البنكرياس Pancreas

البنكرياس أو المعثكلة بالإنجليزية: Pancreas هي غدة تتوضع  بشكل معترض تقريبا في المسافة خلف البريتوان ، خلف المعدة وبين العفج في الأيمن و الطحال في الأيسر وهي تقسم بشكل اعتباطي إلى رأس مع ناتئه المعقوف ، وعنق ، وجسم ، وذيل .

[toc]


مكان توضع البنكرياس

يتوضع رأس البنكرياس في مستوى الفقرة القطنية الثانية قرب الخط المتوسط ، يستند الوجه الخلفي لرأس البنكرياس على الحافة الأنسية المكلية اليمنى وعلى الأوعية الكلوية اليمنى وعلى الوريد الأجوف السفلي .

يمتد الناتئ المعقوف UNCINATE PROCESS إلى الخلف و الأيسر من رأس البنكرياس ، خلف وريد الباب و الأوعية المساريقية العلوية فيما يتوضع عنق البنكرياس (الذي يوصل الرأس بالجسم ) أمام وريد الباب و الأوعية المساريقية العلوية .

يتشكل وريد الباب باتحاد الوريد المساريقي العلوي مع الوريد الطحالي لا توجد مفاغرات عادة بين الوجه الأمامي للوريد المساريقي العلوي ووريد الباب مع الوجه الخلفي لعنق البنكرياس و لذا يمكن عزلهما عن البنكرياس بالتسليخ الكليل عند عمليات استئصال رأس البنكرياس حيث يمكن بعد عزل الوريدين أن يتم القطع عند العنق .

fig11b

يتوضع جسم البنكرياس عند مستوى الفقرة القطنية الأولى و هو يبدأ عند الحافة اليسرى للوريد المساريقي العلوي و يكون وجهه الخلفي بتماس الأبهر و الكظر الأيسر و الكلية اليسرى و الأوعية الكلوية اليسرى و الوريد و الشريان الطحالي اللذين يسيران على طول حافته العلوية يتوضع ذيل البنكرياس بمستوى الفقرة الصدرية الثانية عشرة وتصل نهاية الذيل إلى سرّة الطحال.


القنوات الصفراوية المشتركة (القناة الجامعة):

خلف رأس البنكرياس في طريقها إلى العفج وتتغطى بشكل جزئي أو كلي بالبنكرياس في حوالي %80 من الحالات تدخل القناة جدار العفج وتسير ضمنه لمسافة 1.5 سم تقريبا ًتنشأ القناة البنكرياسية الأساسية (قناة ويرسينغ Wirsung  )في ذيل البنكرياس وهي تدخل جدار العفج تحت مستوى دخول القناة الجامعة و تتوضع القناتان جنبا لجنب عادة لعدة مليمترات قبل أن يشكلا قناة مشتركة تدخل القناة البنكرياسية الصفراوية الوحيدة (المشتركة ) إلى لمعة العفج في حليمة فاتر papilla of vater والتي تتوضع على الجدار الأنسي الخلفي للقطعة الثانية من العفج عند مستوى الفقرة القطنية الثانية أو الثالثة ، إن مجال فاتر ampulla of vater وهو توسع في القناة البنكرياسية الصفراوية المشتركة ضمن الحليمة وهو يتوضع أبعد من اتصال القناتين يوجد المجل في90 %من الحالات ويكون عادة قصيرا للغاية 5 ملم وأقل بينما في 10% من البشر تنفتح كل قناة بشكل مستقل في العفج ولا يوجد أي مجل وعندما توجد القناة المشتركة فإنها قد تكون هامة في الحدثية الأمراضية لالتهاب البنكرياس بالحصيات المرارية حيث يمكن أن تنحشر الحصاة في المجل مما يؤدي لانسداد القناتين تقوم القناة البنكرياسية اللاحقة عادة (قناة سانتوريني  santorini) بترح الأجزاء الأمامية والعلوية لرأس البنكرياس وهي تدخل في 60% من الحالات إلى العفج على بعد 2 سم أعلى وإلى الأمام قليلا من مجل فاتر عبر حليمة صغيرة وحيث أن القناة البنكرياسية اللاحقة تتفاغر غالبا مع القناة ويرسنغ لذا يمكن أن يتم الترح عبر الحليمة الكبيرة أو الصغيرة.

