إلتهاب الفقرات التصلبي Ankylosing Spondylitis

مقدمة:

التهاب  الفقرات  التصلبي  هو مرض مناعي  مزمن  يؤدي إلي إلتهابات بمفاصل العمود الفقري و  المفصلين الحرقفيين العجزيين و من الممكن أيضا ان يؤثر على مفاصل أخرى الجسم كمفصل الكتف والفخذ أو على أجهزة أخرى بالجسم كالجهاز التنفسي و الجهاز الدوري أحياناً.
يعتبر هذا المرض  من عائلة الأمراض المناعية التي تهاجم العمود الفقري , وتتضمن ، بالإضافة إلى هذا المرض ،داء رايتر , التهاب المفاصل الصدفي و الروماتيزم  المصاحب لالتهابات الأمعاء .

مدى شيوع مرض إلتهاب الفقرات التصلبي:

يصيب المرض 0.5 % أي واحد في كل مائتين من الناس

من الذين يصابون بمرض إلتهاب الفقرات التصلبي:

يبدأ المرض في الظهور عادة في فترة البلوغ . يصيب الذين الذين أعمارهم ما بين الخامسة عشر إلى الثلاثين سنة.
يصيب المرض الرجال أكثر بضعفين من إصابته للنّساء , يؤثّر على الشّباب الذين أعمارهم ما بين الخامسة عشرة والثلاثين سنة , قد يصيب المرض صغار السن حيث تكون الأعراض مختلفة عادة مثل أن يسبّب المرض آلآم حول منطقة كعب القدم و الرّكبتين والأوراك بدلاً من البدء بالعمود الفقريّ.

أسباب مرض التهاب الفقرات التصلبي:

مرض الفقرات التصلبي هو مرض مناعي (ما هو المرض المناعي). توجد هناك عدة عوامل قد تكون لها علاقة بالمرض من أهمها عامل الوراثة فمرض إلتهاب الفقرات التصلبي يكون أكثر شيوعاً في بعض العائلات, ويظل وجود العامل الوراثي المعروف بإسم (HLA B-27) هو أقوي العوامل الجينية علاقة بالمرض فوجوده يزيد من نسبة حدوث المرض لحامله بالمقارنة لمن ليس عنده هذا العامل. و نوضح هنا أنه في الوقت نفسه قد يكون (HLA B-27) متواجد بشكل طبيعي في نسبة من الناس الطبيعيين الذين لم ولن يصابوا بالمرض حيث تقدر هذه النسبة بحوالي 8 % من سكان العالم.

أعراض مرض إلتهاب الفقرات التصلبي:

  • آلام أسفل الظهر:

وتعد هذه الآلام المتكرّرة أو المزمنة هي من أهم و أول الأعراض التي يشكو منها المريض مع إحساس بالتيبس , وتزيد هذه الألآم بالراحة وتقل تدريجيا بالحركة. وقد يشعر المريض بالألم في منطقة الأرداف على جانب واحد, أو على كلا الجانبين, وسبب هذه الآلام هو التهاب المفصلين الحرقفيين العجزيين  .

  • ارتفاع بدرجة الحرارة:

في المراحل المبكّرة من المرض قد يكون هناك حمّى أو إرتفاع بسيط بدرجة الحرارة و فقدان للشهيّة و خمول عام.
إلتهاب الأوتار عند مكان إتصالها قرب العظم والأربطة التي توصّل بين المفاصل .

وتسبب هذه الإلتهابات آلام في اماكن متفرقة من الجسم و أشهرها منطقة الكعب   , و أيضا في الضّلوع و عظمة القص.
♦  إلتهابات في المفاصل الطرفية: وخاصة مفاصل الأوراك و الركبتين و الكاحلين والمفاصل المشطية السلامية .

  • التهاب قزحية العين الأمامي :

يحدث إلتهاب قزحية العين في حوالي ثلث مرضى إلتهاب الفقرات التصلبي, و يؤدي الي الشعور بألم بالعين و إحمرار في العين و دمعان وتكون العين أكثر حسّاسية للضّوء.

عدم علاج أو إهمال هذه الأعراض يؤدي الي حدوث ندوب مزمنة في قزحية العين و تعوج في بؤبؤ لبعين و يؤدي في النهاية الي قصور في الرؤية.

  • إلتهابات بالجهاز الهضمي: بعض مرضي إلتهاب الفقرات التصلبي لديهم التهابات بالأمعاء و لكن بلا أعراض
  •  إلتهاب الشريان الأورطي والقصور الأبهري  :

قد يحدث إلتهاب بالشريان الأورطي ( الشريان الأورطي هو أكبر شريان بالجسم ، يخرج من القلب مباشرة لتغذية الجسم بالدم ), وبالرّغم من ندرة حدوث ذلك إلا أنه من المضاعفات الخطيرة ولذلك يحتاج المريض أن يفحص بشكل دوري للتشخيص المبكر لهذه الحالة.  العوامل التي تزيد من حدوث إلتهاب الشريان الأورطي والقصور الأبهري هى تقدم السن , و طول فترة المرض , و وجود HLA B-27 , و وجود التهابات في المفاصل الطرفية.

