داء الرتوج diverticul disease

داء الرتوج

داء الرتوج (diverticul disease) أو الرتاج (diverticulosis) هي عبارة تستخدم لتدل على وجود الرتوج الكولونية.

تعتبر هذه الحالة نادرة الحدوث قبل سن الثلاثين وتصبح أكثر شيوعاً بتقدم  العمر، وهي توجد عند حوالي 75% من الأمريكيين فوق عمر 80 سنة.

[toc]

تختلف معدلات الحدوث بالنسبة للجنس حسب التقارير الطبية،  وفي مراجعة المجموعات واسعة من المرضى لم يكن بالإمكان تحديد ميل للإصابة نحو جنس معين.

تستخدم كلمة الرتج (diverticula ) لوصف كيس أو نتوء جيبي غير طبيعي يبرز من جدار عضو أجوف مثل الكولون.

تعني كلمة الرتج الحقيقي (true diverticulum)  بأن هذا الجيب مؤلف من كافة طبقات الجدار المعوي وهذا نادر.

أما الرتج الكاذب (false diverticulum) فينقصه جزء من الجدار المعوي الطبيعي.

وبشكل نوعي فإن الرتوج الشائعة التي تشاهد في الكولون تتألف من نتوءات للمخاطية عبر الطبقات العضلية للجدار المعويوهذه الرتوج مجردة من الغطاء العضلي ولذا فهي رتوج كاذبة.

وبائيات داء الرتوج

يبدو أن داء الرتوج يعتبر ظاهرة للثورة الصناعية والمجتمع الغربي.

لقد عُزيت الزيادة الملحوظة في انتشار داء الرتوج في انكلترا عقب 1910 لحدثية تم إدخالها قبل 30 سنة تقريباً

وذلك لاستخدام الدقيق الأبيض (المنخول –المقشور) وأدى هذا التطور إلى انقاص استهلاك الحبوب غير المصنعة (من حنطة وأرز و ….) وزيادة استهلاك السكر واللحوم.

وفي النصف الماضي من القرن الحالي تناقصت كمية الألياف المأخوذة في الوجبات الطعامية عند سكان أمريكا الشمالية وأوربا الغربية في حين تزايدت معدلات حدوث داء الرتوج بشكل دراماتيكي.

وكدليل آخر على كون نقص الوارد من الألياف يعتبر مسبباً لحدوث داء الرتوج نجد أن هذا المرض غير معروف تقريباً عند الأفريقيين من العرق الأسود الذي يقطنون إلى الجنوب من الصحراء الأفريقية والذين يتناولون كميات كبيرة من الألياف.

في حين أن السكان السود الذين يقطنون جوهانسبرغ ويتناولون كمية ضئيلة من الألياف (مثل سكان المجتمع الغربي) لديهم نفس نسبة حدوث داء الرتوج عند السكان البيض في جنوب أفريقيا

إمراضية داء الرتوج :

لا يُعرف السبب الحقيقي لحدوث داء الرتوج.

لقد أثبتت الدراسات التشريحية أن الرتج فعلياً ما هو إلا تفتق من المخاطية عبر الكولون عند الأماكن التي تنفذ منها الشرينات عبر الجدار لعضلي.

تتوضع هذه الأماكن بشكل مهمين على الجانب المساريقي للتينية المضادة للمساريقا (التينيه Teniae إحدى الأشرطة الكولونية الثلاثة).

ويمكن أن يحدث عدد أقل من الرتوج بين الأشرطة القولونية المضادة للمساريقا.

في بعض الحالات يتفرع الشريان إلى فرع ينفذ من الجدار عند مكان الرتج وآخر يسير خارجياً بالنسبة للغطاء العضلي.

في أحيان أخرى يتبدل موضعه بشكل فعلي فوق قبة الرتج.

إن هذا التجاور الحميم بين الشريان والرتج يُعتبر مسؤولاً عن النزف الكتلي الذي يحدث أحياناً كاختلاط لداء الرتوج.

إن الشذوذ التشريحي الآخر المميز لداء الرتوج هو حدوث ثخانة ملحوظة في الجدار الكولوني المصاب.