توجد الحليمة الصغيرة عادة أبعد من النقطة التي يعبر فيها الشريان المعدي العفجي خلف العفج ، ولذا يتم تجنب إلحاق الأذية بالقناة البنكرياسية اللاحقة خلال عمليات استئصال المعدة فإن تسليخ العفج يجب أن لا يمتد خلف الشريان .

توجد اختلافات طبيعية متعددة في التشريح القنوي لكن لا تؤدي إلى أمراض إلا الانقسام البنكرياسي PENCREASA DIVISUM الذي يحدث في 10% من البشر ويحدث هذا الانقسام عندما لا يتم التحام القنيات البنكرياسية الجنينية الظهرية والبطنية ، وهكذا تنفتح القناة البنكرياسية عبر الحليمة الصغيرة (الشكل 2-11)  في هذه الحالة فإنه لا ينفتح عبر حليمة فاتر (الحليمة الكبيرة سوى القناة التي تترح الناتئ المعقوف من البنكرياس) يحدث عند بعض الأشخاص المصابين بهذا التشوه (الانقسام البنكرياسي) التهاب بنكرياس حاد كنتيجة للانسداد النسبي في صبيب العصارة البنكرياسية وذلك لأن الحليمة الصغرة لا تكفي لتفريغ ذلك الحجم الكبير نسبياً من العصارة البنكرياسية.

تقيس القناة البنكرياسية الأساسية عند الكهول حوالي 3 إلى 4 ملم في القطر عند رأس البنكرياس. ومن 2-3 ملم في الجسم ، ومن 1-2 ملم في الذيل. يحصل بعض التوسع بشكل طبيعي مع التقدم في العمر ، بحيث يمكن اعتبار القناة التي يبلغ قطرها 5إلى 6 ملم طبيعية في عمر 7 سنة ، وعلى الرغم من هذا فإنه من الشائع اعتبار التوسع القنوي دلالة على المرض وتعبر عن الانسداد القنوي.


التروية الدموية للبنكرياس

تأتي التروية الدموية لرأس البنكرياس من الشريان العفجي البنكرياسي العلوي والذي ينشأ من الشريان المعدي العفجي وينقسم إلى فرعين أمامي وخلفي ، ويتفاغر هذان الشريانان مع فروع الشريان العفجي البنكرياسي السفلي والذي ينشأ من الشريان المساريقي العلوي، ينشأ شريان ظهر البنكرياس من الجزء القريب (أقرب 2 سم)من الشريان الطحالي وعقب إعطائه بعض الفرع التي يروّى بها رأس البنكرياس يسير للأيسر ليروّي جسم وذيل البنكرياس حيث يدعى الشريان في ذلك المكان الشريان البنكرياسي المعترض.

Gross anatomy of the pancreas

كذلك يتروى جسم وذيل البنكرياس بفروع عديدة من الشريان الطحالي تلك الفروع التي تتفاغر مع الشريان البنكرياسي المعترض.

ومن الشائع وجود اختلافات متعددة في هذه التروية الشريانية لكن معظم هذه الاختلافات لا تشكل أهمية في الجراحة.

وفي إحدى الاختلافات التشريحية الشائعة (تصل إلى 25% من الحالات ) ينشأ الشريان الكبدي الأيمن من الشريان المساريقي العلوي بدلا من أن ينشأ من الشريان الكبدي المشترك ، ثم يمكن للشريان الكبدي الأيمن بعدها أن يسير عبر مادة الغدة البنكرياسية (عادة ضمن الناتئ المعقوف ) حيث يمكن عندها أن يتأذى خلال عمليات استئصال  البنكرياس ، ويستمر خلف وريد الباب وغالبا على طول الجانب الأيمن للقناة الصفراوية المشتركة (الجامعة).

يجرى بعض الجراحين تصويرا شريانيا ظليلا قبل الجراحة التي تستدعي استئصال البنكرياس وذلك لكي يكونوا على حزر من هذه الشذوذات التشريحية.

