التغذية العلاجية

pexels jill wellington 257816

تعتبر التغذية العلاجية إحدى الركائز الأساسية في علاج الكثير من الأمراض, ومن الجوانب التي يكثر فيها الجدل في علم التغذية حول العلاقة بين استهلاك أنواع معينة من العناصر الغذائية وبين الإصابة بالأمراض التي يكون لها علاقة بهذه العناصر حيث أن للغذاء السليم والمناسب دورًا مهمًا في الحفاظ على الصحة العامة للإنسان ووقايته من الإصابة بالأمراض المختلفة, ويتمثل هذا الدور كالتالي :

1- الغذاء المتوازن والمناسب له دور مهم في استعادة صحة المريض وتقليل فترة النقاهة والحد من حدوث الانتكاسات بعد الشفاء.

2- تلعب التغذية السليمة دوراً في ترميم الأنسجة وتزيد من قدرة الجسم على تعويض التالف من خلاياها وزيادة حيويتها مثل: تعويض الفاقد من الدم نتيجة النزف أو الأمراض المختلفة, كذلك التئام الجروح والكسور عقب الحوادث أو العمليات الجراحية.

3- للغذاء المتوازن والمناسب أهمية خاصة في الحفاظ على المستوى الصحي للإنسان وحمايته من الإرهاق البدني والنفسي.

4- قد يكون الغذاء العلاج الأساسي أو الوحيد في بعض الحالات المرضية. مثل حالات الأنيميا, نقص البروتين,  السمنة, النحافة, وداء السكري.

5- للغذاء أهمية في مقاومة حدوث المرض عن طريق المساهمة في تكوين الأجسام المضادة للأمراض (antibodies) وأنواع المناعة الأخرى.

6- إصابة الأطفال بسوء التغذية والأمراض المختلفة قد تؤدي إلى تأخر نموهم الجسماني والعقلي, ولذا فإن تغذية الأطفال بالأطعمة المناسبة, وخصوصًا أثناء المرض وفي فترات النقاهة, تمنع حدوث التأخر في النمو وتعمل على زيادة الحيوية والنشاط وتقليل فترة المرض.

كذلك يلعب الغذاء المناسب والذي يقدم للمريض دورًا أساسيًا ومهما في مرحلة العلاج. وقد توصل العلماء المسلمين إلى هذه الحقيقة منذ ما يزيد عن ألف عام عندما أشاروا إلى أن الغذاء بالإضافة إلى أنه مقوم من مقومات الحياة, يمكن أن يكون الدواء الشافي لبعض الأمراض. فمما يؤثر عن أبي بكر الرازي قوله لأحد تلاميذه:

(إذا استطعت أن تعالج بالغذاء فلا تعالج بالدواء…..).

تعرف الأغذية العلاجية بأنها عبارة عن أغذية طبيعية تم تحويرها من حيث التركيب الكيميائي أو القوام للتناسب مع الحالة المرضية ووضع المريض الصحي, والمقصود هنا بالتحوير تقديم النوع المناسب من النظام الغذائي تبعا للحالة المرضية سواء من الناحية النوعية  أو الكمية بشكل يتناسب مع كل حالة على حدا, فمثلا قد يحتاج مريض إلى غذاء قليل السعرات, وآخر قد يحتاج الى غذاء خال من الدهون, وثالث ربما يكون غذاؤه المطلوب غذاء قليل البروتين أو خاليا من الألياف, وهكذا يختلف النظام الغذائي المطلوب بناء على تشخيص المرض وحالة المريض.

الوجبة العلاجية:

يجب أن تكون الوجبة الغذائية مناسبة للخطة في التغذية العلاجية الخاصة بكل مريض, ومن أهم الاعتبارات التي يجب مراعاتها عند تخطيط الوجبة العلاجية:

  1. يجب مراعاة الأمراض التي تتطلب تغيير في مكونات الوجبة سواء من الناحية الكمية أو النوعية.
  2. المدة الزمنية أو طور المرض.
  3. العناصر التي يجب تغييرها أو تعديلها عند إعادة تخطيط الوجبة للتغلب على بعض الحالات المرضية المحتمل ظهورها.
  4. درجة احتمال المريض لتناول الطعام بالفم, ونوع الطعام.
التغذية العلاجية
التغذية العلاجية

مبادئ وضع خطة التغذية العلاجية:

  1. يجب أن تحتوي الوجبة الغذائية على جميع العناصر الغذائية اللازمة للمحافظة على الصحة أو وقف تدهور الحالة الصحية مع مراعاة ضرورة زيادة أو إنقاص عنصر أو أكثر تبعا لنوع المرض.
  2. أن يتماشى النظام قدر الإمكان مع النموذج الاعتيادي للغذاء.
  3. أن يكون النظام الغذائي مرناً يتماشى مع عادات المريض وحالته الاقتصادية وميوله وعمله ومجهوده الجسماني ودرجة شهيته.
  4. أن يراعى وجود الأغذية في مواسمها وكذلك سهولة إعدادها.
  5. أن يهدف لإرجاع المريض إلى غذائه المعتاد في أسرع وقت ممكن ما لم يكن هذا النظام الغذائي طويل الأمد كما في حالة النظام الغذائي المخصص لمرض السكري.
  6. تكون التغذية عادة عن طريق الفم ما لم تكن هناك أسباب أخرى للتغذية بالأنبوب أو بالحقن إذا لزم الأمر.

