يعتبر تجميد الأجنة Embryo Freezing إجراء يسمح للأشخاص بتخزين الأجنة بغية استخدامها لاحقاً؛ ويمكن لأي شخص أيضاً تجميد البيض الذي لم يتم تخصيبه بعد؛ يتشكل الجنين بعد حدوث الإخصاب وبعد أن تبدأ الخلايا في الانقسام.
حدث أول حمل ناجح ناتج عن استخدام جنين صحي كان قد تم تجميده خلال عام 1980؛ ومنذ ذلك التاريخ قام العديد من الأشخاص بتجميد الأجنة واستخدامها لاحقاً.
يمكن أن تقرر المرأة تخزين الجنين إذا كانت تأمل أن تتمكن من الحمل والإنجاب في المستقبل أو في حال أرادت التبرع بالجنين للآخرين أو من أجل إجراء البحوث الطبية أو لأغراض التدريب.
تبدأ العملية باستخدام الهرمونات وأدوية أخرى من أجل تحفيز إنتاج البيض الناضج القابل للتخصيب؛ ثم يقوم الطبيب باستخراج البيض من المبايض إما بهدف التخصيب في المختبر أو من أجل التجميد؛ يمكن أن يؤدي الإخصاب الناجح إلى الحصول على جنين صحي واحد على الأقل؛ ويستطيع الطبيب بعد ذلك نقل الجنين إلى الرحم womb ؛ وفي حال كان العلاج ناجحاً فسوف يتطور الجنين.
غالباً ما يؤدي الإخصاب إلى الحصول على أكثر من جنين واحد ويمكن للطبيب تجميد الأجنة المتبقية والحفاظ عليها.
ما هو الجنين, وكيف يمكن للناس عمل أحد الأجنة؟
يمكن أن يساعد تجميد الأجنة في تمكين بعض الأشخاص من إنجاب الأطفال في وقت لاحق. وفقا لمقال نشر في مجلة تناسل البشر Human Reproduction يقوم المجتمع الطبي باستعمال مصطلح الجنين منذ اللحظة التي تنقسم فيها خلايا البويضة الملقحة بعد الإخصاب وحتى الأسبوع الثامن من الحمل.
يحتاج الناس إلى إنشاء أجنة مناسبة قبل أن يتم إجراء التجميد؛ ومن أجل القيام بذلك في المختبر, يجب على الأطباء الحصول على بعض البيض وتخصيبه؛ أولاً تقوم المرأة بأخذ هرمونات معينة من أجل التأكد من حدوث الإباضة في الموعد المحدد؛ وبعد ذلك سوف تتناول أدوية الخصوبة بهدف زيادة عدد البيض الذي سيتم إنتاجه في المبيضين؛ سيقوم الطبيب باستخراج البيض في المستشفى باستخدام جهاز الموجات فوق الصوتية لضمان الدقة.
يمكن أن ترغب أية امرأة في تجميد بيضها؛ أو يمكن أن ترغب في استخدام هذا البيض عند استخلاصه من أجل الحمل والإنجاب؛ وفي هذه الحالة قد يوصي الطبيب بإجراء التخصيب في المختبر – طفل الأنبوب (In Vitro Fertilization: IVF)أو حقن الحيوانات المنوية داخل الخلايا (Intracytoplasmic Sperm Injection: ICSI).
أثناء التلقيح الصناعي يقوم الطبيب بتعريض البيض للحيوانات المنوية ويتركها في المختبر من أجل عملية الإخصاب؛ بعد أن يتم التخصيب فإن المصطلح الصحيح للتعبير عن البويضة المخصبة هو الجنين Embryo.
سيقوم أخصائي الأجنة بمراقبة تطور الأجنة خلال الأيام الستة المقبلة وبعد ذلك يمكن اختيار الجنين المناسب للزرع.
خلال الحقن المجهري ICSI يستخرج الطبيب البيض ويحقن نطفة واحدة بشكل مباشر في داخل البويضة.
قد يتم اللجوء إلى هذه الطريقة في حال كانت هناك مشكلة في الحيوانات المنوية أو إذا لم تعط المحاولات السابقة في التلقيح الاصطناعي IVF نتيجة إيجابية في الإخصاب؛ يمكن أن يستخدم الطبيب جنين واحد ويقوم بتجميد الأجنة الأخرى.
كيف يقوم الناس بتجميد الأجنة؟
الهدف الرئيسي من تجميد الأجنة هو الحفاظ عليها لاستخدامها لاحقا؛ ويتمثل التحدي الأكبر بالماء الموجود داخل الخلايا بسبب إمكانية أن تتشكل البلورات وتنفجر الخلية عندما يتجمد هذا الماء.