ينرح الدم من رأس البنكرياس عبر أوردة توازي الشرايين المغذية يتحد الوريد العفجي البنكرياسي العلوي والوريد المعدي الثربي الأيمن والوريد الزلاقي ليشكلوا جزعاً معدياً زلاقياً كبيراً على الوجه الأمامي لرأس البنكرياس ، يصب هذا الجزع ضمن الوريد المساريقي العلوي مباشرة قبل مروره تحت عنق البنكرياس ،  وهو قد يكون مفيدا كنقطة علام تشريحية لتحديد هذا الوعاء خلال العمليات الجراحية على البنكرياس ، يمكن ربط هذا الجزع الوريدي خلال جراحات البنكرياس دون أية عقابيل كذلك الحال يترح وريد شبه ثابت من الجزء الخلفي لرأس البنكرياس ويصب على الوجه الأمامي أو الجانب الأيمن لوريد الباب عند الحافة العلوية للبنكرياس ، كذلك تصب أوردة رفيعة أخرى في الجانب الأيمن للوريد المساريقي العلوي ووريد الباب من البنكرياس مباشرة ولا ترى هذه الأوردة إلا خلال عمليات الاستئصال رأس البنكرياس ويجب ربطها بعناية ، أما الترح الوريدي لجسم وذيل البنكرياس فيصب مباشرة في الوريد الطحالي وكذلك عبر الوريد البنكرياسي السفلي إلا الوريد المساريقي العلوي أو السفلي .


النزح اللمفاوي للبنكرياس

إن الترح اللمفاوي للبنكرياس غزير ويتبع بشكل عام الترح الوريدي في كافة الاتجاهات. تقوم العقد العلوية التي تتوضع على طول الحافة العلوية للبنكرياس ،  بجمع اللمف من الأجزاء لأمامية والعلوية للنصف العلوي للبنكرياس ، فيما تقوم العقد السفلية التي تتوضع على طول الحافة السفلية لرأس وجسم البنكرياس بجمع اللمف من الأجزاء الأمامية والخلفية للنصف السفلي للبنكرياس. أما العقد الأمامية فتترح اللمف من الوجه الأمامي لرأس البنكرياس ، وتتوضع أمامية تحت البواب في الميزابة بين البنكرياس والعفج وفي جزر مساريقيا الكولون المعترض ، فيما تترح العقد الخلفية الوجه الخلفي لرأس البنكرياس ،  وهي تتوضع خلفيا في الميزابة بين البنكرياس والعفج على طول القناة الصفراوية المشتركة (الجامعة)

وعلى طول الأبهر حتى تصل لمستوى منشأ الجزع الزلاقي وعند منشأ الشريان المساريقي العلوي تقوم العقد الطحالية بترح اللمف من زيل البنكرياس.

إن الترح اللمفاوي للبنكرياس هو على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة لإنتشارات السرطان البنكرياسي الذي يصيب رأس البنكرياس بشكل أكثر شيوعا. يعاني معظم المرضى المصابين بسرطان بنكرياس من وجود انتقالات عقدية في الوقت الذي يجرى فيه تشخيص الداء، ويصيب هذا الداء الإنتقالي عادةً عدد من المجموعات المذكورة سالفاً، باستثناء العقد الطحالية. إن الإجراءات الجراحية الشافية لمثل هذا الداء يجب أن تشمل إزالة العقد اللمفية المصابة بالإضافة لاستئصال الورم البدئي.


تعصيب البنكرياس

تتلقى البنكرياس ألياف ودية عن طريق الأعصاب الحشوية، وأخرى نظيرة ودية عن طريق الأعصاب المبهمية (التفرع الزلاقي للجذع المبهمي الخلفي) وتتبع الأعصاب بشكل عام الأوعية الدموية والقنيات البنكرياسية، وذلك في طريقها إلى القنيات البنكرياسية . تحمل الأعصاب الحشوية أيضاً أليافاً آلمية حشوية واردة، وهي تسير عبر العقد والضفائر الزلاقية . ليس من المعلوم فيما إذا كانت الألياف الواردة للمبهم تشترك في إحداث الألم البنكرياسي، وحيث أن السرطان البنكرياسي وإلتهاب البنكرياس المزمن يترافقان غالباً مع ألم ملحوظ لذا فإنه يجرى أحياناً في سبيل تفريج هذا الألم تدمير العقد الزلاقية مع درجات مختلفة من النجاح


وظائف البنكرياس

 وظيفة الإفراز الخارجي ( أنزيمات البنكرياس ووظائفها ) :

تقوم البنكرياس بإفراز لتر إلى لترين في اليوم من سائل مائي صافي قلوي تبلغ درجة PH من 8.0 إلى 8.3 ويحتوي أكثر من 20 أنزيماً هاضماً إن هذه العصارة الغنية بالشوارد تكون متعادلة حلوياً مع البلاسما ويتم إفراز هذه العصارة بشكل رئيسي من الخلايا العنبية المركزية والخلايا التي تشكل جدران القنوات البنكرياسية الصغيرة كاستجابة للإفراز.

