التهاب المرارة Cholecystitis

التهاب المرارة

 التهاب المرارة بالإنجليزية ( Cholecystitis ) هو التهاب الحويصلة الصفراوية و  في 85% من الحالات يترافق التهاب المرارة مع حصيات، ولم يحدد فيما إذا كانت الحصيات تشكل سبباً لذلك أم نتيجة، لكنها بشكل عام تعتبر مسؤولة عن سبب حدوث الالتهاب الحاد. أيضاً تعتبر ركودة المرارة مع ما ينجم عنها من استمرار التماس ما بين الصفراء الراكدة سبباً لالتهاب المرارة، كما اقترح العامل الجرثومي كسبب ونسبة الزروع الإيجابية تصل 60% من المرضى الذين لديهم التهاب مرارة حاد. عزلت عدة أنواع من الجراثيم في كل من الالتهاب الحاد والمزمن للمرارة وهي: الإشيريشيا الكولونية والعقديات والهوائيات المشكلة للغاز، والسالمونيلا والمطثيات واعتبرت جميعها مسؤولة عن ذلك لكن في حالات عديدة من الالتهاب الحاد والمزمن كان الزرع سلبياً، بالإضافة إلى أنه من المعروف أن الصفراء المركزة أو المجففة تعتبر سبباً للالتهاب الحاد. أيضاً تعتبر الحصيات البنكرياسية بخواصها الأنزيمية ذات تأثير كيماوي مخرش، وبما أن الضغط داخل الأقنية البنكرياسية أعلى من الضغط في الأقنية الصفراوية فإن وجود الأقنية المشتركة يسمح للعصارة البنكرياسية بالدخول إلى المرارة، وجود الأميلاز في الصفراء يدعم هذه الفرضية.

[toc]


 التهاب المرارة الحاد

في الغالبية العظمى من الحالات يترافق التهاب المرارة الحاد مع انسداد عنق الكيس الصفراوي والقناة الكيسية الناجم عن انحشار حصيات صفراوية في مجل هارتمان.

الضغط المباشر للحصيات على المخاطية يؤدي إلى نقص تروية موضعية وتنخر وتقرح مع تورم ووذمة واضطراب العود الوريدي. هذه العمليات تؤدي بدورها لزيادة وامتداد شدة الالتهاب. قد يكون التقرح شديداً بحيث يصبح من الصعب تحديد أو تمييز المخاطية بالفحص المجهري، ويحدث ارتشاح للكريات البيض بشكل قطعي في كامل الطبقات.

ينجم عن التنخر حدوث الانثقاب مع تشكل خراج حول المرارة أو ناسور أو التهاب بريتوان صفراوي، وفي الماضي كانت نسبة حدوث التهاب المرارة الحاد الثانوي للانتانات الجهازية وبشكل أكثر شيوعاً بعد الحمى التيفية لكن ذلك أصبح نادراً الآن.

التهاب المرارة الحاد الناجم سواء عن إنتان معمم أو ركودة و/أو انحشار للحصيات، قد يحدث بينما يكون المريض في طور النقاهة أو الشفاء من رض أو عمل جراحي. من بين الأسباب الأخرى لالتهاب المرارة هناك التأثيرات الوعائية لأمراض الغراء وفي الحالات النهائية لفرط التوتر الوعائي. وخثرة الشريان المراري الرئيسي، أقل من 1% من الرارات الملتهبة بشكل حاد يوجد فيها ورم خبيث الذي قد يلعب دوراً في حدوث الانسداد، معدل حدوث حصيات القناة الجامعة متساوٍ في كل من الالتهاب الحاد والمزمن ويتراوح بين 7-15%.