يبدو أن هذا التشوه المخاطي يسبق وجود الرتج ويحدث بشكل مهيمن في السين.

حيث تبدأ الشذوذات بشكل محدد في السين في أكثرمن نصف المرضى المصابين بداء الرتوج.

في حين تصاب الأقسام الكولونية الأخرى (وعادةً الكولون النازل) في حوالي 40% من المرضى.

بينما يُصاب مجمل الكولون في حوالي 5 إلى 1% من المرضى.

يبدو أن الحمية قليلة الألياف ترتبط بضيق في السين (أي لا يتوسع السين بشكل مناسب).

تسمح اللمعة الضيقة للتقلصات الشدفية أن تعزل أماكن صغيرة من الكولون على حجرات خاضعة لضغط مرتفع.

في الحالة الطبيعية لا يكون الضغط الكولوني مترفعاً كثيراً عن الضغط الجوي.

لكن يمكن أن ينشأ ضغط  مرتفع يصل حتى 90 ملم زئبقي في السين المتضيق بسبب التلقصات الشدفية.

يفترض أن تكرار التقلصات مرتفعة الضغط يؤدي إلى تفتق المخاطية عبر جدار الكولون وحدوث الرتج.

 التهاب الرتوج diverticulitis

تعني حدوث الخمج بشكل مرافق للتروج.

يعتبر هذا التعبير مضللاً إلى حد ما حيث أن الحدثية الخمجية التي يشيع ترافقها مع دار الرتوج

إنما هي حدثية تصيب النسيج ما حول الكولون وبشكل خاص الأنسجة الرخوة المحيطة بالكولون كالمساريقا أو بقية الأعضاء المتاخمة بالإضافة للطبقة المصلية في الكولون.

 التهاب ما حول الرتوج peridiverticulitis

يعتبر تعبيراً ذا دقة أكبر لوصف هذا المرض.

يجب معرفة أن الخمج ينتج من انثقاب الرتج مما يؤدي إلى تسرب البراز من اللمعة إلى الطبقة المصلية للكولون.

في معظم الحالات تكون كمية التلوث قليلة البراز وتستطيع آليات الدفاع في الجسم  حصر هذا الانتان.

أما في حال كان التلوث شديداً أو في الحالات التي تكون فيها استجابة المريض للخمج متضررة فمن الممكن حصول دفاع بريتواني موضع ويحدث خراج موضع أو قد يصل الأمر لحدوث التهاب بريتوان معمم.

إذا كان سبب انثقاب الرتج هو زيادة الضغط  في الكولون أن انسداد عنق الرتج بالبراز الكثيف أو الإقفار الذي يصيب الجيب المخاطي الناتئ فإن النتيجة النهائية لا تتغير ألا وهي حدوث الخمج ما حول الكولون.

بمعرفة ان سبب حدوث الخمج البطني هو انثقاب الرتج فإننا نصل لفكرة أوضح حول فهم آلية الأعراض والعلامات المترافقة لهذا المرض ولتقرير الفحوصات المشخصة والوسائل العلاجية.

أعراض داء الرتوج:

يشكو مريض التهاب الرتوج الحاد عادةً من:

  • ألم في القسم السفلي الأيسر من البطن.
  • يمكن للألم أن ينتشر إلى المنطقة ما فوق العانة أو المغبن الأيسر أو الظهر.
  •  يمكن ملاحظة تبدل في عادات التغوط (إمساك عادةً وإسهال أحياناً).
  • ليس من غير المعتاد وجود الحمى والعرواءات.
  • يمكن  وجود زحير بولي وتعدد بيلات في حال كان الالتهاب متاخماً للمثانة.
  • النزف المستقيمي فيعتبر من الموجودات غير المعتادة لالتهاب الرتوج.

