السكري النوع الأول عند الأطفال

مرض السّكري النّوع الأول عند الأطفال:

ينتشر مرض السّكري من النوع الأول عند الأطفال المصابين بالسّكري، حيث أنّ الجسم لا يفرز كميات كافية من الأنسولين وبسبب هذا النقص في الأنسولين فإنّ الغلوكوز لا يستطيع الدّخول إلى الخلايا لتحويله إلى طاقة ممّا يُولّد الشّعور بالتعب. ويحاول الجسم الحصول على الطاقة عن طريق كسر مخازن الدّهون والبروتينات في الجسم ممّا يؤدي لفقدان الوزن، وبما أنّ الجسم لا يستفيد من الغلوكوز فإنّه يُطرح مع البول ممّا يُسبّب كثرة التّبول والتّجفاف والعطش الشديد. (www.diabetes.org.uk)

وقد ازدادت حالات الإصابات بالنوع الأول من مرض السّكري عند أكثريّة السّكان وليس معظمهم، ولوحظ أنّ هذه الزيادة ظهرت عند السّكان الّذين كانت معدّل إصاباتهم بالمناعة الذاتيّة منخفضة تاريخيّاً. أشار المركز الغربي الأوربي لأمراض السّكري إلى أنّ هناك حقائق تُبيّن بأنّ المعدل السنوي لارتفاع الإصابات بالنّوع الأول من مرض السّكري تُقدّر بحوالي 5-2 %، معدل الزيادة ذاك يبلغ ذروته عند الأطفال البالغين. وقد تفشّى هذا المرض في الولايات المتّحدة خاصّة عند أطفال المدارس بنسبة 1.9 لكل 1000 طفل وإنّ هذه النّسبة تزداد لتشمل 1 طفل لكل 1430 من الأطفال البالغين من العمر 5 سنوات لتصل إلى نسبة 1 طفل لكل 360 من الأطفال البالغين من العمر 16عاماً. بحيث أنّ هناك إصابة واحدة من بين 300 طفل معافى، لتصل تلك النسبة عند البالغين بمقدار إصابة واحدة من بين 100بالغ. وإنّ حالات الإصابة تلك تؤثر بشكل متساوٍ على كل من الفتيات والصبية على حدٍ سواء مع رجوح بسيط بالنسبة للفتيات.(

 تشخيص مرض السّكري النوع الأول عند الأطفال:

تشخيص مرض السّكري النوع الأول عادةً ما يكون بسيطاً، فإنّ أهم دليل على مرض السّكري هو البوال غير الملائم لأي طفل مع التّجفاف وسوء زيادة الوزن أو الانفلونزا. ويتمّ الكشف عنه بإجراء اختبار سكر الدّم حيث يكون سكّر الدّم غير الصّيامي أكبر من 200 ملغ/ دل (11.1 ميلي مول/لتر) مع تشخيص الأعراض النّموذجيّة مع أو دون بيلة كيتونيّة.

عند تأكيد ارتفاع السّكر في الدّم فإنّه من الحكمة تحديد إذا ما كان الحمّاض الكيتوني موجوداً وخاصة ً عند العثور على البيلة الكيتونية وتقييم شذوذ الشوارد حتّى لو كانت علامات التّجفاف صغيرة.

أسباب السكري النوع الأول عند الأطفال

لا يوجد أسباب محددة تؤدي لإصابة الطّفل بالسّكري ولكن من المؤكد أنّه ليس مرضاً مُعدياً ولا ينتج عن تناول السّكر بكثرة أو عن الانفعالات الّنفسية وقد قام الخبراء عبر سنين طويلة بدراسة مسببات المرض الّتي تؤدي إلى خللٍ في الجهاز المناعي ولكن إلى الآن لا أحد يعلم على وجه التحديد لماذا يُصاب طفل دون آخر بمرض السّكري وهناك عدة عوامل مجتمعة تساعد على إيجاد استعداد للمريض للإصابة بالمرض وهي:

دور العوامل الوراثيّة بالاصابة بالسكري النوع الأول

إنّ ما يشير إلى دور الوراثة في إحداث الإصابة هو زيادة نسبة الإصابة بهذا المرض في عائلات محددة وازدياد نسبة الإصابة عند الأخوة حتّى 6% حيث تصل نسبة الإصابة حتّى 50% عند الأخ التّوأم للمريض، كما تزداد عندما يكون الوالدان مصابين بالسّكري، وهذه المخاطر تختلف من الأب إلى الأم حيث تزداد نسبة الإصابة إذا كانت الأم تعاني من السّكري حتّى 2% لتصل حتّى 7% إذا كان الأب مصاباً بالسّكري. هناك أيضاً ارتباط وثيق بين وراثة أنماط محددة من مستضدات التوافق النسيجي HLA والّتي لها دور في زيادة التّأهب للأمراض المناعية الذاتيّة وبين حدوث السّكري النمط الأول. وبالمثل فإنّ ظهور الأجسام المضّادة هي أكثر تنبّؤاً عند العائلات المصابة بمرض السّكري تاريخياً عن العوائل الّتي لا تعاني من هذا المرض، وبالتالي فإنّ العوامل البيئية يمكن أن تُحفّز عملية انتقال الإصابة بالمناعة الذاتيّة عند معظم الأطفال.

