النظام الغذائي المناسب للمسنين

 

 

الطاقة:
تعتمد احتياجات الطاقة على متطلبات عملية الاستقلاب الأساسية وعامل الحركة والتوليد الحراري. وتحسب احتياجات الطاقة عمليا على أساس ناتج حاصل ضرب عامل الحركة بحاجة الاستقلاب الأساسية. إن عامل الحركة لمن هم فوق الخمسين عاما هو 1.5 على أساس حركة خفيفة إلى متوسطة، والتي يجب تشجيع المسنين عليها. كما أنه من المسلم به أن الرقم الخاص بعامل الحركة لمن هم فوق السبعين عاما أقل من “1.5”.

يرجع انخفاض حاجة الطاقة اليومية للمسنين إلى قلة الحركة بعد التقاعد وإلى انخفاض يوازي 3% في حاجة الاستقلاب الأساسية. ولقد وضعت منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية توصية بخفض احتياج الطاقة اليومي للمسنين مقارنة بالبالغين على النحو التالي: 5% لمن هم بين 39 و 59 عاما، 10% لمن هم بين 60 و 69 عاما، وخفض 10% أخرى لمن تجاوز السبعين عاما. وبغض النظر عن كل التوصيات تبقى كمية الطاقة التي تحافظ على وزن الجسم أو تقود إلى وزن الجسم المرغوب فيه هي الكمية الأمثل للطاقة التي يجب أن يحرص على تناولها المسنين. ومن الأهمية بمكان التركيز على الحاجة إلى زيادة كمية الطاقة المتناولة يوميا للمسنين في حالة الأمراض المقرونة بالإجهاد مثل الإنتان والرضوح والكسور، أو عند إجراء العمليات الجراحية. كما يجب ملاحظة إمداد المسنين من نزلاء المستشفيات أو دور العجزة بكميات كافية من الطاقة حسب حالتهم الصحية أو السريرية. ويسبب الإخفاق في تناول المسنين لحاجتهم الكافية من الطاقة إخفاقا في تناول حاجتهم من عناصر غذائية أخرى، وكذلك ينتج عنه الشعور بالتعب والإنهاك والعزوف عن الحياة. وقد ينتج عن التعب والإنهاك قلة الحركة وما يتبعها من نقصان من احتياجات الطاقة، وبالتالي قد يؤدي تناول الكمية المعتادة من الطاقة إلى الإصابة بالسمنة.
إن العناصر الغذائية الرئيسية التي توفر الطاقة هي الدهون والكربوهيدات، وتنطبق التوصيات العامة بشأن هذين المقررين الغذائيين على المسنين. فبالنسبة للدهون ينبغي على المسنين زيادة تناول الدهون المتعددة غير المشبعة والأحادية غير المشبعة “الزيوت النباتية” على حساب الدهون المشبعة “الدهون الحيوانية”، ولكن يجب أن تقل كمية الكالوري المتناولة من الدهون عن حاجة الطاقة الكلية. كذلك يجب أن يتحول تناول المسنين للكربوهيدرات من السكريات والنشويات المنقاة إلى النشويات المعقدة “الحبوب” بدون إزالة القشر، والبقوليات، والخضار والفاكهة”.
البروتين:
كان الاعتقاد السائد أن حاجة المسنين اليومية للبروتين أقل من حاجة البالغين نسبة لانخفاض كمية البروتينات في الجسم مع ضمور العضلات الملازم لتقدم العمر. غير أن نتائج الدراسات الحديثة تشير إلى أن حاجة المسنين اليومية  للبروتينات التي تؤدي إلى الوصول إلى التوازن النيتروجيني ربما تكون أكثر من حاجة البالغين. والمعروف أن انخفاض حجم العضلات عند المسنين ناتج عن تغييرات في دورة بروتينات وتخليق البروتين في الجسم. فدورة بروتينات العضلات في جسم البالغين توازي 30% من دورة البروتينات لكل الجسم، وتنخفض هذه النسبة إلى 20% عند المسنين. كذلك فإن بروتين الألبومين يقل إنتاجه وتركيزه في الدم عند المسنين الذين يتناولون كميات كافية من البروتين، كما أنه من المعروف أن مقدرة الكلى على إفراز البروتين تقل مع تقدم العمر، وقد تصل عند من تتجاوز أعمارهم ثمانين عاما إلى نصف أو ثلث مقدرة الكلى على إفراز البروتين عند من هم أقل من ثلاثين عاما. وبالمقابل تقل مقدرة جسم المسنين على امتصاص واستقلاب البروتينات، مما قد يشير إلى زيادة حاجة البروتين عند المسنين احتياجات البروتين عند المسنين لا تختلف عن احتياجات من يصغرهم عمرا، ولكن بالنسبة للاختلاف في تكوين الجسم “حجم العضلات أقل عند المسنين” فإن هذه الكمية إذا ما حسبت على أساس كتلة العضلات تكون أعلى عند المسنين مقارنة بالبالغين وذلك لتعويض النقص في امتصاص واستقلاب البروتين عند المسنين.