تشخيص داء الرتوج:

  • تعتمد الموجودات الفيزيائية على شدة الخمج.
  • أكثر الموجودات الفيزيائية شيوعاً وجود المضض في القسم السفلي الأيسر من البطن.
  • في حال وجود التهاب شديد فمن الممكن أن يبدي جس البطن منطقة غير محددة بشكل واضح من القساوة.
  • إن الشعور بكتلة ممضة في الربع السفلي الأيسر من البطن يشير إلى احتمال وجود فلغمون موضع أو خراج وهو أكثر شيوعاً.
  • يحدث أحياناً تمدد وانتفاخ بطني بسبب العلوص (الخزل) أو الانسداد الجزئي في الأمعاء الدقيقة المشتملة بالحدثية الالتهابية.
  • قد يظهر المس الشرجي وجود مضض حوضي وقد يجس خراج حوضي ممض بالمس الشرجي أو المهبلي.
  • يستطب إجراء تنظير للسين في بعض الحالات لنفي وجود السرطان المستقيمي.
  • في حال الاشتباه بالتهاب الرتوج فلا يجوز إجراء نفخ الهواء بالمنظار السيني لأن هذا الإجراء سوف يؤدي لتمدد الكولون فقط وقد يزيد من الالتهاب بدفع مزيد من البراز عبر الرتج المنثقب.
  • لا يمكن دفع منظار السين عادةً أكثر من12 سم دون إنزعاج كبير من المريض (وكل ما سبق يتعلق بالمنظار الصلب).
  • إجراء التنظير بالمنظار الليفي- البصري (المرن) فلا يعطينا سوى معلومات قليلة حول تقييم التهاب الرتوج المشتبه كما أنه يحمل خطورة ملحوظة في زيادة التلوث ما حول الكولون.

يمكن وضع تشخيص التهاب الرتوج غالباً بشكل معقول بناءً على القصة والفحص الفيزيائي،

وعلى أية حال فيما إذا كان التشخيص موضع شك فمن الممكن أخذ ثلاثة فحوص تشخيصية بعين الاعتبار:

  • التصوير المقطعي المحوسب للبطن
  • التصوير بالأمواج فوق الصوت
  • الحقنة الظليلة

(الفحصان الأوليان غير نافذين ويمكن لكيهما كشف الثخانة في جدار الكولون والخراج المرافق.)

يعتبر التصوير المقطعي عادةً هو الوسيلة التشخيصية المختارة لإثبات التشخيص المشتبه لالتهاب الرتوج.

يكشف مكان الالتهاب بشكل موثوق كما يزودنا بمعلومات قيمة كوجود الخراج أو الانسداد الحالبي أو الناسور بين الكولون والمثانة (بكشف الهواء في المثانة).

في حال وجود الخراج فإن إجراء التفجير عبر الجلد بتوجيه التصوير المقطعي يعتبر من الإجراءات العلاجية القيمة.

لقد تناقصت الحاجة لاستخدام الحقنة الظليلة في تقييم التهاب الرتوج الحاد بشكل ملحوظ منذ إدخال التصوير المقطعي والأمواج فوق الصوت.

ذلك لأن إدخال المادة الظليلة تحت ضغط ضمن الكولون يحمل خطر انتشار الخمج بنزوحها عبر الرتج المنثقب.

إن الحقن الشرجية بالمواد الظليلة القابلة للذوبان في الماء لا تحمل خطر التهاب البريتوان بالباريوم مع البراز السابق الذكر ولكن يبقى خطر نزح المادة من الكولون قائماً مع احتمال إحداثه لالتهاب بريتوان منتشر.

على الرغم من قدرة هذه الوسيلة  على كشف الثخانة في جدار الكولون مكشف الرتج والناسور ( في حال وجوده ) وتبدل مكان الكولون بتوضع الخراج لكن كافة الموجودات السابقة يمكن كشفها بالتصوير المقطعي المحوسب بشكل أكثر أماناً.

التشخيص التفريقي:

  • الخباثات.
  • التهاب الكولون الإقفاري.
  • التهاب الكولون الخمجي.
  • الداء المعوي الالتهابي.

اختلاطات داء الرتوج

  • التهاب الرتوج المختلط:

يتضمن التهاب الرتوج المختلط الحالات التي تترافق مع خراجات، انسداد, التهاب بريتوان منتشر (انثقاب حر)، أو نواسير بين الكولون والأعضاء المجاورة.

تمثل النواسيرالكولونية المثانية، الكولونية المهبلية، الكولونية المعوية عقابيل طويلة الأمد لالتهاب الرتوج المختلط.

