الحصبة الألمانية ( الحميراء ) Rubella

الحصبة الألمانية أو الحميراء أو حصبة الثلاثة أيام Rubella

الحصبة الألمانية أو الحميراء أو حصبة الثلاثة أيام بالإنجليزية Rubella هو مرض يسببه فايروس الحصبة الألمانية الذي ينتقل من الإفرازات التنفسية عند مريض مصاب إلى مريض سليم وينتشر بالدم مسبباُ أعراض جلدية وتنفسية وجهازية .

[toc]


العامل المسبب في الحصبة الألمانية

فيروس الحصبة الألمانية حمضه النووي RNA أحادي الطاق، ذات غلاف سكري شحمي وتصنف ضمن عائلة  Toga virus وعلى الرغم من أن هذا الفيروس ممرض للإنسان فقط فمن السهل استنباته في عدد من المزارع النسيجية.


الإمراض في الحصبة الألمانية

يأتي الفيروس من الإفرازات التنفسية المخموجة، ثم يغزو الظهارة التنفسية وينتشر في الدم (تفيرس دم أولي viremia )، وبعد انتساخ الفيروسات في الجهاز الشبكي الهيولي الباطن يحدث تفيرس دم ثانوي، ويمكن عزل الفيروس من وحيدات النوى في الدم المحيطي، ومن ثم تشاهد الفيروسات في أنحاء الجسم كافة (الإفرازات، البول، السائل الدماغي الشوكي)، وتؤدي الإصابة في الرحم إلى مراضة شديدة، إذ تؤدي إصابة الأم خلال الثلث الأول من الحمل إلى حدوث خمج جنيني في أكثر من 90% من الحالات، وإلى حدوث التهاب أوعية معمم وخمج معمم يصيب كامل الأجهزة العضوية تقريباً.


الوبائيات في الحصبة الألمانية

الإنسان هو الثوي الوحيد الطبيعي لفيروس الحصبة الألمانية، وفي التجمعات غير المتلقية للقاح يحدث المرض عادة بعمر 5 – 14 سنة بينما تحدث الإصابة في التجمعات المتلقية للقاح في العشرينات من العمر غالباً و عند البالغين الشباب خاصة (خاصة في المؤسسات الكبرى كالجامعات والمشافي).

ومن الواجب تقصي أضداد الحصبة الألمانية لدى العاملين في الرعاية الصحية وإعطاء اللقاح للأشخاص سلبيي المصل.

يبدو أن قابلية النقل العظمى للحصبة الألمانية التالية للولادة تكون قبل ظهور الطفح الوصفي بيومين وبعد 5 – 7 أيام، وتمتد فترة الحضانة للحصبة الألمانية التالية للولادة من 14 – 21 يوماً و الأكثر شيوعاً  16 – 18 يوماً.

و يمكن للرضيع المصاب بالحصبة الألمانية الخلقية أن يطرح الفيروس في الإفرازات الأنفية البلعومية لفترة تزيد على سنة بعد الولادة وقد تنقل الفيروس للمماسين المؤهبين.

تفيد الأضداد التي تعبر المشيمة إلى الجنين في وقاية الرضيع خلال الأشهر الستة الأولى من الحياة. وفي التجمعات المغلقة يقارب معدل الخمج 100% في حين يقدر بـ 50 – 60 % بين أفراد الأسرة المؤهبين، وتزيد الحالات تحت السريرية على تلك الحالات المتظاهرة سريريا بنسبة 1/2.

يكثر حدوث الحصبة الألمانية عادة في الربيع مع أوبئة تحدث على المجموعات البشرية غير الملقحة على شكل دورات كل 6 – 9 سنوات. يمنح الخمج مناعة دائمة، وتشير نتائج المسح إلى أن 10 – 20 % من البالغين الشباب مؤهبين للإصابة بالحصبة الألمانية.


التظاهرات السريرية في الحصبة الألمانية

يتميز الطور البادري بأعراض نزلية بسيطة وقد يمر دون أن يلاحظ، والعلامات الوصفية للحصبة الألمانية هي:

اعتلال ممض في العقد اللمفاوية خلف الصيوان وعقد المثلث الخلفي للعنق والعقد القذالية، والمترافق مع طفح حمامي بقعي حطاطي مبعثر.

يبدأ الطفح على الوجه وينتشر للجسم، ويدوم ثلاثة أيام، ويتألف الطفح الباطن من بقع وردية متميزة على الحنك الرخو وقد يظهر قبل الطفح الجلدي.

تتضمن العلامات الأخرى:

  • التهاب البلعوم البسيط
  • التهاب الملتحمة
  • القهم
  • الصداع
  • الدعث
  • حمى منخفضة الدرجة.

