التغذية الداعمة للمسنين تشكل ضرورة كبيرة كونها تساعد في الحفاظ على حياة المريض وتزوده بالعناصر الضرورية التي يحتاجها جسمه
فالمرضى المسنين أو الذين لديهم أمراض مزمنة فإن قرار الدعم الغذائي يهدف لإطالة الحياة أو تحسين نوعيتها, وبالتالي يتم القرار بناء على:
- المرحلة الأولى:
- سير المرض والمعالجة: مريض بحالة تغذوية جيدة يحتمل المجاعة لمدة 7 أيام .لذلك يجب معرفة فيما إذا كان سير المرض سيؤدي لعجز في تناول الطعام بعد هذه الفترة.
- حالة ودرجة سوء التغذية: لها دور هام في شفاء الجروح وفي الوظيفة المناعية.
حيـث أن نقـص وزن غـيـر متـعـمـد أكثر من 20% أو BMIأقل من 80% يعكس حالة سوء تغذية بروتيني حروري شديد.
- المرحلة الثانية:
بعد التأكد من وجود سوء التغذية يجب دراسة التأثير الإيجابي للتغذية على استجابة المريض لمرض, فمثلاً في المراحل المتقدمة لبعض الأمراض (سرطان-مرض عصبي متقدم) ورغم وجود سوء تغذية فليس من المؤكد الحصول على الفائدة عند تقديم التغذية. من حيث البقيا على الحياة أو تحسين نوعيتها. وخاصة أن التغذية الداعمة قد تحمل بعض التأثيرات الجانبية وبعض الإختلاطات.ولذلك يجب معرفة أن الفائدة ستكون أكبر من الخطر ويجب أن يتم ذلك بموافقة المريض
بعد وضع الاستطباب يجب تحديد الحاجات الغذائية الضرورية وطريقة الإعطاء, زمن الدعم الغذائي الذي يعتمد على الحالة التغذوية الراهنة وشدة الجواب المناعي الجهازي. ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال (تعداد الكريات البيض –تسرع النبض- التنفس- الحرارة – درجة انخفاض الألبومين).
كيفية تحديد التغذية الداعمة للمسنين
هناك كثير من المعضلات التي تفرض نفسها عند تقييم الحالة التغذوية للمسنين، بسبب الاختلافات الفردية المتعلقة بعملية الكبر. فالتقييم التغذوي للمسن يفترض الأخذ في الاعتبار كثير من العوامل، مما يجعل التقييم في حد ذاته عملية متعددة الأبعاد، وينقص معظم القياسات المستعملة في تقييم الحالة التغذوية للمسنين تحديد مدى الفروقات التي تعتبر طبيعية بين فرد وآخر.
القياسات الجسمية لتحديد التغذية الداعمة للمسنين
تتأثر القياسات البشرية بعملية تقدم العمر وبالذات الطول. وللطول أهمية خاصة في هذه القياسات باعتباره ثابتا بعد اكتمال فترة النمو، لذا فإن كثيرا من جوانب القياس البشري “مؤشر كتلة الجسم، ومؤشر الكرياتينين الطولي تحسب بالأخذ في الاعتبار طول الجسم. فطول الجسم ينقص مع تقدم العمر، وقد قدر هذا النقصان في الطول بما بين 1.2 – 4.2 سم لكل 20 سنة، ويعود هذا النقصان إلى تآكل العمود الفقري، والحداب وهشاشة العظام.
لذا فإن قياس طول المتقدمين في العمر قد يصبح أمرا صعبا بين أولئك الذين لا يستطيعون الوقوف باعتدال ولتلافي هذه المعضلة اتجه بعض الباحثين إلى تقييم ارتفاع الركبة كقياس بشري بديل لطول الجسم، باعتبار أن طول عظم الساق لا يتأثر بتقدم العمر. وتدل النتائج الأولية التي نشرها هؤلاء الباحثون على إمكانية استعمال هذا القياس عند تقييم الحالة التغذوية للمسنين.
يزداد الوزن طبيعيا مع تقدم العمر، حتى سن الأربعين للذكور وسن الخمسين للإناث، ويستقر لفترة 15 إلى 20 سنة ثم يأخذ في النقصان. غير أن هنالك عوامل كثيرة قد تؤثر على هذا المسار الطبيعي للوزن سلبا أو إيجابا، مثل تغيير أسلوب الحياة بعد بلوغ عمر معين، وكذلك الإصابة ببعض الأمراض التي قد تؤثر على وزن الجسم.