المعالجة:

تعتمد المعالجة على الحالة السريرية للمريض ودرجة التلوث والخمج البريتواني.

يمكن معالجة الخراجات الصفيرة والتي قطرها يقل عن 2سم بالصادات الخلالية.

أما في الخراجات الأكبر يمكن تفجيرها عبر الجلد تحت التوجيه بالطبقي المحوري.

يحتاج معظم هؤلاء المرضى في النهاية إلى الاستئصال.

قد يكون هناك ضرورة لفتح البطن إذا لم يتمكن من التفجير عبر الجلد.

تحدث الأعراض الانسدادية في 67% من المرضى الذين يعانون من التهاب الرتوج الحاد.

يحدث الانسداد التام في 10 % منهم.

عادة ما تستجيب حالات الانسداد التام:

  • لتعويض السوائل
  • مص المفرزات الأفقي المعدي
  • الرحضات الصغيرة بالماء أو الغاستروغرافين
  • حيث يسمح تحسين الأعراض بتحضير الأمعاء الكامل وإجراء الاستئصال الانتخابي.
  • يصبح فتح البطن ضروريأ في الانسداد الذي لا يستجيب سريعا للتدبيرالمحافظ.
  • النواسير:

يعاني حوالي 50% من المرضى النين لديهم التهاب رتوج مختلط من نواسير بين الكولون والأعضاء المجاورة.

تعتبر النواسير الكولونية المثانية أشيعها الكولونية المهبلية والكولونية المعوية.

تعتبر الرحضات الظليلة أو دراسة الأمعاء الدقيقة مفيدة في تحديد مسار الناسور ونفي الأسباب الأخرى.

المعالجة الجراحية تتضمن استئصال القطعة المصابة بالتهاب الرتوج من الكولون.

  • النزف:

ينتج النزف في داء الرتوج عن تآكل أحد الشرينات حول الرتج حيث يمكن أن يؤدي إلى نزف غزير.

لحسن الحظ أن النزف يتوقف عفوبا في 80% من الحالات.

التدبير:

  • الإنعاش
  • السيطرة الموضعية على النزف وذلك بإجراء تنظيركولونات ثم حقن ابينغرين أو تخثير كهربائي.

استمرار النزف أو نكسه حالة نادرة، حيث يصبح فتح البطن واستئصال الكولون القطعي ضروريا.

 

  • الرتج الكولوتي العرطل:

نادر للغاية، تحدث معظم النواسير على الحافة المقابلة للمساريقا في الكولون السيني.

الأعراض مبهمة: ألم، غيان، إمساك.

الصورة البسيطة مفيدة، أما الرحضة الباريتية فهي مشخصة.

الاختلاطات: الانثقاب، الانسداد، الانفتال.

يوصى باستصال الكولون المصاب مع الرتج.

  • رتوج الكولون الأيمن:

ليس من الشائع إصابة الأعور والكولون الصاعد في الرتج الكولوني.

الأقل شيوعأ من ذلك هو وجود رتج مفرد حقيقي يحتوي كامل طبقات الأمعاء.

حيث يعتقد أن هذه الحالات تكون خلقية عادة.

إن رتوج الكولون الأيمن أشيع من رتوج الكولون الأيسر عند الشباب.

أكثر شيوعأ في المرضى ذوي الأصول الآسيوية مقارنة بالشعوب الأخرى.

معظم رتوج الكولون الأيمن تكون غير عرضية. التهاب يحدث في بعض الحالات.

بما أن معظم المرضى هم من الشباب ويتظاهرون بألم في الربع الأيمن من البطن فهم يعتبرون مصابين بالتهاب حاد في الزائدة الدودية.

يوضع تشخيص التهاب الرتوج اليمنى لاحقأ خلال العمل الجراحي.

إذا كان هناك رتج وحيد عرطل مع القليل من الالتهاب فمن الممكن أن يجرى استئصال الرتج.

يعتبر استئصال الكولون الصاعد والأعور هو المفضل.