إن الشارجبات (الشوارد الإيجابية) الأساسية في هذه العصارة هي الصوديوم والبوتاسيوم والتي تتواجد دائماً بتراكيز تشابه تراكيزها في البلاسما ( إن مجموع الاثنتين يساوي تقريباً 165 ميلي مول / لتر . أما تراكيز الشارسبات ( الشوارد السالبة ) الأساسية (وهي البيكربونات والكلوريد ) فيختلف من حالة إلى أخرى عندما يكون الحث الإفرازي ضئيلا تكون تراكيز الكلوريد مرتفعة (110 ميلي مول/ليتر على سبيل لمثال) وتراكيز البكربونات منخفضة (50ميلي مول/ليتر على سبيل المثال)

فيما تهبط تراكيز الكلوريد (إلى مايقارب 20ميلي مول /ليتر ) إن إفراز البيكربونات بمثل هذه التراكيز العالية تحتاج لنقل فعال (أي مستهلك للطاقة ) يتم تأمين العلاقة العكسية بين هاتين الشاردتين جزئيا بواسطة التبادل المنفعل بين البكربونات داخل الأقنية مع الكلوريد ضمن المسافات بين الخلالية (الخلالية يحدث هذا التبادل بتدفق العصارة عبر الأقنية البنكرياسية الكبيرة في طريقها إلى العفج ففي معدلات التدفق البطيئة يوجد ميل أكبر للتبادل بين الشاردتين وهكذا يتم فقدان كميات أكبر من البكربونات (داخل الأقنية) بتبادلها مع الكلوريد (الخلالي )تساعد العصارة البنكرياسية القلوية في تعديل العصارة المعدية الحامضة في العفج ويحقق درجة ال ph المثالية لتفعيل الأنزيمات البنكرياسية الهاضمة

يتم تركيب وخزن الأنزيمات الهاضمة في الخلايا  العنبية البنكرياسية وتتحرر (تفرز) كاستجابة لكوليسيتوكينين cholectstokinin (cck) والحث الكوليني المبهمي .

تصنف الأنزيمات البنكرياسية إلى حالة للبروتين proteolytic (منها على سبيل المثال : التريبسين trypsin الكيموتربسين chymotrypsin الكاربوكسي ببتيداز carboxypeptidasin الريببونوكلياز ribonuclease الديوكسي ريبونو كلياز deoxyribonuclease الإيلاستاز elastase )وحالة للدسم lipolytic (ليباز lipase كوليباز  colipace فوسفوليباز 2 A phospholipase  ) وعلى الرغم من أن الليباز والاميلاز يتم إفرازهما في شكلهما الفعال فإن الأنزيمات الحالة للبروتين والفوسفوليباز 2 a يتم افرازها بشكلها غير الفعال (مولد أنزيم zymogen ) إن تفعبل مولد التربسين (التربسينوجين )  إلى تربسين يحدث عندما يخضع مولد الأنزيم لتأثير أنزيم الإنتروكيناز العفجي ثم يقوم التريبيسين بعدها بتحويل بقية مولدات الأنزيم إلى أشكالها الفعالة تقوم الأنزيمات الحالة بالبروتين في الأمعاء بتحويل البروتينات إلى ببتيدات فيما تقوم اليباز  بتحطيم الشحوم إلى غلسرول وحموض دسمة أما الفوسفوليباز 2 a فيتواسط في تحويل اليسيثين الصفراوي biliary lecithin  إلى لايزوليسيثين lysolecithin فيما يحول الأميلاز النشاء إلى عديدات السكاريد والدكسترينات dextrins .