الفيتامينات والمعادن:

لم تثر الاحتياجات اليومية للمسنين من الفيتامينات والمعادن اهتمام الباحثين إلا حديثا ويبين الجدول 4 الاحتياجات اليومية للمسنين، والموصى بها من قبل المجلس القومي للبحوث الأميركي حسب الطبعة المراجعة عام 1989 ويلاحظ من الجدول أن هنالك أربعة عناصر غذائية تقل إليها حاجة المسنين “أكثر من 51 عاما” مقارنة بمن يصغرهم سنا “25 – 50 عاما” وهذه العناصر الغذائية الأربعة هي الثيامين، والريبوفلافين، والنياسين والحديد “للإناث”. وبالنسبة للفيتامينات الثلاثة “ثيامين، ريبوفلافين، نياسين” فقد استندت التوصيات الخاصة بتقليل الكميات المتناولة يوميا للمسنين مقارنة بالشباب، على افتراضات نظرية في الغالب، وعلى انخفاض الحاجة اليومية للطاقة عند المسنين. ومن المعروف أن هذه الفيتامينات الثلاثة تعلب دورا أساسيا “كتميمات إنظيمية” في استقلاب الطاقة الأساسي. وهنالك حاجة للمزيد من الدراسات لدعم التوصية الخاصة بهذه الفيتامينات الثلاثة. وبالفعل فقد ظهرت دراستان بعد وضع هذه التوصيات تدلان إلى أن الكمية اليومية التي يحتاجها المسنون لفيتامين ريبوفلافين هي نفس الكمية التي يحتاجها البالغون، وهذا يتنافى مع توصية المجلس القومي الأميركي للبحوث “1989” في شأن الريبوفلافين. أما التوصية الخاصة بانخفاض حاجة الإناث المسنات بالنسبة لعنصر الحديد “10 ملي غرام في اليوم مقارنة بـ 15 ملي غرام في اليوم لغير المسنات” فلا خلاف عليها، حيث بنيت التوصية على أساس انقطاع الحيض عند النساء المسنات. إضافة إلى هذه العناصر الغذائية الأربعة، هنالك دلائل تشير إلى اختلاف حاجة المسنين عن حاجة البالغين إلى بعض الفيتامينات والمعادن.