معالجة داء الرتوج:

التهاب الرتوج غير المختلط:

تعتمد معالجة التهاب الرتوج على شدة  الداء،

معالجة المرضى ذوي الأعراض أو العلامات البسيطة الدالة على الالتهاب:

  • دون قبولهم في المشفى (أي كمرضى خارجيين)
  • اعتماد حمية سوائل صافية مع صادات واسعة الطيف لمدة لا تقل عن 7 إلى 10 أيام.
  • يجب تجنب اعطاء مسكنات الألم.

في حال كان الالتهاب شديداً لدرجة الحاجة لاستخدام المسكنات:

  •  قبول المريض في المشفى
  • إعطاء الصادات عن طريق الوريد.
  • يجب تجنب استخدام المورفين بشكل خاص وذلك لكونه يزيد من الضغط ضمن الكولون ويمكنه أن يفاقم الحدثية الالتهابية.
  • في حين يقوم الميبريدين Meperidine بإنقاص الضغط ضمن اللمعة ويعتبر بالتالي مناسباً أكثر كمسكن للألم في هذه الحالات.

لابد من قبول المرضى ذوي العلامات الواضحة على الالتهاب في المشفى:

  • وذلك لإراحة الأمعاء (حمية مطلقة).
  • واعطاء السوائل الوريدية والصادات واسعة الطيف عن طريق الوريد.
  • ولا يحتاج الأمر عادةً لإجراء الرشف بالأنبوب الأنفي المعدي ما لم يترافق الالتهاب بحدوث العلو (الخزل) أو الانسداد.

تستجيب أعراض المريض بشكل فوري عادةً للمعالجة غير الجراحية.

حيث يحدث تحسن ملحوظ في حالته  السريرية في غضون 48  ساعة.

توقف الحمية المطلقة حالما تسمح حالة المريض السريرية بذلك.

يمكن إجراء الدراسات الاستقصائية عقب ثلاثة أسابيع حيث يستطب عادةً اجراء تنظير للكولون عقب تحلل الحدثية الالتهابية وذلك لتقييم الحالة وكشف امتداد داء الرتوج ولنفي السرطان.

يمكن للحقنة الباريومية أن تكشف عن امتداد داء الرتوج ولكنها أقل دقة في تحديد البوليبات الصغيرة أو الناميات الخبيثة عند وجود رتوج كثيرة العدد.

عقب شفاء المريض من نوبة التهاب الرتوج البسيطة غير المختلطة فإنه يُنصح باعتماد حمية طعامية كثيرة الألياف.

لا تستطب الجراحة في مثل هذه الحالات غير المختلطة إلا في أحوال نادرة وذلك لأن 70% من المرضى الذين يتماثلون للشفاء من نوبة التهاب رتوج غير مختلطة سوف لن يتعرضوا لأي نكس أخر.

على أية حال إذا تعرض المريض لهجمات متكررة من التهاب الرتوج فإنه يجب أخذ المعالجة الجراحية عنده بعين الاعتبار حيث أن احتمال حدوث نوبة إضافية تتلو النوبة الثانية من التهاب الرتوج يزيد عن 50%.

تعالج مثل هذه النوبات بشكل مشابه لعلاج النوبة البدئية ثم يُخطط لإجراء استئصال انتقائي للقسم المصاب من الكولون عقب انحلال الحدثية الالتهابية بـ 4 إلى 8 أسابيع

التهاب البريتوان المعمَّم:

يمكن أن يحدث التهاب بريتوان منتشر في حال لم يتم حصر الخمج الناشئ عن الرتج  المنثقب في مكانه الموضعي مباشرةً بواسطة آليات الدفاع البريتوانية الطبيعية.

هكذا ففي حال لم يتم سدّ الانثقاب فإن مجمل الجوف البريتواني يمكن أن يصبح متلوثاً ويؤدي بالتالي لالتهاب بريتوان برازي معمَّم.

لكن هذا الاختلاط نادرة الحدوث وتصبح المعالجة الجراحية الاسعافية واجبة في حال حدوثه.

حيث يشتكي المرضى من ألم بطني شديد ويوجد دفاع إرادي وغير إرادي في كافة أرباع البطن.

يمكن كشف وجود هواء حر ضمن البطن على الصورة الشعاعية البسيطة، لكن غياب هذه العلامة لا ينفي التشخيص.