يتم التركيب الانزيمي على البولي سيمات polysomes  المتصلة بالشبكة السيتوبلازمية الداخلية الخشنة ثم تهاجر الانزيمات حديثة الشكل عبر مختلف المكونات الجزيئية الخلوية و تنتهي كحبيبات مولد للأنزيم zymogen granules حيث يتم خزنها على هذا الشكل كذلك الحال يتم تركيب أنزيمات الجسيمات الحالة lusosomal enzumes بألية مشابهة تلك الأنزيمات التي لا يحتاج تحللها إلى مكونات داخل خلوية إنها تعتبر مستقلة عن الأنزيمات الهاضمة وتخزن أيضا بشكل منفصل في تراكيب خلوية أخرى تدعى الجسيمات الحالة lusosmes

يؤدي الحث الإفرازي إلى إلتحام غشاء الحبيبات مولدة الأنزيم مع الغشاء القمي للخلايا العنبية (الغشاء المتجه للمعة ) ويتم إفراز الأنزيمات ضمن قناة توجد دلائل تجريبية على أن أنزيمات الجسيمات الحالة (مثل الكاثيبسين :cathebcin B ) يمكن لها أن تفعل مولد التربسين (التربسينوجين) ضمن الخلية في حال تم التلامس مع المادتين وهكذا فإن انفصال الأنزيمات الجسيمات الحالة عن الأنزيمات الهاضمة غير المفعلة قد يكون هاما لتجنب الأذية الخلوية التي تتلوا مثل هذا التفعيل الأنزيمي إن مثل هذا التفعيل الأنزيمي داخل الخلوي غير الطبيعي يبدوأنه السبب حدوث التهاب البنكرياس في كثير من حيوانات المختبر هذا على الرغم من أنه من غير المعروف فيما إذا كان هذا الأمر يحدث أيضا عند البشر .

 تنظيم الإفراز:

يقع الإفراز البنكرياسي تحت سيطرة غدية عصبية معقدة يتم إفراز السائل القنوي والبيكربونات بشكل أساسي كاستجابة للإفراز الهرموني والذي يتحرر من مخاطية العفج والجزء القريب من الأمعاء الدقيقة كاستجابة للحمض (المعدي ) الواصل للمعة المعوية يبدأ إفراز البكربونات عندما تهبط درجة ال PH  في اللمعة العفجية إلى أدنى من 4.5 يتم حث الإفراز الأنزيمي من العنبات الغدية البنكرياسية بواسطة الشحنات المبهمة القولونية من جهة وبواسطة هرمون الCCK (هرمون الكوليسيستوكينين المفرز من مخاطية العفج الجزء القريب من الأمعاء الدقيقة حيث يتم إفرازها كاستجابة للحموض الدسمة والببتيدات القليلة وبعض الحموض الأمينية .

يصنف الإفراز البنكرياسي إلا ثلاثة اطوار راسي ومعدي ومعوي يبدأ طور الرأسي برؤية  وشم واشتهاء الطعام وعلى الرغم من ان الإفراز بمعظمه يكون أنزيميا لكن يتم إفراز بعض البكربونات يحصل الإفراز الأنزيمي عن طريق الحث الكوليني (المبهمي)فيما قد يكون سبب الإفراز الجزئي للبكربونات هو الVIP (عديد الببتيد المعوي الفعال وعائياً VASOECTIVE INTESTINAL POLYPEPTIDE وهو متعلق بنيوياً بالسكرتين أما الطور المعدي للإفراز فيبدأ عندما يدخل الطعام إلى المعدة حيث أن تمدد المعدة بالإضافة لتعرف مخاطية المعدة للمغذيات ( كالببتيدات على سبيل المثال ) يؤديان مبدئياً للإفراز البنكرياسي الغني بالأنزيمات يتم حصر هذا التأثير بالأتروبين أو بمقطع المبهمين الجزعي وقد تشمل أيضاً المنعكس المعدي البنكرياسي المبهمي – المبهمي يبدأ الطور المعوي للإفراز عندما يتم إفراغ الكيموس ضمن العفج يعتبر هذا الدور هاماً كي يتم تأمين الإفراز الأنزيمي عندما يتراجع تمدد المعدة إلى الحمض المعدي مسؤول أيضاً عن الإفراز الأنزيمي عندما يتراجع تمدد المعدة. إن الحمض المعدي مسؤول أيضاً عن الإفراز البنكرياسي من البيكربونات، فعندما يُفقد التأثير الدارئ (المضاد للحمض) للطعام فإن PH العفج تبدأ بالهبوط (باتجاه الحموضة) ويتحرر الإفراز البنكرياسي بناءً على ذلك. إن الآلية المسؤولة عن الطور المعوي للإفراز هي عصبية وهرمونية معاً بما فيها المحرِّضات (كالسيكرتين، والكوليسيستوكنين، والببتيد المحرّر للغاسترين، gastrin-releasing  peptide  GPR، والبومبيسين، والنيوروتترين، والـ VIP، والمثبطات (كعديد الببتيد البنكرياسي pancreatic polypeptide  PP، والببتيد المتعلق جنينيا بالكالسيتونين relatedpeptide calcitonin-gene CGRP، والببتيد yy، والببتيد العصبي  y، والسوماتوستاتين). وبالأضافة إلى هذه العوامل المثبطة ف‘نه توجد أدلة أيضاً على وجود آلية تلقيم راجع للإفراز البنكرياسي .