فيتامين A. هنالك من الدلائل ما يشير إلى انخفاض حاجة المسنين “65- 75 عاما” لهذا الفيتامين مقارنة بمن هم دون الخمسين عاما. حيث وجد أن تصفية clearance فيتامين A، يمكن أن نخلص من المعلومات المتوفرة حاليا إلى عدم حاجة المسنين لتناول عناصر غذائية مدعومة بفيتامين A، ولكن ينبغي الحرص على تناول كميات وافية من المواد الغذائية الغنية بهذا الفيتامين.
فيتامين D: لقد وثقت كثير من الدراسات حقيقة أن تركيز الشكل الفعال لفيتامين D، وهو فيتامين D3 choleclaciferol” منخفض في سوائل أجسام المسنين مقارنة بالشباب. قد يعود هذا الانخفاض في تركيز فيتامين D عند المسنين إلى قلة تناول الأغذية الغنية به، مثل منتجات الألبان والأسماك المحتوية على كميات عالية من الدهون “والتي يكثر أيضا فيها العظام الصغيرة”. غير أن هنالك ما يدل على أن تقدم السن يقود إلى تغييرات استقلابية خاصة بفيتامين D مثل انحسار في المقدرة على تكوين طليعة precursor الفيتامين D في الجلد بعد تعرض المسنين لضوء الشمس. ويعود هذا إلى أنه مع تقدم العمر تقل كميات مادة الكوليسترول منزوع الهيدروجين dehydrocholesterol والتي ينتج منها الجلد طليعة فيتامين D. وبما أن معظم حاجة الجسم من فيتامين D يتوفر من إنتاجه في الجلد، فإن نقصان إنتاج الفيتامين في جلد المسنين يوحي بضرورة زيادة تناولهم للمواد الغذائية أو المواد المدعمة بفيتامين D كذلك فإن توفير فيتامين D مهم للنساء المسنات لمنع زيادة فقدان كتلة العظام. وإذا أخذنا في الاعتبار قلة تعرض كثير من المسنين لضوء الشمس، فإن زيادة التناول اليومي لهذا الفيتامين يمكن أن تكون توصية مدعمة بكثير من الدلائل.
فيتامين B12: يزداد الاحتياج لفيتامين B12 عند المسنين المصابين بالتهاب المعدة الضموري atrophic gastritis الذي تكثر الإصابة به عند المسنين، وهو التهاب معدي مزمن يصاحبه ضمور في الغشاء المخاطي، وينتج عن هذا المرض قلة إفراز الحمض في المعدة. وفي الولايات المتحدة يصيب التهاب المعدة الضموري 25% من المسنين في حقبة العمر 60 و90 عاما، و 40% ممن تجاوزوا الثمانين عاما. وفي معظم حالات الإصابة بهذا المرض يستمر إنتاج العامل الداخلي intrinsic factor لفيتامين B12 بصورة طبيعية. ويرجع انحسار امتصاص الفيتامين B12 إلى عدم توفره، وذلك بسبب عدم هضم الكوبالامين cobalamin وهو أحد مكونات الفيتامين B12، من بروتين الغذاء لقلة إفراز الحمض المعدي، وكذلك بسبب استنفاد الجراثيم لفيتامين B12 في الجزء الأعلى من الأمعاء الدقيقة وتزيد كميات الجراثيم في حالة الإصابة بهذا المرض في أسفل المعدة وأعلى الأمعاء الدقيقة بسبب قلة إفراز الحمض المعدي. وحيث أن العامل الداخلي يفرز بنسبة طبيعية عند معظم المصابين بمرض التهاب المعدة الضموري، فإن تناول كميات داعمة عن طريق الفم oral supplement من هذا الفيتامين قد يؤدي إلى تلافي نقص الفيتامين في مثل هذه الحالة، غير أن معظم المرضى يتلقون كمية داعمة من الفيتامين B12 عن طريق حقنة في العضلات. إن الاهتمام الشديد بفيتامين B12 عند المسنين يعود إلى أن نقص الفيتامين في الجسم لا ينعكس بانخفاض تركيزه في الدم، بل بزيادة في تركيز حمض هوموستئين homocysteine وميثيل مالونيت methylmalonate وقد وجد أن كثيرا من المسنين المصابين بأعراض الخرف dementia يعانون من نقص الفيتامين B12.
فيتامين E وفيتامين C: لقد سبقت الإشارة لهذين الفيتامينين وأهميتهما للمسنين في زيادة مناعة الجسم “فيتامين E” ودورهما كمضادين لعمليات الأكسدة في الجسم. ولقد بينا آنفا التغييرات التي تلازم هاتين العلمي ودورهما كمضادين لعمليات الأكسدة في الجسم. ولقد بينا آنفا التغييرات التي تلازم هاتين العمليتين مع تقدم السن. وليس هنالك معلومات تؤيد زيادة تناول المسنين لهذين الفيتامينين، وفي الوقت الحالي يمكن القول إنه يجب تأمين كميات كافية من المعادن: لقد أشير آنفا إلى الحاجة لزيادة التناول اليومي لعنصر الحديد للإناث المسنات، كما سبق الإشارة إلى أن زيادة تناول عنصر الكالسيوم ليس له أثر في الحيلولة دون فقدان المادة العظمية عند المسنين. ولقد لوحظ أن بعض أعراض الكبر مثل التأخر في التئام الجروح، والتراجع في حدة المذاق، وفقدان الشهية، هي أيضا من أعراض فقدان عنصر الزنك في الجسم. كما لوحظ نقص امتصاص عنصر الزنك عند المسنين مقارنة بالشباب، ولكن توازن الزنك الكلي في الجسم لا يختلف عند المسنين مقارنة بالشباب، بسبب انحسار في فقدان الزنك من الجسم عند المسنين.