ويجب الأخذ بالحسبان أنّه على الرّغم من وجود روابط جينية كثيرة فيما يتعلق بمرض السّكر، إلا أنّ حوالي 85% من التّشخيصات الّتي تمّت حديثاً لمرضى مصابين بمرض السّكري النوع الأول بيّنت أنّه لا يوجد أية إصابة بين أفراد العائلة. وبالتالي لا يمكن الاعتماد على تاريخ العائلة الصحّي لتحديد المرضى الذين من الممكن أن يتعرضوا لخطر الإصابة إذا ما تطور هذا النوع من المرض في المستقبل، حيث أنّ معظم هذه الإصابات سوف تتطور عند أفراد ليس لتاريخ عائلتهم الصحي أيّة علاقة بهذا المرض.

دور العوامل المناعيّة بالاصابة بالسكري النوع الأول

إنّ الدليل على دور العوامل المناعية هو وجود الأجسام المضادة في مصل المريض بالمرحلة الباكرة  بنسبة تصل حتى 85%. يتطور مرض السّكري عند حوالي 30% من الأطفال ممّن لديهم أجساماً مضادة من نوع واحد، ويزداد إلى 70%عندما يتواجد نوعين من الأجسام المضادة ليرتفع إلى 90% عندما يتواجد ثلاثة أنواع من تلك الأجسام، يختلف تطور تلك المخاطر مع زيادة الاستجابة لدى الأجسام المضادة، والأكثر عرضة للأمراض السريرية من يملك كمية عالية من الأجسام المضادة.

كذلك لوحظ نقص في نسبة الخلايا اللمفاوية T وازدياد في نسبة الخلايا T القاتلة إلى الخلايا Tالمثبطة عند هؤلاء المرضى.

دور العوامل البيئيّة:

من الممكن أن تلعب فيروسات متعددة في التسبب بمرض السّكر النوع الأول، ولكن لا يوجد فيروس واحد ولا آلية واحدة مسببة للمرض تبرز ضمن المسببات البيئية لهذا المرض، حيث أنّ هناك مجموعات متنوعة من الفيروسات وآليات عمل محددة ربما تساهم في تطور مرض السّكر عند المضيف ذو القابلية الوراثية.

الحمية الغذائيّة:

الرّضاعة الطبيعية قد تُقلل من مخاطر الإصابة بمرض السّكر النوع الأول، إمّا مباشرة أوعن طريق تأخير التعرّض لبروتين حليب البقر. توجد علاقة وثيقة بين التقديم المبكر لحليب البقر والتعرّض للغلوتين في التطور الحاصل للجهاز المناعي والذي يعود الى التسرب الهضمي لمستضدات هذا البروتين. تحتوي المستضدات الجينية الّتي تسبب ذلك على B- لاكتوغلوبين وهو البروتين الرئيسي في الحليب البقري، وقد ركزّت دراسات أخرى على المصل البقري كمستضد تحريضي، ولكن لاتزال المعلومات متناقضة وليست حاسمة.

كما دلّت الدراسات أنّ التعرّض المبكر للحليب الصناعي يزيد نسبة حدوث الأجسام المضادة لخلايا البنكرياس ودعت هذه الدراسات إلى الاستمرار في الرضاعة الطبيعية إلى أكثر من أربعة أشهر من حياة الطّفل وأوضحت أهميتها.

ولكن بعض الدراسات الحديثة لم تجد علاقة بين حدوث سكّري الأطفال وبين التعرّض المبكر للحليب الصّناعي فالدراسات الّتي ضمّت أعداداً أكبر من الأطفال واستمرت قرابة عشر سنوات لم تجد علاقة بين الحليب الصّناعي وسكري الأطفال.

وقد تمّ اقتراح عوامل غذائية أخرى في أوقات مختلفة والّتي تلعب دوراً في مخاطر الإصابة بمرض السّكري، تشمل أحماض أوميغا -3- وفيتامين D الذي له دور في تنظيم الجهاز المناعي وحمض الأسكوربيك والزنك وفيتامين E، وهناك بعض الأدلّة الوبائية تثبت أنّ النقص بكمية فيتامين D في مرحلة الحمل أو المرحلة المبكرة من الطفولة من الممكن أن يكون لها علاقة بخطر الإصابة بمرض السّكري، ولكن لم يتمّ الحسم بشأن تلك الأدلة بشكل قاطع حتى الآن.