 التظاهرات السريرية لالتهاب المرارة الحاد

معظم هجمات التهاب المرارة الحاد تحدث عند المرض الذين لديهم قصة سابقة تترافق مع التهاب مرارة مزمن وحصيات صفراوية. قد يحدث التهاب المرارة الحاد في أي عمر، لكن نسبة الحدوث العظمى تقع بين العقدين الرابع والثامن والمرضى فوق الستين يشكلون ما بين ربع إلى ثلث هذه المجموعة. يصاب القوقازيون بشكل أكبر من السود. يتعلق بدء الأعراض الحادة بمحاولة المرارة إفراغ محتوياتها وعادة بعد وجبة ثقيلة دسمة أو مقلية، يشكو المريض من ألم متوسط إلى شديد في الربع العلوي الأيمن أو الشرسوف وقد يتشعع للظهر في منطقة زاوية لوح الكتف أو ما بين اللوحين الكتفيين كما يحدث لدى المريض ترفع حروري غالباً، وقد تكون الإقياءات شديدة، يترافق الإيلام على طول الحافة الضلعية اليمنى مع إيلام مرتد وتشنج. ويكون الإيلام وصفياً، قد تجس المرارة، قد يتواجد يرقان خفيف وقد يعود لحصيات في المجل ووذمة تضغط على القناة الجامعة. اليرقان المتوسط إلى الهام خاصة مع بيليروبين مصل أعلى من 6مغ/دل يرجح وجود حصيات قناة جامعة مرافقة، لكن قد يحدث مع التهاب المرارة المعزول.

يتضمن التشخيص التفريقي أو اندخال قرحة هضمية، التهاب الزائدة الحاد، التهاب البنكرياس، التهاب الكبد، نقص التروية القلبية أو الاحتشاء، ذات الرئة، ذات الجب داء المنطقة الذي يصيب العصب الوربي. تبين الاختبارات الدموية وجود ارتفاع تعداد الكريات البيض مع انحراف للأيسر. يستطب إجراء صورة بطن لنفي وجود آفات صدرية. تشاهد حصيات ظليلة على الأشعة في أقل من 20% من الحالات. قد تكشف معايرة بيليروبين المصل وجود إنسداد قناة جامعة في حال ارتفاعه. بالرغم من أن ارتفاع أميلاز المصل يعتبر مشعراً لالتهاب البنكرياس الحاد فإن وجود مستويات مرتفعة فيه تصل حتى 1000وحدة سونومي قد سجلت في حالات التهاب المرارة الحاد غير المختلطة بالتهاب البنكرياس. كما يجب إجراء تخطيط قلب كهربائي لنفي وجود نقص تروية قلبية عند كل مريض تجاوز الخامسة والأربعين ويحضر للعمل الجراحي ومهما يكن فالتهاب المرارة الحاد قد يكون مسؤولاً عن بعض التبدلات.

تصوير المرارة الظليل عن طريق الفم ذو فائدة محدودة بسبب عرقلة امتصاص المادة الظليلة قد تكشف الأمواج فوق الصوتية وجود حصيات و/أو تسمكاً في جدار المرارة.

الومضان بالنظائر المشعة بمادة DISIDA أوPIPIDA هو الطريقة الأكثر فعالية لدراسة مثل هذه الحالات.


 معالجة التهاب المرارة الحاد

هناك آراء متفاوتة فيما يتعلق بعلاج التهاب المرارة الحاد خاصة بشأن الوقت المثالي للتداخل الجراحي ولغاية المناقشة بشكل بحت، فإن العمل الجراحي الباكر هو الذي يجرى في غضون الـ72ساعة الأولى بعد بدء العملية الالتهابية الحادة، والعمل الجراحي المتوسط هو ذلك الذي يجري ما بين الـ72ساعة وتوقف التظاهرات السريرية، يسمح العمل الجراحي المتأخر للالتهاب الحاد بالتراجع ويبرمج العمل الجراحي الانتقائي بعد فترة 6أسابيع إلى 3أشهر. إن الذين يقترحون المعالجة المحافظة، أي العمل الجراحي المتأخر يعتمدون بمقولتهم هذه على الأدلة التالية:

  • معظم حالات التهاب المرارة الحاد تستجيب (تتراجع) للمعالجة المحافظة بدون اختلاطات هامة.
  • إجراء العمل الجراحي في حال وجود التهاب مع احتقان وعائي قد يكون مؤذياً نتيجة لانتشار الإنتان.
  • كما أن التبدلات الالتهابية الحاد تخفي التشريح وتؤدي إلى أخطاء تكنيكية في حال وجود عملية التهابية شديدة، يتعرقل استقصاء وجود حصيات في القناة الجامعة…
  • العديد من المرضى الذين لديهم التهاب مرارة حاد يكون لديهم آفات مرافقة ولا يعتبرون بحالة مثالية لإجراء العمل الجراحي.