 

 

الألياف الغذائية والسوائل:

 

يشكو معظم المسنين من الإمساك، ولذلك فإن زيادة تناول الألياف الغذائية ينبغي أن تكون من الممارسات الأساسية في تغذية المسنين. ويجب أن تتم هذه الزيادة تدريجيا بحيث لا تقود إلى إثارة القناة الهضمية وتكوين الغازات. كما أن المبالغة في تناول الألياف الغذائية قد يؤدي إلى إعاقة امتصاص عنصر الحديد وبعض العناصر المعدنية الأخرى.
ومع زيادة تناول الألياف الغذائية ينبغي أيضا زيادة تناول السوائل. فإضافة إلى دور السوائل في معالجة الإمساك، فالمسنون عادة يتعرضون إلى الإصابة بالجفاف والمعروف أن حجم الماء الكلي في الجسم ينقص مع تقدم العمر. ويعاني بعض المسنين من انحسار حاسة الشعور بالعطش، ولا يتناولون الماء لأوقات طويلة، كما يتجنب بعضهم شرب السوائل خوفا من الحرج الذي قد يسببه عدم مقدرتهم على التملك في تصريف البول، وخاصة في حالات تواجدهم خارج المنزل.
إن الجفاف قد يسبب التخليط العقلي mental confusion والصداع والهيوجية irritability فإذا اشتكى المسن من هذه الأعراض ينبغي زيادة تناوله للسوائل ويستحسن أن ينصح المسنون بتناول السوائل في أوقات معينة، حتى ولو لم يكن لديهم شعور بالعطش.
وفي بعض الحالات المرضية تزداد احتياجات الجسم للسوائل، ولا بد من تأمين كميات كافية منها لسد هذه الاحتياجات الزائدة. وتتميز كثير من هذه الحالات بأعراض مثل الحمى، والتقيؤ المستمر، والنزيف. وقد يقود العلاج بالمدرات البولية والإكثار من استعمال المسهلات وإمداد الجسم بالأملاح عن طريق الوريد إلى جفاف جسم المريض. كذلك من العوامل الفيزيولوجية التي قد تؤدي إلى جفاف الجسم عدم مقدرة المسنين على الاحتفاظ بالسوائل نتيجة لتراجع في مقدرة الكلى عندهم على تركيز البول.
من ناحية أخرى نجد عند بعض المسنين احتفاظ أجسامهم بمزيد من السوائل، وتعود مثل هذه الحالات إلى عدم مقدرة الكلى على تصريف السوائل من الجسم، أو إلى قصور القلب الاحتقاني congestive heart failure، أو انخفاض معدل تركيز بروتين الألبومين في الجسم، أو زيادة في إفراز الهرمون المضاد للإبالة ADH” antidiuretic hormone” ويزيد إفراز هذا الهرمون عند كثير من المسنين المصابين بأمراض الجهاز التنفسي أو الجهاز العصبي، وقد تؤدي في سوائل الجسم hyponatremia مما قد يؤدي إلى نوبات الصرع.
يجب مراقبة توازن السوائل في أجسام المسنين الذين يعالجون في المستشفيات بانتظام. فالاحتفاظ بسجل عن تناول وفقدان هؤلاء المسنين للسوائل قد لا يكون عمليا لمراقبة توازن السوائل. والطريقة الأمثل هي أخذ أوزان المرضى المسنين على فترات منتظمة وغير متباعدة، وفي هذه الحالات فإن التغيرات السريعة في وزن الجسم يكون مرجعها فقدان السوائل أو زيادة احتفاظ الجسم بها. ويجب أن يكون الكشف الدوري عن علامات الوذمة edema روتينيا لدى نزلاء المستشفيات من المسنين، وتزداد أهمية هذا الكشف عند ارتفاع درجة حرارة الجو في فترات الصيف.