وبجانب التغييرات في الوزن والطول عند المسنين، هنالك تغيير آخر مهم وهو التغيير في تكوين الجسم. فمع تقدم العمر يقل حجم العضلات وتزداد نسبة الدهون وتقل نسبة الماء في الجسم. ومن بين القياسات البشرية المستعملة لقياس كمية الدهون في الجسم، قياس ثخن الجلد خلف العضلة العضدية ثلاثة الرؤوس الذي يتوافق مع نسبة الدهون في جسم الإناث، كما يتوافق ثخن الجلد تحت عظمة الكتف مع نسبة الدهون عند الرجال. ومما يؤثر على هذه القياسات مع تقدم العمر هو ضمور ثخانة الجلد ومطاطيته مع تقدم السن، لذا فقد وضعت جداول مرجعية خاصة بالمسنين لهذه القياسات.
وفي السنوات الأخيرة استحدثت بعض التقنيات المتقدمة لقياس مكونات الجسم وتعتمد هذه التقنيات إما على مقاومة الجسم لتيار كهربائي ضعيف أو على تفاعل مكونات الجسم مع بعض مصادر الإشعاع، مثل تقنية الرنين المغنطيسي ، وتقنية التصوير المقطعي المحوسب. وقد أثبتت هذه التقنيات دقة متناهية في تقييس مكونات الجسم من عضلات وأنسجة دهنية وماء. وينتظر أن يؤدي استخدام هذه التقنيات إلى الكشف عن العلاقة بين توزيع الدهون في الجسم وانحسار حجم العضلات، وإلى التغييرات في خصائص بعض الخلايا، وعلاقة كل ذلك بتقدم العمر. ويبدو أن هذه التقنيات ستحل كثيرا من المشاكل التي نواجهها الآن في عملية القياسات البشرية للمسنين.
التحاليل المخبرية لتحديد التغذية الداعمة للمسنين
التحاليل البيوكيميائية
تتأثر كثير من القياسات البيوكيميائية التي تستعمل لتقييم الحالة التغذوية بتقدم العمر، إلا أن التغييرات الخاصة بأهم مؤشر في هذا المجال. وهو تركيز بروتين الألبومين في الدم، قليلة للغاية. وعند استعمال هذا المؤشر لتقييم الحالة التغذوية للمسن، لا بد من الأخذ في الاعتبار غياب حالة التجفاف، ونوع العقاقير التي قد يستعملها المسن، وكذلك وضعه الصحي. ومن المعروف أن تركيز الألبومين في الدم يتأثر بطول الفترة التي تتطلب الحالة الصحية للمسن المريض أن يكون فيها ملازما للسرير. ومن ناحية ثانية، فإن تركيز بروتين الترانسفران في الدم يتأثر سلبيا بزيادة كمية مخزون الحديد في أجسام المسنين، وقد يقود استعمال هذا المؤشر إلى تشخيص خاطئ لأعراض سوء التغذية.
أما بالنسبة إلى ضمور العضلات مع تقدم السن، فهنالك قياس نقص إفراز الكرياتينين في البول. وقد يزيد من نقصان إفراز الكرياتينين تراجع في عمل الكلى عند المسنين. وقد استعمل مؤشر الكرياتينين الطولي لتقييم حالة العضلات في الجسم، ولكن الصعوبة في قياس طول المسنين تجعل استعمال هذا المؤشر غير ملائم لتقييم حالة العضلات عند المسنين. هذا وقد استعمل بعض الباحثين طول الذراع كبديل لطول القامة في هذا الخصوص.
أما بالنسبة للمؤشرات البيوكيميائية الأخرى التي تستخدم في تقييم الحالة التغذوية، فإنها تبقى في المعدل الطبيعي مع تقدم العمر، ما لم تؤثر فيها الأمراض التي قد يتعرض لها المسن.
التحاليل الدموية والمناعية:
مع تقدم السن تتراجع نسبة تركيز الهيموغلوبين في الدم، لذا فقد اقترحت نسبة تركيز 12 غراما في كل 100 ملي لتر كحد أدنى للتركيز الطبيعي للهيموغلوبين في دم الإناث المسنات والذكور المسنين على حد سواء.