يلاحظ بشكل عام وجود ارتفاع في الكريات البيضاء مع انحراف نحو الأيسر وعلى أية حال فإن بعض الحالات المتصفة بخمج شديد يمكن أن تترافق بنقص في الكريات البيضاء.

يحتاج الأمر لإجراء فتح بطن اسعافي للسيطرة على الخمج وفي حال لم يكن التهاب البرتيوان شديد لدرجة تعيق إجراء الاستئصال فمن الواجب إجراء استئصال الجزء الكولوني المصاب بالمرض والحاوي على الانثقاب.

يجب إما إغلاق الفوهة البعيدة (هارتمان) أو إخراجها بشكل ناسور مخاطي فيحين يتم إخراج الفوهة القريبة على شكل كولوستومي (فغر كولون).

عملية هارتمان Hartmann’s operation

  •  الغالبية العظمى من الانثقابات الرتجية تحدث في الكولون السيني فمن النادر أن يتبقى طول كافٍ للقسم البعيد من الكولون بعد الاستئصال بشكل يكفي للوصول إلى جدار البطن لإجراء  ناسور مخاطي
  •  يستدعي الأمر عادةً خياطة القسم البعيد وإغلاقه (أو استخدام الستابلر).
  • وسمي هذا الإجراء ذلك بعد أن قام جراح فرنسي يُدعى هنري هارتمان Henri Hartman بوصف هذا الإجراء في سياق علاج سرطان القسم القريب من المستقيم عام 1921.
  • تعتبر علمية هارتمان الإجراء الأكثر شيوعاً في المعالجة الإسعافية لالتهاب الرتوج.
  • هكذا فإن تحويل اتجاه البراز عن مكان الخمج مع إعطاء الصادات المناسبة وتطبيق الدعم الغائي للمريض يؤهب لحدوث انفراج في حالة التهاب البريتوان.
  • متى حصل المريض على شفاء تام (وبفترة لا تقل عادةً عن 10 أسابيع) فمن الممكن إعادة الجراحة لإغلاق الكولوستومي.

التهاب الرتوج وتشكل الخراج:

إن التطور الهام الذي حدث في معالجة التهاب الرتوج يكمن في تطوير طريقة تفجير الخراجات البطنية عن طريق تفجيرها عبر الجلد.

عادةً يعاني المريض المصاب بخراج ناجم عن انثقاب الرتج من ألم موضع في القسم الأيسر من البطن.

يمكن أن تكون لديه كتلة بطنية قابلة للجس.

في حال توضع الخراج سفلياً في الحوض فإنه من الممكن أن يكون قابلاً للجس بواسطة المس الشرجي.

يؤكد التصوير المقطعي المحوسب التشخيص وتساعد الفحوصات السابقة (جس الخراج عبر البطن أو جسه عبر المس الشرجي أو كشفه بواسطة التصوير المقطعي) على توجيه وضع المفجر في الخراج عبر جدار البطن مما يتيح المجال لتفريغ المادة القيحية.

في حال كان الخراج متوضعاً عميقاً في الحوض ولا يمكن الوصول إليه عبر جدار البطن بشكل آمن فمن الممكن تفجيره بشكل آمن  إلى المستقيم وذلك بمقاربته عبر الشرج أو إلى المهبل.

تعتبر هذه المقاربات (الخارجية) أفضل كثيراً جداً من فتح البطن لتفجير الخراج وذلك لأن فتح البطن يحمل خطر تلوث ناطق أخرى من الجوف البريتواني بمحتويات الخراج.

في حال أجري فتح البطن فيتطلب الأمر عادةً إجراءكولوستومي مؤقت وطمر القسم البعيد (عملية هارتمان).

الخيار العلاجي الآخر هو إجراء استئصال الجزء الكولوني المصاب (المنثقب والمشكل للخراج) وإجراء مفاغرة بدئية ثم حماية هذه المفاغرة بإجراء كولوستومي قبلها (في القسم القريب منها) وذلك لتحويل البرازعن منطقة المفاغرة.

على أية حال يبقى تفجير الخراج عبر الجلد أفضل من الجراحة الإسعافية وهو يحقق سيطرة جيدة على الخمج

يمكن بعد ذلك التخطيط لإجراء استئصال انتقائي (أي غير اسعافي).