الأدهان (الشحميات) وتغذية المسنين :

تدل الدراسات أن للأدهان قوة حرارية كيميائية وتولد بصفة عامة ما يعادل تسع وحدات حرورية في كل غرام ويرتبط استهلاك هذه المواد وحاجة الجسم اليها بعدة أمور:

العيـش في إقليم بارد, أو تأدية أعمال قاسـية مجهـدة باعـتـبار أن مقـاومة الإنســـان متصلة اتصالاً مباشـراً بكمـية الشحـمـيـات التـي يتـناولـهـا.

فإن تغذية الشيوخ بوجه خاص تحظى باهتمام كبير يوماً بعد يوم من قبل علماء التغذية ويعود هذا الاهتمام إلى نقطتين:

  1. الأولى: أن التغذية الجيدة عامل أساسي للحفاظ على الحالة الجسمية والعقلية إلى سن متأخرة جداً أكثر مما يعتقده العامة.
  2. والثانية:ما نلمسه اليوم من ارتفاع ظاهر في نسبة العمر المتوسطة وهو ارتفاع يشمل عدداً كبيراً من ذوي السن المقدمة مقارنة مع النسبة العامة

ففي عام 1956 كان عدد سكان انكلترا خمسة وأربعين مليون نسمة كان من بينهم خمسة ملايين ونصف من الشيوخ تراوح أعمارهم بين 60 و 65 سنة, وجدير بنا قبل البحث في تغذية الشيوخ التعرض إلى مفهوم الشيخوخة, إذ يرى العالم (Greppi) وغيره كثيرون وجوب اعتبار ثلاث مراحل هي:

  • مرحلة الكهولة من 45 إلى 60 سنة
  • مرحلة الشيخوخة من 60 إلى 75 سنة
  • مرحلة الشيخوخة الطاعنة وهي بعد 75 سنة.

حقيقة أن الوظائف البدنية في الشخص الذي تجاوز الخامسة والسبعين من عمره تتغير تغيراً واضحاً إلا أن القوة العقلية في معظم الحالات تبقى محتفظة بحيويتها كاملة حتى سن متأخرة جداً , وقد يحدث العكس أحياناً حيث تصاب هذه القوة بالتدهور ويعم الضعف العام الطاقة الجسدية كلها إلا في حالات استثنائية .