ولقد سبقت الإشارة إلى نقص مناعة الجسم الطبيعية مع تقدم السن، إضافة إلى ذلك فإن كثيرا من الأمراض مثل السرطان ، وكذلك العمليات الجراحية الرئيسية والإصابة بالكسور تقلل من مناعة الجسم الطبيعية. لذا فإن استعمال اختبارات المناعة لتقييم الحالة التغذوية عند المسنين لا يبدو ملائما في كثير من الأحيان.
تتضمن التغذية الداعمة للمسنين
برامج الدعم التغذوي:
اتجهت كثير من حكومات البلدان إلى وضع برامج للدعم التغذوي للمسنين.
سواء في مساكنهم الخاصة أو في دور العجزة وكبار السن. وتنوعت هذه البرامج بين تقديم وجبة متكاملة يوميا على الأقل، وبين دعم بعض السلع الغذائية التي توفر تكاملا غذائيا للمسنين. غير أن مثل هذا البرنامج لم يطبق في معظم بلدان منطقة الشرق الأوسط.
الوجبات السائلة:
تقدم الوجبات السائلة لكثير من المرضى المسنين الذين لا يستطيعون تناول الطعام أو لا يتناولونه بكميات كافية. وقد وفرت شركات الدواء والغذاء الكثير من أنواع الوجبات السائلة الجاهزة للاستعمال لدعم الحالة التغذوية عموما، أو لاستعمالها في بعض الحالات التغذوية مثل حالات المرضى المصابين بالسكري أو بأمراض الرئة. وبينت التجربة في استعمال الوجبات السائلة أن لها أثر فعال في دعم الحالة التغذوية للمسنين.
التغذية الأنبوبية:
تتنوع أنواع الغذاء المستعمل للتغذية الأنبوبية بين طعام عادي مسحوق، ومواد غذائية مخلوط “مثل مصدر بروتين ومصدر كربوهيدرات مذابان في الماء” ووجبات متكاملة جاهزة للاستعمال، وهي نفس الوجبات السائلة المذكورة أعلاه. وقد أصبحت الوجبات السائلة جاهزة الاستعمال أكثر رواجا لدعم التغذية عن طريق الأنبوب نسبة لعدم الحاجة لتحضيرها في المستشفيات وتلافي إمكانيات تلوثها أثناء التحضير.
وهنالك شح في المعلومات عن المرضى المسنين الذين يتلقون التغذية عن طريق الأنبوب. وتشير المعلومات المتوفرة إلى نجاح استعمال هذا النوع من التغذية لتغذية المسنين، وهنالك كثير من المرضى المسنين الذين يعتمد استمرارهم في الحياة على هذا النوع من التغذية. ولا بد من المراقبة الدقيقة للمرضى المسنين الذين يتلقون هذا النوع من التغذية، وأهم ما يجب مراقبته عند هؤلاء المرضى هو توازن السوائل والأملاح. وقد بينت دراسة قمنا بإجرائها أن كثيرا من المرضى الذين يتلقون التغذية عن طريق الأنبوب معرضون لبعض أنواع سوء التغذية، خاصة نقص البروتين ونقص الحديد، وينبغي أن يتلقى هؤلاء المرضى تقييما دوريا مفصلا عن حالتهم التغذوية.
التغذية الوريدية:
قد يحتاج المرضى المسنون الذين يعانون من نقص حاد في التغذية، أو نظرا إلى عدم إمكانية توفير حاجتهم الغذائية عن طريق الجهاز الهضمي، إلى التغذية عن طريق الوريد وأكثر أنواع الكربوهيدرات المستعملة في محاليل التغذية عن طريق الوريد هو الغلوكوز مفرط التوتر وحيث أن كثيرا من المسنين يعانون من انحسار القدرة على تحمل الغلوكوز ، يتوجب مراقبة تركيز الغلوكوز في دمهم مراقبة دقيقة عند دعم تغذيتهم عن طريق الوريد. كذلك يجب مراقبة تركيز الدهون في الدم عند هؤلاء المرضى وبالذات في حالات المرضى الذين تتطلب العناية الطبية بهم الحد من كمية السوائل، حيث يتم في هذه الحالات زيادة كمية الدهون على حساب الغلوكوز في محاليل التغذية عن طريق الوريد “حيث الدهون توفر كميات أعلى من الطاقة ي كمية أقل من السوائل مقارنة بالغلوكوز”.