في وقت العملية الانتقائية يكون من الممكن عادةً استئصال القسم المصاب من السين وإجراء  مفاغرة بين الكولون النازل والمستقيم وبذلك نجنب المريض إزعاج الكولوستومي.

من الواجب استئصال كامل الجزء المصاب من الكولون (المتسمك الجدار) والوصول بالاستئصال حتى الجدار الطبيعي للمستقيم (لإجراء المفاغرة معه).

يعتقد أن غالبية الحالات التي يحدث فيها التهاب رتوج ناكس عقب عمليات استئصال السين إنما تحدث بسبب الفشل في إجراء الاستئصال التام للجزء السيني ذي الجدار العضلي المتسمك وغير الطبيعي عند الوصل السيني  المستقيمي.

يحتاج الأمر في حالات نادرة لإجراء تحريك (تحرير) للمستقيم أبعد من الشامخة العجزية بحدود 2 سم تقريباً للوصول إلى جدار طبيعي تماماً ملائم لإجراء المفاغرة.

على الرغم من امكانية وجود الرتوج في مجمل الكولون لكن ليس من الضروري أن نشملها بالكامل في العينة المستأصلة وإنما يجب فقط استئصال ذلك الجزء من الكولون الذي يتصف  جداره بكونه سميكاً وهشاً (غير قابل لإجراء المفاغرة).

التهاب الرتوج وتشكل الناسور:

يعتبر تشكل الناسور بين السين وبقية الأعضاء (بما فيها المثانة والمهبل والأمعاء الدقيقة والجلد) من الاختلاطات كثيرة  التواتر نسبياً في التهاب الرتوج، إلى درجة أن التهاب الرتوج يعتبر أكثر شيوعاً من السرطان أو داء كرون في إحداثه للناسور السيني المثاني.

يتشكل الناسور عادةً بواسطة خراج يتفجر إلى العضو المجاور مما يخلق طريقاً بين مصدر الخراج (الرتج السيني المنثقب) والعضو الذي انفتح عليه الخراج.

تحدث النواسير بين السين والمثانة بشكل أكثر شيوعاً عند الرجال من النساء وذلك لكون الرحم عند النساء يفصل بين المثانة والكولون.

أما النساء المصابات بنواسيربين السين والمثانة أو بين السين والمهبل فيكن عادةً قد خضعن لاستئصالرحم سابقاً، أما الناسور بين السين والجلد فيمكن أن ينتج عن التفجير عبر الجلد للخراج المتشكل بسبب انثقاب الرتج الملتهب.

يتظاهر الناسور الكولوني المثاني (السيني المثاني) بتكرار الأخماج في السبيل البولي أو البيلة البرازية fecaluria (البول الغائطي) أو البيلة الغازية (الهوائية) pneumaturia .

عند وجود انسداد في الطرق البولية بعد مكان الناسور (ضخامة بروستاتية عند الذكور) فمن الممكن أن يؤدي الناسور السيني المثاني إلى أخماج وإنتانات في الطرق البولية الصاعدة ( الحالب والحوضية)

  • يعتبر التصوير المقطعي المحوسب الوسيلة الأكثر دقة في كشف وجود الناسور وذلك بإثباته وجود الهواء في المثانة.
  • أما الحقنة الباريومية فيمكنها أن تثبت وجود الناسور عند أقل من 50% من المرضى.
  • كذلك فإن التصوير الظليل للحويضة عبر الوريد ivp يعتبر أقل فعالية حتى من الحقنة الباريومية.
  • أما تنظير المثانة فيبدي عادةً وجود التهاب في المثانة مع وذمة نفاطية في مكان الناسور (مثل الفقاعة).

يسمح من النادر أن يكون الناسور الحادث بسبب التهاب الرتج سبباً لإجراء الجراحة الإسعافية

إن تشكل الناسور يترافق غالباً مع تحسن في حالة المريض وذلك لكونه يسمح بتفجير طبيعي للخراج البطني.

يجب أن توجه المعالجة المبدئية نحو السيطرة على أية أخماج مرافقة.