يظهر أن وجود البروتياز البنكرياسية والصفراء ضمن العفج يثبط تحرر الـ CCK، وهكذا فإن التحويل الصفراوي البنكرياسي عند الأمعاء يتميز بارتفاع مستويات الـ CCK في البلاسما وبالتالي حث الإفراز البنكرياسي قد يكون لهذا الأمر بعض التأثيرات السريرية في المرضى المصابين بالتهاب البنكرياس المزمن والذين تتم معالجتهم في بعض الأحيان بكميات كبيرة من الأنزيمات البنكرياسية عن طريق الفم وكذلك كمحاولة لتثبيط الإفراز البنكرياسي عندهم.

تقدَّر كمية الأنزيمات البنكرياسية المفرزة كاستجابة للوجبة الطعامية بأنها تفوق بما يقرب من 90% الحاجة الفعلية للهضم الطبيعي، وهكذا فإن المرضى لا يشكون من أعراض سوء الامتصاص إلا عندما يهبط الإفراز البنكرياسي إلى حوالي 10% من الحد الطبيعي أو أقل. يمكن أن تنتج عدم الكفاءة البنكرياسية من انسداد القناة البنكرياسية الرئيسية، الأمر الذي يمنع الأنزيمات من دخول الأمعاء (كما يحدث في حالة سرطان البنكرياس)، أو من تلف البرانشيم البنكرياسي المفرز (كما يحدث في حالة التهاب البنكرياس المزمن)، أو من الإجراءات الجراحية التي تستأصل البنكرياس أو تؤدي لنقص الخلط بين الكيموس المعدي والمفرزات البنكرياسية (كما يحدث في حالة الاستئصال الجزئي للمعدة مع مفاغرة معدية صائمية). يؤثر عدم الكفاءة البنكرياسية على امتصاص الدسم أكثر من تأثيره على امتصاص البروتين أو الكربوهيدرات، وذلك لأن الهضم البروتيني يتشارك بالببسين المعدي وبأنزيمات الحافة المزغبرة للأمعاء الدقيقة، وكذلك الهضم الكربوهيدراتي يتشارك بالأميلاز اللعابية. وأكثر من ذلك فإن سوء امتصاص الدسم يؤدي لإسهال مزعج فيما يكون سوء الامتصاص البروتيني والكربوهيدراتي غير عرضي بشكل عام. في الحمية التي تحوي 100 غرام من الدسم يومياً يطرح الأشخاص الطبيعين ما بين 5 إلى 7 غرامات يومياً من الدسم في البراز (أي إن وجود سوء امتصاص للدسم بمقدار 5 إلى 7% يعتبر طبيعياً).

يؤدي استئصال البنكرياس التام إلى سوء امتصاص للدسم يصل حتى 70% (أي من 100 غرام دسم يتناوله المريض يتم طرح 70 غرام)، يمكن ألا يؤدي الاستئصال الجزئي للبنكرياس إلى أي سوء في الامتصاص حيث قد يكون الجزء الباقي من البنكرياس كافياً. لا يشكل سوء الامتصاص الفيتاميني مشكلة إلا نادراً، حيث أن الفيتامينات B الذوابة في الماء تُمتص عبر الأمعاء البنكرياسية لكي يتم امتصاصها، قد يحدث سوء امتصاص فيتامين B12 في بعض المرضى لكنه من النادر أن يؤدي لمشكلة ملحوظة، ولذا لا يحتاج الأمر عادة لتعويض هذا الفيتامين.

