن اللاحركية والصمل التابع لل PSP.
  • يفيد البنزتروبين أو التريهكسي فينيديل في العلاج بتقليل نقص المقوية، وربما يفيد حقن الذيفان الوشيقي كعلاج ثانوي إذا وجدت علامات بؤرية.
  • علاج السلس البولي واضطرابات النوم، تكون بالمساعدة الداعمة للمريض والعائلة.
  • قد يكون من الضروري وضع أنبوب للتغذية في الحالات المتقدمة.
  • مع تطوّر المرض تسوء حال المريض، وتصبح المعالجة غير مفيدة، وهذا ما يسبب الإحباط لجميع الأطراف.

اترك تعليقاً