ويعتقد(دي ماكو) بضرورة التمييز بين الشيخوخة المبكرة التي تظهر نتيجة عجز البدن عن أداء مهامه القصوى وبين الشيخوخة الحقيقية ذات المظاهر المعروفة,وبمعنى آخر ليس من السهل تحديد قائمة المواد الغذائية للأشخاص المتقدمين في السن دونما اعتبار لمراحل شيخوختهم من جهة ،

وللنشاطات الجسمانية التي يؤديها الأفراد فمعظم المسنين يميلون بشكل عفوي وتدريجي إلى الهدوء  والركود حتى ولو حافظ المسن على ساعات عمله الاعتيادية , ويعود ذلك في رأي الكثيرين إلى ضعف نشاط الغدد الدرقية الذي يؤدي بدوره إلى نقص الاستقلاب الأساسي في أبدان الشيوخ, وبالتالي يجعل حاجتهم إلى الوحدات الحرورية أقل كلما تقدموا في السن , وهنا بيت القصيد في الواقع,إذ إن استمرار كثير من الشيوخ على الإفراط الغذائي وتناول الوحدات الحرارية نفسها عندما ينخفض نشاطهم مع الزمن لا يخلو من الأضرار ويجلى ذلك في السمنة وفي تصلب الشرايين الخ….

وقد يحدث العكس:إذ أن الإفراط في التغذية والتفريط فيها سيان بالنسبة للأضرار الناشئة عن كل كلتا الحالتين .

لقد أوضحت الأبحاث وجود علاقة بين تدهور البدن ونظام التغذية , ويعتقد بأن ضعف وظيفة أحد أجهزة البدن يحدث ارتكاساً في مهمات أخرى , فمن المعلوم أن نقصاً مفرطاً في نسبة البروتين يؤدي إلى ضعف الهرمونات الداخلية التي تظهر مساوئها في بدء الشيخوخة ,وهذه الأمور كثيراً ما يتم حدوثها

فقلما نجد انساناُ طاعناً في السن دون أن يضطرب نشاطه الحسي من شم وذوق وضعف شهية ,أو دون أن يطرأ اضطراب على جهاز المضغ عنده أي الأسنان والتي قد تفرض عليه  تناول مواد غذائية سهلة المضغ, وهذا بدوره يؤدي إلى اضطراب في الأعمال الانعكاسية الخاصة بمفرزات المعدة والكبد والمعي , مما يسبب عسر هضم وخاصة للمواد الشحمية كما قد يؤدي ذلك إلى ضعف امتصاص الفيتامينات الشحمية القابلة للذوبان , يرافقه تكاسل في حركات المعي الغليظ يكون سبباً في الإمساك ولقد درست مشكلة ضعف امتصاص المواد الدهنية من قبل الشيوخ بواسطة التصوير الملون فاتضح أن سلوك المعدة عند هذه الفئة من الشيوخ يشبه سلوك معدة الرجل الذي أجريت له عملية جراحية في جهازه الهضمي ,ولهذا كله كان من الأجدى :

1.أن تقلل بصفة عامة وجبة الطعام الخاصة بالشيوخ.

2.كما يجب إجراء تنوع في تلك الوجبة يساعد على فتح الشهية وذلك تلافياً لما يحدث عن نقصان التغذية من أمور تزيد الطين بلة, وأوضح المختصون النسب الآتية للركازات الضرورية للحياة بالنسبة للشيوخ.

يجب أن لا تقل نسبة البروتين عن 20% من الوحدات الحرارية على أن يكون نصفها من مصدر حيواني بغية تحسين المصل , وتنشيط الغدد الدرقية والوظائف الهرمونية الأخرى.

كما يجب أن تشكل مائيات الكربون (سكاكر ونشويات) نسبة تراوح بين 55 و 65 % من الوحدات الحرارية ,إذ أثبت (Sorgiu) أن المادة النشوية ضرورية في هذه السن لكن نسبتها يمكن أن تزيد أو تنقص حسب النشاط المهني للشخص ,إلا أن الإفراط في تناول النشويات يكون مدعاة إلى حمض الخل الذي يسبب اضطراباً في استقلاب الدسم , كما أن الإفراط في النشويات قد يزيد نسبة الغليسيريدات الثلاثية في مصل الدم لأن كلاً منها يمكن أن يتحول للآخر ,ولذلك فإن الاعتدال في تناول المقدار المقنن يوصى به الشيوخ.