الإجهاد الّنفسي:

تُظهر العديد من الدراسات زيادة انتشار الإجهاد النفسي عند الأطفال الذين يتطور عندهم مرض السّكري  النمط الأول لاحقاً، سواء تفاقمت هذه الإجهادات قبل تواجد هذا المرض المناعي أم ترافقت مع أعراض المناعة الذاتية.

متلازمة الحصبة الألمانية الخَلقية:

يأتي مرض السّكري بعد الحصبة الألمانية من حيث المخاطر الجينية الّتي يحملها المريض، ومن المثير أنّ الإصابات الفيروسية تلعب دوراً واضحاً عند إنسان مصاب بمرض السّكري النوع الأول وذلك يبدو واضحاً عند متلازمة الحصبة الألمانية الخَلقية. إنّ العدوى بالحصبة الألمانية تظهر ما قبل الولادة بنسبة تفوق70 بالمئة وهي مرتبطة بالخلية نوع B المناعية، تصل الفترة الزمنية الفاصلة بين العدوى وتطور مرض السّكري أحياناً إلى عشرين سنة. والمثير للاهتمام أنّه لا يوجد هناك زيادة في مخاطر مرض السّكري عندما تتطور العدوى بالحصبة الألمانية قبل الولادة أو عندما يستخدم تطعيم الحصبة الألمانية، لكن لايزال غير معروف كيف تقودنا بالضبط العدوى بالحصبة الألمانية الى مرض السّكري، ولماذا يحدث المسبب الجيني للعدوى فقط قبل الولادة ؟.

الفيروسات المعويّة:

لقد أظهرت الدراسات أدلّة على زيادة الإصابات بالفيروسات المعوية عند المرضى المصابين بمرض السّكري وزيادة في انتشار الفيروسات المعوية في عينات الدم ما قبل الولادة عند الأطفال الذين تطور لديهم مرض السّكري بشكل لاحق. ووفقاً لتقارير المعاهد المختصة وُجد أنّ هناك علاقة بين العدوى بالفيروس المعوي وبين الاصابة بمرض السّكري لاحقاً، ولكن الحقيقة الواضحة لهذه الإصابات تبقى مجهولة.

1-2-3 المظاهر السريريّة:

في البداية يحدث ارتفاع السّكر في الدم في بعض الأحيان عندما يكون احتياطي الأنسولين محدوداً، وعندما يزداد الغلوكوز في الدم فوق العتبة الكلوية يبدأ بوال متقطع أو كثرة التبول أثناء الليل. يؤدي ارتفاع السّكر المزمن في الدم إلى إدرار بول أكثر ثباتاً، في كثير من الأحيان مع سلس بول ليلي وعطاش، وقد تلاحظ الأم أو المُدرّسة تردد الطّفل إلى الحمام كثيراً أو الاستيقاظ ليلاً أو التبول اللاإرادي أثناء النوم.

يحدث الجوع نتيجة فقدان السعرات الحرارية في البول (البيلة السّكرية)، وإذا كان فرط الأكل لا يواكب سرعة البيلة السّكرية فإنّه يحدث فقدان للوزن. يستهلك الطّفل السليم ذو العشر سنوات وسطياً حوالي 50٪ من 2000 السعرة الحرارية اليومية ككربوهيدرات، بينما ذلك الطّفل السّكري فقد تصل الخسائر اليومية من الماء والسّكر حوالي 5 ليتر و 250 غرام على التوالي وهو ما يمثّل 1000 سعرة حرارية أو 50٪ من متوسط مدخول ​​السّعرات الحرارية اليومية. وعلى الرغم من رغبة الطّفل التعويضية المتزايدة للطعام، فإنّ الجسم يجوع بسبب فقدان السّعرات الحرارية غير المستخدمة في البول. وقد يلاحظ الأهل على الطّفل شعور بالإجهاد والعصبية وانخفاض مستوى التحصيل في المدرسة.

 

تتراكم الأحماض الكيتونية عندما تكون مستويات الأنسولين منخفضة للغاية ويتدهور الطّفل بسرعة،  تسبب الأحماض الكيتونية ألماً في البطن وغثيان وتقيؤ ويتسّرع التجفاف عند عدم تناول الطعام عن طريق الفم.

كما هو الحال في أي حالة مفرطة التناضح، قد تكون درجة الجفاف اُستهين بتقديرها سريرياً لأنّ الحجم داخل الأوعية الدموية يتم المحافظة عليه على حساب حجم الخلايا. يُفاقم الحماض الكيتوني الأعراض ويؤدي إلى تنفس كوسماول (تنفس عميق وسريع)، ورائحة النفس كرائحة الأسيتون، تضاؤل الوظيفة العصبية، والغيبوبة محتملة. حوالي 20-40٪ من الأطفال الذين يعانون من مرض سكري جديد يتطور السّكري لديهم إلى الحماض الكيتوني قبل التشخيص. )