كيف يتم تحديد وجبة غذائية مناسبة للمريض:

  1. التعرف على الحالة المرضية المدروسة والوقوف على أهم مسبباتها بغية توصيف النظام الغذائي المناسب من قبل اختصاصي التغذية مشاركة مع الطبيب. فمثلا يوصف لمعالجة فرط إفراز الغدة الدرقية وجبة غذائية غنية بالبروتين, أما عند الإصابة بالقصور الكلوي الحاد والمزمن فتوصف وجبة غذائية فقيرة بالبروتينات.
  2. توفير المواد الغذائية الداعمة. فمثلًا يتطلب لتصميم وجبة غذائية مرتفعة المحتوى من البروتينات إضافة مصادر بروتينية مرتفعة القيمة الحيوية وهذا بدوره يعتمد على الحالة المرضية, فمثلا يجب أن تكون خالية من بعض الأحماض الأمينية كما في البيلة الفينيلية الكيتونية أي يجب عدم تناول الفينيل آلانين واستبداله بالتيروزين. كما يجب في كثير من الحالات إضافة الفيتامينات.
  3. تقييم الحالة التغذوية بعد الاعتماد على النظام الغذائي المقترح والتعرف على المشاكل أو الأعراض الجانبية التي قد تظهر نتيجة الاعتماد على هذا النظام الغذائي.
  4. تثقيف المريض وأسرته تغذويًا وتعريفه على أهم مواصفات الوجبة الغذائية المقترحة وأهم الأغذية الممنوع تناولها والأغذية المستحسن تناولها والسبب لذلك.

أسس التغذية العلاجية:

  1. تزويد الجسم بجميع العناصر الغذائية الأساسية اعتمادًا على الوجبة الغذائية المتوازنة بحيث تمد الجسم بالطاقة ومواد البناء ومواد التمثيل الحيوي بالكمية والنوعية المناسبة للحالة المرضية والتي قد تختلف تبعًا للعمر, الجنس, نوع العمل, الحالة الاقتصادية والصحية للمريض, مع ضرورة استبعاد جميع المغذيات الممنوع تناولها والتي قد تسبب تفاقم الحالة المرضية مع ضرورة تعديل المكونات الغذائية كماٌ ونوعا ٌبما يتناسب مع الحالة المرضية.
  2. يجب أن تكون الأغذية المقدمة معروفة نوعًا ما من قبل المريض قدر الإمكان وأن يتم إطلاع المريض وأسرته على السبب في اختيار هذا النوع من الطعام أي تثقيف المريض غذائيًا وعلى الهدف من ضرورة إتباعه هذا النظام الغذائي والابتعاد عن الأغذية الأخرى.
  3. يجب أن يلعب النظام الغذائي المقترح دورًا في الحد من تطور المرض ومن خطر تعرضه للنكس عن طريق استبعاد الأغذية غير الملائمة. فمثلًا يجب على مرضى السكري أو البدانة الاعتماد على المقولة: (ليس الهدف من التغذية فقط المعالجة لكن الهدف هو منع تطور المرض وانتكاسه).
  4. يجب أن يهدف النظام الغذائي لتصحيح مكونات الجسم والتي اختل توازنها عند دخول المريض بالحالة المرضية (كربوهيدرات ,بروتينات,أملاح ,ماء…) وذلك بالتعويض عن المكونات التي نقصت أو الحد من المواد أو النواتج الاستقلابية المتراكمة والتي قد تسيء للحالة الصحية مثل (في القهم العصبي نعتمد على البروتينات مرتفعة القيمة الحيوية).
  5. يجب أن تلعب التغذية العلاجية دورا في إعطاء المستحضرات الصيدلانية فعالية أكبر, فمثلًا ينصح عند تعاطي المدرات البولية وخصوصا الزئبقية أو عند المعالجة بالهرمونات أن تكون الوجبة الغذائية غنية بالبروتينات (أدوية الضغط).
  6. يجب أن تهدف الوجبة الغذائية لعودة المريض إلى الغذاء الاعتيادي بأقصر وقت ممكن.

 

مميزات الوجبة العلاجية:

  1. تحافظ على المستوى الغذائي الجيد أو الحالة الغذائية الجيدة.
  2. تعوض النقص الغذائي.
  3. لا تسبب تغيرا في الوزن إلا إذا كان الهدف زيادة الوزن أو تقليله.
  4. أن تناسب مقدرة الجسم على الاستفادة من المغذيات.
  5. تسمح بالراحة القصوى للجسم المعتل.
  6. أي وجبة غذائية سواء كانت علاجية أو طبيعية فإنها يجب أن ترضي حالة المريض نفسيا.