تحدث لدى الحامل تغيرات هرمونية في جسمها تؤدي إلى العديد من الاعراض النفسية و العصبية و التنفسية و الدورانية و الهضمية إضافة إلى أعراض بولية و مفصلية تصيب مختلف نواحي جسدها . و الاضطرابات الهضمية عديدة في الحمل و شائعة الحدوث من غثيان و قيئ و حرقة وحموضة في المعدة ، يصاحبها أحيانا حدوث إسهال أو إمساك مع انتفاخ و تطبل في البطن و خروج غازات أحيانا . سوف نخص في هذا المقال الحديث عن أحد الأعراض الهضمية الشائعة في الحمل و هو التهاب المري الناتج عن قلس ( ارتداد الأطعمة من المعدة إلى المريء ).
ما سبب حدوث التهاب المري القلسي عند الحامل ؟
المريء هو أنبوب عضلي يمتد من البلعوم إلى المعدة ، طوله حوالي 25 سم ، وظيفته الأساسية إيصال الطعام الذي نتناوله إلى المعدة ، وذلك بفضل الطبقة العضلية المكونة له . يحدث التهاب المري القلسي ( الارتدادي ) نتيجة ضعف المعصرة السفلية للمريء ، و ارتخائها و ضعف قدرتها على التقلص و منع وصول الطعام و الأحماض من المعدة إلى المريء ، مما يسبب اندفاعها من المعدة إلى المريء ، مسببة حدوث التهاب فيه يتظاهر بالعديد من الاعراض المزعجة .
ما هي أبرز أسباب التهاب المري القلسي عند الحامل ؟
تؤدي نسبة الهرمونات الأنثوية المتزايدة في الحمل إلى رخاوة في المعصرة المريئية السفلية و اندفاع الطعام و الأحماض من المعدة إلى المريئ مسببة التهاب قلسي فيه .
لا تتغير مقوية معصرة المري السفلية في اوائل الحمل لأن الهرمونات الأنثوية لم تزداد بشكل كبير بعد ، لكن تنخفض الاستجابة للمؤثرات الدوائية و الهرمونية ، في حين تنقص هذه المقوية في اواخر الحمل بسبب ازدياد البروجسترون في المصل ، إضافة إلى أن الحمل يسبب ازديادا في الضغط داخل معدي و نقص في الضغط داخل مريئي مما يسبب اندفاع الطعام منها إلى المريء لتعديل و تخفيف الضغط الحاصل فيها ، في حين لا يتغير PH المعدة و حصيلها الحمضي، و يعد التهاب المريء القلسي أن اللذع شكاية شائعة أثناء الحمل بنسبة 70% من الحوامل يزداد سوءا بأواخر الحمل .
ما هي أبرز أعراض التهاب المري القلسي ؟
أعراض عديدة مزعجة يسببها التهاب المري القلسي تتضمن بشكل رئيسي:
- عدم ارتياح تحت القص ، على صورة ألم صدري يتفاقم بتناول الوجبات و بوضعية الاضطجاع و الانحناء ، كما يمكن للشدة النفسية وأطعمة أخرى عديدة أن تفاقم الألم الحاصل في الصدر، و يخف بوضعية الجلوس و رفع الرأس .
- صعوبة و الم عند البلع .
- حرقة الفؤاد من أبرز العلامات الواسمة لالتهاب المري القلسي .
- أعراض قصبية و رئوية ( ذات رئة استنشاقية ) .
- الشعور بالغثيان و أحيانا يترافق مع قيء الدم العابر .
- و من الأعراض الاعتيادية الخاصة بالتهاب المريء القلسي اندفاع الماء حيث تشعر المريضة بامتلاء فمها بسائل صاف مائي مالح الطعم .
كيف يتم تشخيص التهاب المريء القلسي ؟
عادة يتم تشخيص التهاب المريء القلسي اعتمادا على القصة السريرية المأخوذة جيدا . إذ يتم التشخيص عادة بناء على الأعراض و الاستجابة للمعالجة .
– في حين نلجأ للتنظير في الحالات الشديدة و في التظاهرات غير النموذجية و في الحالات التي لا تعنو للعلاج . يعتبر التنظير من المعايير الذهبية التي تفيد في التشخيص ، التي تمكننا من أخذ صورة داخلية لما في داخل المريء ، و عند الشك بتطور التهاب المري القلسي إلى مريء باريت أو كارسينوما غدية يمكننا من اخذ خزعة من المريء .
– من الوسائل التشخيصية الأخرى قياس ضغوط المريء لتقدير وظيفة المعصرة المريئية السفلية .
– تصوير المريء بالباريوم : يساعد في كشف التضيقات التي تؤدي لعسرة البلع الحاصلة لدى السيدة .
– قياس حموضة المريء : في ال24 ساعة ، معيار ذهبي لتشخيص التهاب المريء القلسي .
كيفية علاج التهاب المريء القلسي ؟
يشمل علاج التهاب المريء القلسي علاج محافظ داعم ، و علاج دوائي و علاج جراحي كحل أخير إن لم يستجب لما سبق .
أولا : المعالجة المحافظة لالتهاب المريء :
- رفع الرأس و تجنب وضعية الاضطجاع خاصة بعد تناول الوجبات ووضع العديد من الوسائد لرفع الرأس عند النوم .
- تجنب تناول كميات كبيرة من الطعام دفعة واحدة ، و تقسيم الكميات المتناولة من الطعام لتخفيف الضغط على المعدة ، و الحرص على عدم التأخر في الوجبة قبل النوم مع فاصل 3 ساعات بين الوجبة الأخيرة و النوم .
- تجنب ما يثير أعراض التهاب المريء كالتدخين و الكحول و البهارات و القهوة و الأطعمة الدسمة و السكاكر المحلاة .
- الحرص على إنقاص الوزن إذا كان زائدا و الحرص على عدم زيادته .
إن لم تجد الوسائل السابقة في التخفيف من الاعراض نلجأ للأدوية المضادة للحموضة من فئة مضادات الحموضة ، ومثبطات مضخة البروتون ، و حاصرات مستقبلات الهيستامين .
و تبقى المعالجة الجراحية التي تهدف إلى زيادة مقوية المعصرة المريئية السفلية حل أخير إن لم تجد الوسائل السابقة .