إن هدف معالجة عدم كفاية الإفراز الخارجي البنكرياسي يوجه نحو تدبير الإسهال الذي يحدثه الدسم في البراز (الإسهال الدهني) وذلك لأن الإصلاح التام لسوء الامتصاص يعتبر أمراً غير قابل للتحقيق. ولأجل تحقيق هذا الهدف (معالجة الإسهال) فإنه لابد من وجود 5 إلى 10% على الأقل من الكمية الطبيعية للأنزيمات داخل العفج في الوقت نفسه الذي يصل فيه الكيموس المعدي إلى العفج، إن هذه الكمية تعادل (30000) وحدة من الليباز تقريباً في كل وجبة، والتي يمكن أن تُعطى خلال الوجبة أو كجرعة وحيدة قبل الطعام، ويتوفر عدد مختلف من المستحضرات الأنزيمية ويجب اختيار النوعية الأقل كلفة والأكثر فعالية، وحيث أن الليباز لا تكون فعالة في درجة الـ PH التي تقل عن: 4 (ومن الممكن أن تنخفض درجة الـ PH العفجية المعدية عن هذه الدرجة) لذا فإن هذه المعالجة بالأنزيمات قد لا تكون مؤثرة في حال كانت الحموضة المعدية مرتفعة.

يجب تعليم المرضى لكي يباشروا حميتهم الغذائية بأربع وجبات يومياً تحوي 3000 من السعرات الحرارية يومياً، ويجب أن تحتوي على 400 غرام من الكربوهيدرات، 100 إلى 150 غرام من البروتين، وكميات معتدلة من الدسم (25 غرام في كل وجبة). في حال تمكنت الأنزيمات من السيطرة على الإسهال فمن الممكن جعل كمية الدسم في الوجبة غير معقدة إلى أن تعود الأعراض للظهور من جديد، حيث يتم تحديد كمية الدسم بحيث تكون أقل من الكمية التي تسبب الأعراض. أما في حال لم تتمكن الأنزيمات من إيقاف الإسهال الذي بقي مستمراً فمن الواجب إضافة حاصرات مستقبلات H2 لإنقاص الحموضة المعدية، وفي حال لم تكن هذه الطريقة فعالة فيجب إيقاف حاصرات مستقبلات H2، ويمكن تجربة إعطاء المستحضرات الأنزيمية المغلّفة معوياً enteric coated، حيث بهذا الشكل تتغطى هذه الأنزيمات بالمكوثرات التي تحميها فتجعلها تقاوم الحمض ولا تتفكك إلا في درجة 5>PH، وهكذا يزداد الاحتمال بأن توجد الليباز في العفج بشكلها الفعال.


وظيفة الافراز الغدي الصمي

تشكل جزيرات لانغرهاس islets of Langerhans من 1 إلى 2% من كتلة البنكرياس، ولكنها تتلقى ما يقارب الـ 20% من مجمل الصبيب الدموي البنكرياسي، وهي تتوزع بشكل منتشر في مجمل البرانشيم البنكرياسي، لكن تتمركز بعض الخلايا المفرزة للهرمونات في أماكن محددة. تتوزع الخلايا المفرزة للأنسولين بشكل متساوٍ وتتوضع عادة في لب كل جزيرة حيث تشكل هناك ما يقرب من 60 إلى 80% من مجمل الخلايا، ويحيط بها غلاف من خلايا أخرى مختصة بإفراز الغلوكاكون (وتشكل حوالي 15 إلى 20% من خلايا الجزر)، وإفراز السوماتوستاتين (5 إلى 10%)، وإفراز عديدات الببتيد البنكرياسية (15 إلى 20%) توجد هذه الخلايا الأخيرة بشكل أساسي في رأس البنكرياس، أما خلايا الغلوكاكون فتوجد بشكل أساسي في جسم وذيل البنكرياس.

 الإنسولين: الإنسولين هو ببتيد مؤلف من 51 حمضاً أمينياً (MW5734Da) ويتألف من سلسلتين من عديدات الببتيد، يتم تركيب الإنسولين من خلايا ببيتا وذلك اعتباراً من طليعة الإنسولين pro insulin. يقوم الإنسولين بتخفيض تركيز الغلوكوز في الدم وذلك بتعزيزه لأخذ الغلوكوز من قبل كافة الخلايا الجسدية، وتعزيز تكوين الغليكوجين وتثبيط تكون الغلوكوز. ويحث الإنسولين أيضاً على تكوين الدسم ويثبط تحلل الدسم، ويعزز تركيب البروتين وعلى الرغم من أن العوامل التي تتحكم بإفراز الأنسولين تتصف بكونها متعددة ومعقدة إلا أن العامل الأكثر أهمية هو ارتفاع تركيز الغلوكوز في الدم، كذلك فإن ارتفاع تركيز بقية المدخرات بما فيها الحموض الأمينية (كالأرجنتين مثلاً) والحموض الدسمة يحث على تحرر الإنسولين إن المكان المبدئي لعمل هذا الهرمون هو الكبد والعضلات والخلايا الشحمية.