يتوجه التدبير غير الجراحي لخلق حالة من الراحة الوظيفية للمرارة والسبيل الهضمي العلوي وإزالة تشنج معصرة أودي، يتضمن هذا النظام العلاجي تحديد السوائل والطعام ومص المفرزات المعدية المعوية المستمر. تعطى الأدوية المضادة للكولين بهدف إنقاص تشنج معصرة أودي. يعالج الألم بكميات قليلة من الديمرول بينما يجب الابتعاد عن المورفين لأنه يسبب تشنجاً شديداً في معصرة أودي


 التهاب المرارة الغازي

يعتبر هذا شكلاً نادراً من التهاب المرارة الحاد الذي يكون عادة مواتياً وينجم عن الجراثيم المشكلة للغاز ويتظاهر شعاعياً بوجود غاز في المرارة وبشكل مختلف عن التهاب المرارة الحاد العادي، الذي يكون أكثر سيطرة عند النساء، فإن التهاب المرارة الوذمي أكثر ما يحدث في الرجال مع معدل حدوث بالنسبة للجنس 75% ذكور و25% نساء. الآلية المرضية تعود لالتهاب حاد في المرارة الذي يبدأ عادة بشكل عقيم ثم يختلط بإنتان ثانوي بعصيات مشكلة للغاز. قد تصل هذه الجراثيم إلى المرارة عن طريق الأقنية الصفراوية أو بالدوران أو عبر الأقنية اللمفاوية ثم تنمو في بيئة غير هوائية.

التظاهرات السريرية مشابهة لتلك الموجودة في الالتهاب الحاد للمرارة، فيما يقارب من نصف المرضى يمكن اكتشاف وجود قصة سابقة عن هجمات إصابة مرارية. توجد الحصيات الصفراوية أيضاً في نصف المرضى الذين هم عادة سكريون.

يوضع التشخيص على أساس الموجودات الشعاعية التي تظهر ظلاً كروياً متوسعاً بالغاز في منطقة المرارة، فيما بعد قد يصبح الغاز داخل الجدار أو تحت المخاطية واضحاً. كما قد يظهر الغاز أيضاً في منطقة ما حول المرارة، مشيراً لامتداد العملية المرضية خارج حدود المرارة ،المعالجة المفضلة تكون بالعمل الجراحي الباكر، حيث أن نسب حدوث انثقاب حر تصل نسبته إلى 40-60%.

يستطب إجراء استئصال المرارة، لكن إذا كان ذلك غير ممكن فيجب إجراء تفميم للمرارة. في 9% من الحالات  توجد حصيات قناة جامعة وعندها يصبح استئصال القناة الجامعة مطلوباً. بالرغم من أن نسبة الزروع الإيجابية هي فقط 50% فيجب أن تتوجه المعالجة بالصادات لتغطية المطثيات والعصيات شبه الكولونية، معدل الوفيات أعلى بشكل ملحوظ من ذلك المتعلق بالالتهاب غير الوذمي.


 التهاب المرارة المزمن

يترافق الالتهاب المزمن للمرارة بشكل عام مع حصيات صفراوية ويتألف من ارتشاح بخلايا مدورة وتليف في الجدار. قد تشاهد جيوب روكيتانسكي- الشوف تغوص في المخاطية. انسداد القناة المرارية وعنقها بالحصيات الصفراوية قد يؤدي إلى تشكل قيلة مخاطية في المرارة “استسقاء”.