يجب معالجة الخماج عند المريض المصاب بناسور سيني مثاني بسبب وجود انسداد (عائق) بولي سفلي بتجاوز هذا العائق إما بقثطرة فولي أو بفغر المثانة فوق العانة وبالصادات المنسابة عن طريق الوريد.

ويجب قبل إجراء المعالجة الجراحية النوعية التأكد من سبب حدوث الناسور.

إن السبب الثاني من حيث الشيوع لحدوث الناسور بين السين والمثانة هو سرطان السين.

لذا يجب إجراء تنظير كولون لتحقيق رؤية مباشرة لمخاطية السين لنفي وجود السرطان وذلك لأن المعالجة الجراحية الشافية للناسور السيني المثاني الناجم عن السرطان يحتاج لاستئصال جراحي أكثر سعة مما يحتاجه الأمر عند علاج الناسور الناجم عن التهاب الرتوج.

عقب إثبات تشخيص التهاب الرتوج كسبب للناسور وعقب السيطرة على الأخماج فإن المعالجة تتوجه نحو تفريج الالتهاب الموضعي في ناحية الناسور.

يمكن القيام بذلك غالباً بإعطاء الصادات والمريض خارج المشفى (دون قبوله) لعدة أسابيع.

قد استخدمت التغذية الوريدية الكاملة مع الحمية المطلقة (لإراحة الأمعاء) بالإضافة للصادات الوريدية وذلك للوصول إلى تفريج  سريع في الالتهاب الموضعي والتحضير للجراحة.

يتضمن  العلاج الجراحي للناسور المحدث بالتهاب الرتوج استئصال الجزء الكولوني المصاب الذي يحوي مكان الانثقاب.

يكون من المفيد وضع دعامات stents في الحالبين عن طريق تنظير المثانة وذلك قبل إجراء فتح البطن مباشرة حيث تساعد هذه الطريقة في تحديد مكان الحالبين لتجنب أذيتها حيث يكون التشريح الطبيعي في هذه المنطقة مدمراً بسبب الحدثية الالتهابية وقد يصعب تحديد الحالبين خلال الجراحة دون هذه الطريقة.

يمكن فصل المجرى الناسوري عادةً خلال الجراحة بالتسليخ الكليل، وفي حال كان الناسور مفتوحاً على المثانة فمن الممكن إغلاق الفوهة في المثانة بشكل مبدئي وفي حال كانت الفوهة صغيرة فليس من الضروري إغلاقها.

حيث أن تفريغ المثانة بوضع قثطرة فولي أو بفغر المثانة فوق العانة لمدة أسبوع أو عشرة أيام يسمح بشفاء الثغرة دون الحاجة لإغلاقها.

في حال لم يكن الالتهاب الموضعي شديداً فإنه من الممكن إتمام الجراحة بمرحلة واحدة بإجراء استئصال السين المصاب وإعادة سلوكية السبيل الهضمي بإجراء مفاغرة بين الكولون النازل والمستقيم.

أما عندما يكون الالتهاب شديداً جداً بحيث لا يسمح بإجراء المفاغرة المبدئية فمن الحكمة إجراء عملية هارتمان التي تم وصفها سابقاً.

وفي بعض الحالات يكون بالإمكان إجراء المفاغرة بين الكولون والمستقيم لكن وجود التهاب في الحوض قد يسبب خطراً على هذه المفاغرة مما يجعل احتمال انفكاكها وراداً.

في مثل هذه الظروف يمكن حماية المفاغرة بإجراء كولوستومي على الكولون المعترض أو إيليوستومي (تفميم دقاق) ثم يتم إغلاقه لاحقاً بعد شفاء المريض والتأكد من التحام المفاغرة.

في بعض الحالات النادرة يكون الالتهاب شديداً للغاية بحيث لا يمكن السيطرة على الأخماج بالإجراءات سابقة الذكر ولا يسمح امتداد الحدثية الالتهابية بإجراء الاستئصال السيني بشكل آمن وعندها فربد من اجراء تحوي للبراز بعيداً عن مكان التلوث وذلك بإجراء كولوستومي في منطقة أقرب من مكان الانثقاب (على المعترض مثلاً).


 

 

اترك تعليقاً