 الغلوكاكون: الغلوكاكون هو ببتيد مكون من سلسلة وحيدة فيها 29 حمضاً أمينياً (MW3483Da)، يتكون في خلايا ألفا في جزيرات لانغرهانس، يقوم الغلوكاكون بزيادة غلوكوز الدم وذلك بإحداثه لتحلل الغليكوجين في الكبد وتركيب الغلوكوز، وهكذا فإن تأثيرات الغلوكاكون تعاكس بشكل متوازن تأثيرات الأنسولين، كذلك يقوم الغلوكاكون بإرخاء وتمدد العضلات الملساء كالمعدة والعفج ومصرّة أودي. يتحرر هذا الهرمون عند انخفاض غلوكوز الدم، وبالحموض الأمينية، وبالكاتيكول أمينات (أثناء الشدة مثلاً) وبالسيالات العصبية الودية، وبالكوليسيستوكينين، فيما يؤدي الأنسولين وفرط غلوكوز الدم إلى تثبيط تحرر الغلوكاكون.

السوماتوستاتين : السوماتوستاتين هو ببتيد رباعي – عشاري (MW1637Da) ويتكون في خلايا دلتا في جزيرات لانغرهانس.

تقوم المغذيات سواء الفموية أو الوريدية بحث أفراز السوماتوستاتين ، وكذلك يمكن للأليات العصبية والهرمونية أن تشترك في السيطرة على هذا الإفراز يقوم السوماتوستاتين بتثبيط تحرر الإنسولين وكذلك يفعل الإنسولين أيضاً ( أي أنه يقوم بتثبيط تحرر السوماتو ستاتين )ويمكن لهذا الهرمون أن يعمل كمنظم هام لاستتباب الغلوكوز .

أن للسوماتوستاتين طيفاً واسعاً من الفعاليات معظمها مثبط، وهي تشمل تثبيط إفراز الغاسترين ، والسكيرتين ، والـــ VIP، والحمض المعدي ، والببسين ، وأنزيمات البنكرياس ، والغلوكالون ، كذلك يقوم السوماتوستاتين بتثبيط الحركية المعدية والمعوية والصفراوية .

 عديد الببتيد البنكرياسي:

أن عديد الببتيد البنكرياسي ( pp) pancreatic polypeptideهو ببتيد مكون من 36 حمضاً امينياً ( mw4200da) ينشأ في خلايا (pp) يعتبر م البروتين المتناول فموياً ، والحث المبهمي الكولينرجي ، ونقص غلوكوز الدم من الحاثات القوية لتحرر pp ، كذلك يقوم الــ ppبتثبيط الإفراز الغدي الخارجي للبنكرياس أن البنكرياس كغدة صماء تؤثر على تركيب وإفراز الأنزيمات البنكرياسية من البرنشيم البنكرياسي ذي الإفراز الغدي الخارجي ، على الأقل بشكل جزئي ، وهذا الأمر يحدث كنتيجة للدوران البابي من الجزر إلى العنبات الغدية حيث يروي الدم أولاً المجموعات الجزيرية بشبكة وعائية تحيط بالعينات قبل نزوجها خارجاً إلى مجمل غدة البنكرياس ، وهكذا تتعرض العنبات الغدية البنكرياسية  ( خارجية الإفراز ) لتراكيز عالية من الهرمونات المفرزة من خلايا الجزر أكثر من تعرض الأنسجة المحيطية في مجمل الجسم ، وقد يكون لهاذا الترتيب أهمية سريرية ، فعلى سبيل المثال يقوم الإنسولين بتفعيل التعبير الجيني للأميلاز وتفعيل تركيب الأميلاز في الخلايا العنبات الغدية ينظم حساسيتها للكوليسيستو كنين ،ويمطكن لهذا الأمر أن يفسر لماذا يعاني حوالي 40% من مرضى داء السكري من النمط I ( الأول) من بعض الضرر في الوظيفة البنكرياسية خارجية الإفراز وأن حوالي 70% من المرضى المصابين بالتهاب بنكرياس مزمن يصابون أيضاً بداء السكري