  • التليف الرئوي القمي: يحدث في حوالي 1% من مرضي إلتهاب الفقرات التصلبي.
  • تأثر الكلي بالداء النشواني و هو امر نادر الحدوث و يحدث فقط في الحالات طويلة المدي من مرض إلتهاب الفقرات التصلبي.

مضاعفات المرض على العظام والمفاصل:

بمرور الوقت تؤدي الإلتهابات بمفاصل الظهر إلي حالة من التصلب في العمود الفقري مما يؤدي الي تحدب في الظهر
حدوث قصور بوظيفة التنفس و ذلك لوجود تصلب بالمفاصل الضلعية الفقرية بالصدر .
حدوث هشاشة العظام والتي من الممكن منع حدوثها بأخذ العلاج الواقي ضد هشاشة العظام.
♦  إلتهاب القرص أو الغضروف الفقري العقيم الذي يحدث بالأخص في الفقرات الصدرية.

تشخيص المرض:

يصل الطبيب إلى تشخيص المرض من خلال الأعراض المختلفة للمرض و الكشف السريري للمريض , وبالأشعة التشخيصية السينية
الفحوصات بالأشعة: توضح صور الأشعة السينية للعمود الفقري التغيرات الناتجة من المرض و أهمها الإلتصاقات العظمية الجانبية  و أيضا آثار الالتهاب في المفصل العجزي الحرقفي مثل عدم وضوح الحدود المفصلية و التآكلات. في حالة الحصول علي أشعة سينية طبيعية بالرغم من وجود شك كبير بتشخيص المرض من خلال الأعراض المختلفة للمرض و الكشف السريري للمريض يتم عمل رنين مغناطيسي بتقنية ستيير علي العمود الفقري و المفصلين الحرقفيين العجزيين لتشخيص المرض في مراحله المبكرة
الفحوصات المختبرية: من الممكن أن تكون الفحوصات المختبرية متماشية مع الصورة المختبرية للإلتهابات كإرتفاع في عدد كريات الدم البيضاء و زيادة في سرعة ترسب الكريات الحمراء و زيادة في بروتين س التفاعلي .

علاج مرض التهاب الفقرات التصلبي:

يعتبر مرض إلتهاب الفقرات التصلبي من الأمراض المزمنة التي لا يوجد لها علاج جذري أو نهائي . معظم العلاجات التي توصف للمرضى تكون لإحداث حالة إخماد لنشاط المرض و منع وإن لم يكن منع فعلى الأقل تخفيف سرعة تقدم المرض بحيث يتمكن المريض من أن يمارس حياته بشكل طبيعي ولكن مع الإلتزام بتعاطي العلاج.
و من المهم أن يدرك المريض أنّ العلاج قد يستغرق بعض الوقت قد تصل إلى عدة شهور لكي يتوصل الطبيب إلى الجرعة المناسبة التي تتحكم بالمرض ويشعر المريض بتأثير العلاج بشكل ملحوظ.
أولاً: العلاج بالعقاقير:
♦ العقاقير المضادة للالتهاب : تستخدم هذه العائلة من العقاقير المسكنة والمضادة للإلتهاب في نفس الوقت بشكل أساسي في التحكم بالأعراض. تشتمل هذه العائلة على أسماء عاقير كثيرة ويجب أن نوضح هنا أن الإستجابة لعقار ما منها تختلف من شخص لآخر ,فعدم الإستجابة لواحد من هذه العقاقير لا يعني بالضرورة عدم إمكانية الإستجابة للنوع الآخر و نوضح أيضاً أن تعاطي عقاقير مختلفة من هذه العائلة في نفس الوقت أو جرعات عالية جداً من واحد منها قد يزيد من احتمال حدوث الآثار الجانبيّة وخاصةً على المعدة مثل القرحة و لذلك يفضل في بعض الحالات اخذ دواء لحماية المعدة مع هذه العلاجات فلا تتردد بمراجعة طبيبك بهذا الخصوص
♦ العقاقير المعدلة لطبيعة المرض : وهذه العائلة من الأدوية تعمل على إخماد نشاط المرض ومنع حدوث مضاعفاته . تستغرق هذه العلاجات من عدة أسابيع إلى عدة أشهر من تناول المريض لها قبل أن يشعر بتحسن فعلي. ومن هذه الأدوية: السلازوبيرين  و الميثوتركسات و هذه الادوية تفيد فقط في حالة وجود التهابات في المفاصل الطرفية.
♦ العقاقير البيولوجية : العقاقير البيولوجية هي عقاقير حديثة قد تكون متاحةً للمرضى الذين يفشلون في الإستجابة للعلاج التّقليديّ . أهم العقاقير البيولوجية المستخدمة لعلاج مرض إلتهاب الفقرات التصلبي حالياً هي العقاقير البيولوجية المضادة لمادة ( تي إن إف) (Anti-TNF agents).