يمكن تحضير محاليل التغذية عن طريق الوريد لتوفير الحاجة الطبيعية للمريض المسن من الفيتامينات والمعادن، كما يمكن تغيير تركيز بعض الفيتامينات والمعادن للوفاء بحاجة تغذوية خاصة عند المريض المسن. وينبغي الحذر عند زيادة تركيز أحد الفيتامينات أو المعادن في هذه المحاليل. فهنالك مثلا بعض الفيتامينات مثل فيتامين c والنياسين التي قد يسبب ارتفاع تركيزها في محلول التغذية عن طريق الوريد إلى ظهور أعراض جانبية مثل اضطراب نظم القلب .
التفاعل بين الأدوية والعناصر الغذائية
يتعاطى المسنون الأدوية أكثر من أي مجموعة عمرية أخرى، وينطبق هذا على العقاقير التي تعطى بناء على وصفة الطبيب، أو الأدوية التي تباع بغير وصفة طبية. ويزيد الأمر تعقيدا أن كثيرا من المرضى المسنين يتناولون أكثر من دواء في وقت واحد، في حين أن تقبل جسم المسن لأي من هذه الأدوية في مثل هذه الحالات يصعب التنبؤ به. وإضافة إلى تفاعل أنواع الأدوية بعضها مع بعض، يؤثر تفاعل الأدوية مع العناصر الغذائية على امتصاص واستقلاب إفراز الأدوية والمواد الغذائية. ويتأثر المرضى المسنون أكثر بمثل هذا التفاعل المتبادل بين الأدوية والعناصر الغذائية، خصوصا المرضى منهم الذين يعانون من الأمراض المزمنة ، أو من يكون تناولهم الغذائي محدودا. وربما يكون نقص المعادن هو المثال الشائع لسوء التغذية التي يسببها تناول بعض الأدوية وقد يأخذ ظهور أثر هذا التفاعل المتبادل بين الأدوية والمواد الغذائية وقتا طويلا قبل اكتشافه، كما في حالة إصابة المسن بمرض حاد
نصائح لتطبيق التغذية الداعمة للمسنين
ينبغي أن يقوم الإرشاد التغذوي للمسنين كفئة عمرية من المجتمع على نتائج المسوحات التغذوية التي تحدد مشاكل تغذية المسنين العامة، وبالتالي يتم إعداد برامج الإرشاد التغذوي التي تأخذ في الاعتبار هذه المشاكل.
ويحتاج كثير من المسنين إلى إرشاد تغذوي خاص والذي يقود بالطبع إلى تقديم النصح لهم بتغيير بعض العادات الغذائية أو الحد من تناول بعض الأطعمة أو تناول أطعمة غير تلك التي يتناولونها عادة. وعند تقديم مثل هذه الإرشادات التغذوية، ينبغي مراعاة الطريقة التي تقدم بها النصيحة حتى يتقبلها المسن. فأي تغيير في نمط التناول الغذائي قد يتقبله المسن، إذا ما روعي فيه المذاق المفضل للمسن، وسهولة التأقلم على التغيير، أو إقناع المسن بالفوائد الصحية لمثل هذا التغيير في نمط التناول. وكثيرا ما يعني التغيير في نوعية طعام المسن الحرمان من تناول طعامه المفضل، وقد يقود ذلك إلى العزوف عن الطعام كلية لذا ينبغي عدم تقديم النصح في شأن الغذاء في شكل أوامر، أو تصنيف أنواع الطعام على أساس طعام سيئ وطعام صحي، مثلا، كما يجب أيضا عند تقديم الإرشاد التغذوي للمسن تقييم حالة تأقلمه على أنواع غذاء معينة، أو على كميات محدودة من الطعام. فالمسن البالغ من العمر سبعين عاما مثلا والذي تعود طيلة حياته على الاستمتاع بكوب الشاي المضاف إليه السكر، من الصعب إقناعه بعدم تناول السكر لتجنب إصابته بمرض السكري، في مثل هذه الحال ينبغي الالتفات إلى عاداته الغذائية الأخرى التي قد يكون تغييرها أكثر تقبلا للمسن.
ومن الجدير بالذكر هنا أنه ليس هنالك اتفاق عام بشأن الإرشادات العامة لتغذية المسنين غير تلك التي يمكن أن تستنبط من كميات العناصر الغذائية الموصى بها لمسنين. وقد تتوفر قريبا مثل هذه الإرشادات نظرا لكثافة الأبحاث والدراسات التي تجرى حاليا في مجال تغذية المسنين.