وقد يحدث التهاب مفاصل عديد (يصيب عادة مفاصل اليدين) وبخاصة لدى السيدات الكبيرات في السن، لكنه يتراجع عادة دون عقابيل. وقد يحدث الخدر والتهاب الأوتار.

يكون تعداد الكريات البيض طبيعياً عادة وقد يكون منخفضاً، ومن النادر حدوث نقص في الصفيحات.


التشخيص في الحصبة الألمانية

تتميز الحصبة الألمانية بمظهر سريري غير نوعي نسبياً. و يمكن وضع التشخيص بشكل أكيد على أساس سريري فقط أثناء جائحات الحصبة الألمانية.

  • يتضمن التشخيص التفريقي:
  • الحمى القرمزية
  • الحصبة الخفيفة
  • وردية الرضيع
  • الخمج بالفيروسات المعوية
  • كثرة الوحيدات الخمجية
  • الطفح الدوائي.

يمكن إثبات التشخيص النوعي بعزل الفيروس من الإفرازات الأنفية البلعومية أو بارتفاع الأضداد في المصل بفارق أربعة أضعاف ما بين مصل المريض في الطور الحاد والمصل في طور النقاهة. وقد تعزل الفيروس من الدم والبول والسائل الدماغي الشوكي بخاصة في حالة الخمج الخلقي.


معالجة الحصبة الألمانية

لا تتوفر معالجة فعالة مضادة للفيروسات في الحصبة الألمانية. تستخدم خافضات الحرارة ومسكنات الألم، ولا حاجة لمضادات الهستامين لأن الطفح غير حاك.

الحصبة الألمانية الخلقية:

وصف Gregg هذه المتلازمة عام 1941 والتي تحدث في إصابة الأم بالحصبة الألمانية وبالتالي خمج المشيمة، ومن ثم دخولها دوران الجنين مما يؤدي إلى خمج منتشر في عدة أعضاء. والتوقيت أمر حاسم في إمراض الحصبة الألمانية الخلقية، فإذا ما اكتسب الجنين الخمج خلال الأشهر أو الأسابيع الأولى من الحمل فمن المحتمل أن يكون ذلك الخمج مزمناً ومستمراً. أما في الفترة التي تلي الشهر الرابع من الحمل فالميل لذلك الإزمان الملاحظ في الحصبة الألمانية الحادثة ضمن الرحم خلال الأسابيع الـ 8 – 12 الأولى غير وارد. والمرجح أن يحدث الاعتلال الجنيني بالحصبة الألمانية عن تثبيط التضاعف الخلوي أو الخمج المزمن المستمر في الفترة الحاسمة من تكون الأعضاء أو من اشتراك كلا العاملين.

تظاهرات متلازمة الحصبة الألمانية الخلقية:

  • تأخر نمو ضمن الرحم.
  • الصمم: قد يكون التظاهرة الوحيدة، و قد يكون وحيد الجانب، لكن المعتاد أن يكون ثنائي الجانب، و قد يكون شديداً أو بسيطاً لا يكشف إلا بتخطيط السمع.
  • تشوهات عينية: أهمها الساد، الزرق، أمراض الشبكية، صغر العين.
  • إصابة دماغية: صغر الرأس، تخلف عقلي، التهاب الدماغ، الشلل الرباعي التشنجي.
  • تشوهات قلبية: على رأسها بقاء القناة الشريانية مفتوحة، عيوب الحاجز البطيني، تضيق الشريان الرئوي، تنخر العضلة القلبية.
  • من التظاهرات الأخرى: ضخامة الكبد، ضخامة الطحال، ذات الرئة الخلالية، آفات عظمية، نقص الصفيحات، الداء السكري، اضطرابات الدرق، البلوغ المبكر، اضطرابات نفسية وسلوكية.

بينت الدراسات أن خطر حدوث التشوهات الخلقية بعد إصابة الأم يكون كالتالي:

  • 30 – 50 % خلال الأسابيع الأربعة الأولى من الحمل.
  • 25 % خلال الأسابيع 5 – 8 من الحمل.
  • 8 % خلال الأسابيع 9 – 12 من الحمل.

التظاهرات السريرية عند الوليد:

من الشائع وجود نقص في وزن الولادة وقد ترافقه فرفرية نقص الصفيحات التي يميزها طفح حبري وفرفري برفقة تظاهرات عابرة أخرى كضخامة الكبد والطحال والتهاب الكبد، فقر الدم الانحلالي، الآفات العظمية (التخلخل الكردوسي) وانتباج اليافوخ الأمامي مع أو دون كثرة الخلايا متعددة الأشكال في السائل الدماغي الشوكي، وقد تصاحب العيوب القلبية والعينية وعيوب السمع والجهاز العصبي المركزي هذه المظاهر العابرة.