الحفظ بالبرودة Cryopreservation
يستخدم الطبيب عملية تسمى الحفظ بالبرودة لمنع تشكل البلورات وانفجار الخلية؛ يتضمن هذا الإجراء استبدال الماء في الخلية بمادة تسمى المادة الواقية من البرد Cryoprotectant ثم يترك الطبيب الأجنة لتقوم بتكوين مستويات متزايدة من البروتينات قبل تجميدها؛ وبعد التخلص من معظم الماء الموجود يقوم الطبيب بتبريد الجنين إلى حالة الحفظ ثم يتم استخدام إحدى الطريقتين التاليتين من أجل التجميد:
- التجميد البطيء: ويتلخص بوضع الأجنة في أنابيب محكمة الإغلاق ثم القيام خفض درجة الحرارة بشكل بطيء يمنع خلايا الجنين من أن تشيخ وتهرم ويقلل من خطر تعرضها للتلف والضرر؛ وبالرغم من ذلك فإن من سلبيات التجميد أنه البطيء يستغرق وقتاً طويلاً ويتطلب معدات باهظة الثمن.
- التزجيج Vitrification: يقوم الطبيب بتجميد الأجنة المحمية بالبرودة بسرعة كبيرة بحيث لا تملك جزيئات الماء الوقت اللازم لتشكيل البلورات الجليدية ضمن هذه العملية؛ يساعد هذا الأمر على حماية الأجنة ويزيد من معدل بقائها خلال ذوبان الجليد؛ بعد اكتمال عملية التجميد يقوم الطبيب بتخزين الأجنة في النيتروجين السائل.
معدلات نجاح عملية إذابة الأجنة المجمدة
تتمتع عملية إذابة الجنين بعد الحفظ بالبرودة بمعدل نجاح مرتفع نسبياً؛ وتشير الأبحاث إلى أن النساء اللواتي يستخدمن أجنة تم تذويبها لديهن فرص جيدة في إنجاب أطفال يتمتعون بصحة جيدة.
وفقاً لدراسة مرجعية مقارنة نشرت في عام 2006 فإن الأطفال المولودين من أجنة تم حفظها بالبرودة لم يظهروا أية زيادة في التطورات غير الطبيعية؛ ومع ذلك لا يزال المجتمع الطبي بحاجة إلى المزيد من الدراسات طويلة الأمد لمتابعة هذه الحالات.
تشير بعض الأبحاث إلى أن عملية التزجيج يمكن أن تزيد من فرصة بقاء الجنين في مرحلة التجمد وخلال عملية الإذابة الجليد مقارنةً بعملية بالتجميد البطيء.
الآثار الجانبية لعملية تجميد الأجنة
يمكن أن تبقى الأجنة مجمدة حتى حلول الوقت المناسب للحمل؛ تحدث المضاعفات أو الآثار الجانبية لتجميد الأجنة عادةً عندما يقوم الطبيب باستخراج البيض وتكون الآثار الجانبية الشائعة للاستخراج خفيفة ومؤقتة في أغلب الحالات وهي تشمل:
- التشنجات أو الشعور بالانتفاخ
- الشعور بالامتلاء.
- النزيف الدموي.
- التغييرات المهبلية.
- حدوث الالتهابات.
- تحفيز المبيض المفرط.
كم من الوقت يمكن أن تبقى الأجنة مجمدة؟
يمكن أن يبقى الجنين المجمد بشكل صحيح صالحاً للاستعمال لمدة زمنية غير محددة من الناحية النظرية؛ حيث تبقى الأجنة في أوعية محكمة الإغلاق ضمن درجات حرارة مخفضة جداً ˗321 فهرنهايت؛ لا تحدث أي عمليات بيولوجية مثل التشيُخ عند درجة الحرارة هذه.
يوجد العديد من الأمثلة على حالات الحمل الناجحة الناتجة عن البويضات التي تم تخزينها من قبل الناس لمدة تصل إلى 10 سنوات؛ ولكن لا يوجد أبحاث طويلة الأمد فيما يتعلق بتجميد الأجنة لأن الأطباء بدؤوا بتطبيق هذا الإجراء فقط منذ عام1983.
تقوم بعض البلدان بتحديد مدة التخزين التي يمكن للأفراد أن يحتفظوا بها بأجنتهم المجمدة؛ كما أن التجميد والتخزين يعتبر باهظ التكلفة ولكل عيادة قواعدها الخاصة بما يحدث إذا لم يعد بإمكان الشخص الاستفادة من أجنة أو لم يعد قادراً على إبقائها مجمدة.