مادة ( تي إن إف)(TNF) هي مادة تلعب دورا مهماً في حدوث الإلتهابات بالجسم و قد وجد أن إبطال مفعول هذه المادة له تأثير إيجابي ملحوظ في هذا المرض مما يؤدي إلى السيطرة التامة عليه في بعض الحالات. و أشهر هذه الادوية هي: إنبريل و ريميكيد و هيوميرا .
♦ عقاقير لمنع و علاج هشاشة العظام: يجب علي مريض إلتهاب الفقرات التصلبي الإنتظام في تناول أدوية منع الهشاشة من عائلة البيسفوسفونات  مع الكالسيوم و فيتامن د.

ثانياً: العلاج بالتمارين الرياضية و العلاج الطبيعي:
التمارين الرياضية و العلاج الطبيعي جزء مهم و أساسي من العلاج. يجب علي المريض أن يتعلّم مجموعة من التمارين الرياضية التي من الممكن أن تخفف من حدة الأعراض وتخفف من تطور المرض بشكل سريع. تحافظ التمارين على المفاصل والعضلات و تزيد من قوتها , كما تساعد على أن يبقى الهيكل العظمي للمريض بوضع مستقيم .من أفضل التّمارين التي يزاولها المريض السباحة والمشي . في بعض الحالات المتقدمة من المرض يجب على المريض أخذ جانب كبير من الحيطة عند مزاولة هذه التمارين لأن مريض إلتهاب المفاصل الفقري معرض للخطر أكثر من غيره لكسر عموده الفقري
يؤثر المرض أيضا علي مفاصل القفص الصدري على المدى الطويل ولهذا يحتاج المريض لعمل تمارين التنفس ( مثل أخذ نفس عميق ثم إخراج الهواء من الصدر) الشهيق والزفير.
ليس بالضرورة عمل هذه التمارين جميعها يوميًّا, ولكن يستحسن عمل بعض التمارين كل يوم فالإستمرارية أهم من الكمية.
ينبغي أن يركز المريض على تمارين الحركة في المفاصل المتأثرة بالمرض وتجنب الحركات المزعجة والمسببة للألم. على سبيل المثال إذا كانت الرقبة مؤلمة ومعرضة للتصلب ينبغي أن يهتم المريض بعمل التمارين الخاصة للرقبة للمحافظة على مجال الحركة بمفاصلها.
إستخدام الكمادات الحارة أو الباردة: ينصح بإستخدام الكمادات الحارة للعضلات المتقلصة نتيجة الألم بالعمود الفقري , و الكمادات الباردة لتقليل الألم و الورم في المفاصل الطرفية الملتهبة . تساعد الكمادات الباردة في تخدير المنطقة الملتهبة عن طريق تقليص الأوعية الدموية بها مما يحد من شدة الإلتهاب.

ثالثاً: العلاج الجراحي:
يحتاج المريض إلي التدخل الجراحي , إذا أصبحت أحد المفاصل متلفة على نحو سيّئ يمنع إستخدامها أو إذا كان الألم في المفصل شديداً جداً خاصة مفصل الفخذ. في هذه الحالات يمكن أن يستعان بالعمليات الجراحية (كتغيير المفصل) التي سوف تخفف على المريض الألم و تساعده على الحركة بشكل أفضل ويتبعها فترة من العلاج الطبيعي.

نقاط مهمة في الحياة اليومية لمريض إلتهاب الفقرات التصلبي:

إختر وقتاً مناسباً لك يوميا لعمل التمارين لكي تضمن الإستمرارية في التمارين. وهناك بعض الملاحظات البسيطة التي يجب عليك أن تنتبه إليها:
بعد عمل أعمال كثيرة أو عمل نفس المهمة مرارًا وتكرار يجب عليك التوقف لوقت بسيط لأخذ قسط من الراحة ثم متابعة العمل.
خد الحذر عند حملك للأشياء الثقيلة وحاول أن تكون بالطريقة السليمة
يجب أن يكون وضع جلوسك وضع سليم و أن تحافظ على أن يكون ظهرك بشكل مستقيم عند الجلوس.
تجنب البقاء على نفس الوضع لفترات طويلة , و حاول أن تتجنب الوضع الغير مريح والأوضاع الخاطئة التي قد تؤثر على المفاصل والأربطة .
إستخدم أثناء النوم المراتب التي تحافظ على العمود الفقري حيث أن الإنسان يقضى ثلث يومه تقريبا على السرير: يجب أن يكون الجسم مفروداً عند الإستلقاء علي الظهر و يجب إستخدام وسادة ذات إرتفاع مناسب.
حاول أن تكون منتبهاً لوضع قامتك أثناء اليوم وأن تركز انتباهك على كيفية وقوفك وجلوسك وان تسأل نفسك بشكل دائم هل أنت تجلس أو تقف بوضع سليم ؟