تكون الصفراء مبدئياً عقيمة لكنها تصاب بالإنتان بشكل ثاوني بالعصيات شبيهة الكولونيات والمكورات العقدية وأحياناً المطثيات أو السالمونيلا “التيفية”. التأثيرات الثانوية لالتهاب المرارة تشمل انسداد القناة الجامعة، التهاب الطرق الصفراوية، انثقاب المرارة مع تشكل خراج حول التهاب بريتوان صفراوي والتهاب بنكرياس، قد يكون هناك سرطان مرافق في المرارة.


 التظاهرات السريرية لالتهاب المرارة المزمن

يأتي المريض بشكل عام بألم بطني متقطع متوسط الشدة في الربع العلوي الأيمن وفي الشرسوف أحياناً ينتشر للكتف والمنطقة بين اللوحين. هناك عادة عدم تحمل الشحوم و/أو الطعام المقلي. وقد يعاني المريض من غثيان وفقد شهية متقطعين. إذا لم يكن المريض يعاني من ألم حاد فإنه لا توجد أية موجودات تشخيصية في الفحص الفيزيائي.

أحياناً يمكن إظهار وجود مضض “إيلام” فوق المرارة ويكون عادة أعظمياً خلال الشهيق يوضع التشخيص بتصوير المرارة الظليل عن طريق الفم، الذي يبين غياب امتلاء المرارة أو وجود حصيات فيها، قد يظهر الإيكو وجود حصيات.


 معالجة التهاب المرارة المزمن

معالجة التهاب المرارة المزمن والحصيات الصفراوية استئصال المرارة، والنتائج عادة ممتازة، استئصال المرارة الباكر هام بشكل خاص عند المرضى السكريين، معدل الوفيات الجراحية أقل من 1% في العديد من الإحصائيات الكبرى،75% من المرضى الذين خضعوا لاستئصال المرارة لوجود حصيات فيها برؤوا تماماً من كامل أعراضهم السابقة للعمل الجراحي و25% الباقية استمرت لديهم أعراض خفيفة والتي لا تعود بشكل واضح للجهاز الصفراوي.


 التهاب المرارة اللاحصوي

لا يمكن للآفة الالتهابية الحادة أوالمزمنة أن تحدث في المرارة في غياب الحصيات. التهاب المرارة الحاد غير الحصوي هو عادة اختلاط للإنتانات أو القصورات الجهازية المتعددة والآفات القلبية الوعائية أو السكري أو الأمراض المزمنة أو العمليات الكبيرة. من الصعب تقدير نسبة حدوث الالتهاب المزمن غير الحصوي. حيث يوجد في أكثر من 50% من الأطفال و35% من النيجريين الذين لديهم آفات في الحويصل الصفراوي، ومعدل الحدوث المقبول عند الكهول في الولايات المتحدة هو أقل من 50% والأسباب الممكنة لذلك تتضمن:

  • بعض الحالات التشريحية كالانفتال والتليف وانسداد القناة الكيسية الناجم عن ورم أو أوعية شاذة.
  • تخثر الأوعية الكبيرة مما يؤدي إلى نقص تروية موضعي وتموت.
  • تشنج أو تليف معصرة أودي عند المرضى الذين لديهم قناة مشتركة أو بدون التهاب بنكرياس مرافق.
  • الأمراض الجهازية كالداء السكري وأمراض الغراء.
  • إنتانات نوعية كالحمى التيفية والداء الفطري الشعاعي والإصابات الطفيلية.
  • الحمى القرمزية ومجموعة من الأمراض الحموية عند الأطفال اليافعين.

يكون الومضان بـDISIDA أو PIPIDA والتصوير بالأمواج فوق الصوتية طبيعيين عند هؤلاء المرضى.


معالجة التهاب المرارة اللاحصوي

يفضل إجراء استئصال المرارة، لكن حالة المرضى فرضت إجراء تفميم للمرارة في 14من 16حالة في إحصائية واحدة. في الأطفال الذين لديهم أمراض حموية، يكون تفميم المرارة فعالاً بشكل خاص، واستئصال المرارة اللاحق يصبح غير مطلوب في الكثير من هؤلاء المرضى.