الأجنة المجمدة أو الأجنة الحديثة؟
ضمن دراسة منشورة في مجلة الطب الحيوي التناسلي الدولية Journal Of Reproductive Biomedicine تم التحقق من نتائج أكثر من 1000 حالة لنقل الأجنة وتضمن ذلك أجنة حديثة وأجنة مجمدة؛ لم يجد الباحثون أي فرق إحصائي بين أنواع الأجنة من حيث معدلات الحمل أو صحة الجنين؛ كما أشار الدارسون إلى أنه يمكن للناس استخدام أجنة مجمدة وليس الأجنة الحديثة من أجل عمليات النقل الإضافية في المستقبل.
تشير دراسات أخرى إلى أن نقل الأجنة المجمدة يمكن أن يكون أكثر فعالية؛ تشير نتائج بحث تم نشره في عام 2014إلى أن نقل الأجنة المجمدة يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع معدل حدوث الحمل ويعطي نتائج أفضل لكل من المرأة والطفل.
من الذي يستطيع الاستفادة من تجميد الأجنة؟
يمكن أن يعتبر تجميد الأجنة الخيار الأفضل بالنسبة لمجموعات معينة من الناس مثل:
- الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات الوراثية التي تؤثر على التكاثر.
- الأشخاص الذين سيخضعون قريباً للعلاج الكيميائي.
- الأشخاص الذين يتناولون أدوية تؤثر على الخصوبة.
- الأزواج المثليين من نفس الجنس وغيرهم من الأشخاص من مجتمع الميم LGBTQ (مثليي ومثليات الجنس ومزدوجي التوجه الجنسي والمتحولين جنسياً ) الذين يرغبون في إنجاب الأطفال.
- يمكن أن يستفيد أيضاً من تجميد الأجنة لاستخدامها لاحقاً الأشخاص الذين يبلغون سناً متقدماً أي النساء اللواتي سيبلغن سن اليأس ولسن مستعدات بعد لإنجاب أطفال.
دورات التجميد الكلي
يقوم الطبيب باستخراج الجنين وتجميده وتخزينه ضمن دورة التجميد؛ يمكن أن يستفيد الناس من هذه العملية إذا كانت المخاطر الإصابة بمتلازمة تحفيز المبيض مرتفعة لديهم وهي حالة نادرة وخطيرة يمكن أن تحدث عندما يتلقى الشخص هرمونات محفزة لزيادة إنتاج البيض ولتقليل مخاطر هذه الحالة يمكن أن يوصي الطبيب بتجميد الجنين ونقله عندما لا يكون هناك تحفيز للمبايض.
يمكن أن يستخدم الطبيب أيضاً دورة التجميد الكلي لاختبار وجود اضطراب وراثي لدى الجنين؛ حيث يتضمن ذلك اقتطاع بعض أجزاء الحمض النووي وإجراء اختبار للصبغيات؛ الاحتمال الأكبر لنجاح النقل يكون في نقل الأجنة مع مجموعة قياسية من الصبغيات.
يمكن أن يضمن الفحص الأولي أن يكون احتمال الإصابة بالأمراض الوراثية أقل بالنسبة للذرية المستقبلية.
وجهة نظر
تمكن العديد من الأشخاص من الحمل الصحي والإنجاب من خلال تجميد الأجنة؛ إذ أن تجميد الأجنة آمن نسبياً وغالباً ما يؤدي إلى حدوث الحمل والولادة بنجاح.
تتضمن المخاطر المحتملة وجود عيوب وراثية لدى الطفل ذات احتمال أعلى بشكل طفيف؛ ومن المهم الانتباه إلى أنه نظراً لكون هذا إجراء جديد وحديث فإن الآثار الصحية الطويلة الأمد ليست واضحة المعالم حتى الآن؛ كما أن النساء اللواتي يتمكن من الحمل في سن متأخرة يكن أكثر عرضة لخطر حدوث المضاعفات.
بالإضافة إلى ذلك فإن علاج الخصوبة يمكن أن يؤدي للإصابة متلازمة الإفراط في تحفيز المبيض وتكون الأعراض شديدة في أقل من 2 في المئة من الحالات لكن من غير المرجح أن تكون مهددة للحياة.
وأخيرا يمكن أن يكون العلاج مكلفاً ولكنه بالرغم من ذلك يوفر مجموعة واسعة من الخيارات للنساء اللواتي يرغبن في الحمل أو يحتجن إلى تأخير وقت الحمل أو حتى بالنسبة للنساء غير القادرات على الحمل.