التشخيص:

ينبغي الشك بوجود الحصبة الألمانية في الظروف التالية:

  • قصة إصابة محتملة بالحصبة الألمانية أو التعرض لها خلال الثلث الأول من الحمل.
  • وجود واحد أو أكثر من التظاهرات المذكورة للحصبة الألمانية الخلقية.

يعتمد وضع التشخيص النهائي بشكل مثبت على عزل الفيروس والاختبارات المناعية. إذ يمكن زرع فيروس الحصبة الألمانية من المفرزات الأنفية البلعومية ومن البول ومن السائل الدماغي الشوكي ومن كل مختلف أعضاء الجسم، ويبقى الرضع المصابون مخموجين بصورة مزمنة، لكن طرح الفيروس عرضة للتناقص مع التقدم في العمر ويتوقف معظم الرضع ببلوغ السنة الأولى من العمر عن طرح الفيروس عادة.

يحتوي مصل الرضيع المصاب بالحصبة الألمانية الخلقية ضد IgM نوعياً مكتسباً بصورة فاعلة وضد IgG مكتسبا بصورة منفعلة من الأم، و بعد عدة أشهر لاحقة من الولادة يصبح IgG المكتسب عبر المشيمة غير قابل للكشف، فيما قد تبقى مستويات IgM، وببلوغ السنة الأولى من العمر يغدو IgG  المكتسب بصورة فاعلة هو ضد الحصبة الألمانية المسيطر بشكل واضح.


التشخيص التفريقي في الحصبة الألمانية

يجب تشخيص الحصبة الألمانية الخلقية عن:

  • خمج الفيروس المضخمة للخلايا CMV
  • داء المقوسات
  • السفلس الخلقي
  • خمج الحلأ البسيط.

و يتم تمييز الحصبة الألمانية الخلقية بتظاهراتها العينية و القلبية مع قصة إصابة الأم بالحصبة الألمانية، و يتم إثبات التشخيص بالاختبارات المناعية النوعية.


الإنذار في الحصبة الألمانية

تحمل فرفرية نقص الصفيحات إنذاراً سيئاً، وتصل نسبة الوفيات فيها إلى 35 %، بينما تكون نسبة الوفيات نحو 10% في حال غياب الفرفرية.  يعد الإنذار ممتازاً عند الأطفال المصابين بعيوب صغرى.


الوقاية من الحصبة الألمانية

يجب إعطاء الغلوبلين المناعي للنساء الحوامل غير الممنعات عند تعرضهن للحصبة الألمانية عندما يرفضن إجراء الإجهاض حتى في حال حدوث خمج مثبت. من الممكن بالطبع تحديد حالة التمنيع عند المرأة الحامل المتعرضة للخمج بالمعايرات المصلية. يفيد التمنيع الفاعل باللقاح الحي المضعف في الوقاية من الحصبة الألمانية، وبعد التلقيح تطرح الفيروس من البلعوم الأنفي لعدة أسابيع لكنها لا تكون قابلة للسراية بهذه السهولة. ويستطب اللقاح لكل الأطفال (يعطى بعمر 12 – 15 شهر) ولكل الفتيات غير الممنعات بعد البلوغ واللواتي لن يصبحن حاملات خلال ثلاثة الأشهر التالية. أدت سياسة التمنيع الحالية لإنقاص نسب حدوث الحصبة الألمانية ومتلازمة الحصبة الألمانية الخلقية، وبشكل رئيس عن طريق منع حدوث الجائحات، وبالطبع فإن التلقيح لن يمنع تفشي الحصبة الألمانية لكنه قد ينقص من نسبة النساء الحوامل غير الممنعات.

على الرغم من احتواء لقاح الحصبة الألمانية فيروسات مضعفة بشكل كبير، وعدم ترافقه مع أذية للجنين، إلا أنه أمكن عزل هذه الفيروسات من الأجنة، وبالتالي يعد إعطاء اللقاح من مضادات الاستطباب أثناء الحمل، ولا يعد الإعطاء غير المقصود له للحامل مبرراً للإجهاض.

يعد التلقيح للحصبة الألمانية مضاد استطباب أيضاً للمرضى المصابين بمرض منقص للمناعة أو حالة مثبطة لها، فرط الحساسية لمكونات اللقاح، أو المرض الحموي الحاد لدى المرضى الذين تلقوا غلوبليناً مناعياً خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

من التظاهرات التي قد تلي اللقاح: الحمى، اعتلال العقد اللمفاوية، الطفح، التهاب المفاصل والألم المفصلي، ويحدث الأخيران بتواتر أكبر لدى الفتيات الكبيرات في السن والنساء.