يُعدّ السّكري واحد من أهم الأمراض المزمنة في مجتمع الأطفال وللجانب النّفسي دور مركزي وأساسي لنجاح خطّة العلاج للعديد من الأسباب:
- تزيد نسبة إصابة الأطفال السّكريين بالمشاكل النّفسية والانفعالية أكثر من أقرانهم غير المصابين.
- أثبتت الدراسات أنّ حوالي ثلثي الأطفال في المراحل الأولى من اكتشاف اصابتهم بالسّكري عرضة للاكتئاب النّفسي أو القلق الانفعالي ممّا يؤدي إلى الوحدة والانعزال عن المجتمع المحيط.
- يؤثّر السّكري بدرجات مختلفة على العديد من الوظائف الفيزيولوجية والنّفسية من النمو الإدراكي والمعرفي في مرحلة الطفولة بالإضافة إلى تأثيره المباشر على المشاعر والأحاسيس والعلاقات الاجتماعية في مرحلة النضوج.
- النّظام العلاجي للسّكري ليس سهلاً ومستديماً مدى الحياة ويحتاج للمتابعة.
- أثبتت الأبحاث الميدانية أنّ نسبة كبيرة من الأطفال السّكريين تبدو عليهم علامات عدم الوثوق بالنفس والذكاء مما يؤثّر على تحصيلهم العلمي.
- تظهر بعض المشاكل النّفسية المصاحبة للسّكري وتحديداً بين الفتيات خلال مرحلة البلوغ في صورة مشاكل عضوية مثل القيء المستمر.
وقد أرجع العلماء ظهور الأمراض النّفسية المصاحبة للسّكري عند الأطفال إلى العديد من النظريات وأهمها:
- تعرّض الجهاز العصبي المركزي لفترات طويلة لارتفاع سكر الدم ممّا يؤدي لتأثير سلبي على الوظائف الفيزيولوجية للخلايا العصبية وتغير كيميائية الجهاز العصبي.
- تكرار تعرض الجهاز العصبي المركزي (المخ) لفترات طويلة من انخفاض سكر الدم.
ولكي نستطيع مواجهة المصاعب النّفسية الّتي يتعرض لها الأطفال السّكريين يجب أن نتعرف على المراحل النّفسية الّتي يمر بها المريض فور اكتشاف إصابته بمرض مزمن وهي أربعة مراحل:
2-3-1 المرحلة الأولى (الصدمة):
وفيها يُصاب الأهل والطّفل بصدمة نفسية فور إبلاغهم بالمرض، وتستمر لمدّة تتراوح بين أيام إلى أسبوع وتتميّز هذه المرحلة برفض الواقع ورفض تصديق الإصابة بالمرض.
2-3-2 المرحلة الثانية (الاستنكار والثورة):
وتستمر هذه المرحلة من أسبوع إلى ثلاثة أسابيع وتلعب الحالة الاجتماعية دوراً أساسياً في تحديد مدة المرحلة كما تعتمد على المستوى الثّقافي والاجتماعي، وتتميّز هذه المرحلة بالاعتراف بالمرض بناءً على نتائج التّحاليل والفحوصات وتبدأ بالحيرة ما بين الأهل والتساؤل عن أسباب حدوث المرض وغالباً ما يتبادل الوالدان الاتّهامات وإلقاء تهمة التّقصير المؤدي لحدوث المرض أو تبادل الاتهامات باعتبار المرض قد ورثه الطّفل من الجد أو الخال أو أحد الأقارب وتؤثر العديد من العوامل الاجتماعية والتربوية على طريقة تعامل الأبوين مع الطّفل المصاب إما بالاهتمام الزائد أو الإهمال التام وكلاهما يؤثر سلباً على النمو النّفسي والتطور الاجتماعي سواء للطّفل أو لباقي الأخوة، كما يجادل الأهل كثيراً في قبول خطّة العلاج واحتمالية الشفاء التام وغالباً لا يجدون ما يُثلج صدورهم من إجابات الأطباء من أنّ السّكري مرض مزمن له علاج ولكن غير قابل للشفاء التام ولذلك تبدأ مرحلة التردّد على العيادات المختلفة وأحياناً يلجأ الأهل إلى طرق الطّب غير التقليدي والاستشارات الدينية ويتناسون الرعاية الطّبية السليمة للطّفل المريض ممّا يؤدي لتدهور حالته الصحية.
2-3-3 المرحلة الثالثة (التكيّف والالتزام):
تبدأ هذه المرحلة بالاستسلام وقبول الواقع والاعتراف بالإصابة بالمرض وتبدأ أسرة الطّفل بالالتزام بالمنهج العلاجي وترى مردوده واضحاً في التّحسن الملحوظ لصحة الطّفل النّفسية والجسمية وغالباً ما تعود الأسرة إلى الحالة الاجتماعية المستقرة كما يعود الطّفل لمدرسته وأصدقائه.
2-3-4 المرحلة الرابعة (الاندماج والتعايش):
تتمثل هذه المرحلة بالاندماج والتعايش السلمي مع المرض الذي أصبح فيه التّعامل مع خطّة العلاج جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية وتعتمد سرعة الوصول إلى هذه المرحلة على المستوى الثقافي والاستقرار الاجتماعي والدعم النّفسي. (www.betterhealth.vic.gov.au)
ولكي يستطيع الطّفل التّغلب على الآثار والمضاعفات النّفسية المصاحبة للسّكري يجب على كل أسرة يعاني أحد أبنائها السّكري:
- الالتزام بخطّة العلاج الدوائي المناسبة والملائمة والموضوعة من قبل الطّبيب المعالج لضمان ضبط سكر الدم وتلافي حدوث المضاعفات الجسمية والنّفسية.
- الالتزام الأمثل بخطّة العلاج المكمّل وأهمها التّغذية السليمة ومزاولة الرياضة.
- الحرص على حضور النّدوات والجلسات الخاصة بالتثقيف الصحي والّتي تعتبر جزءاً من خطّة العلاج المتكامل حيث تُناقش حقوق المريض وواجباته والمضاعفات وطرق الوقاية منها وكيفيّة مواجهة صعوبات الحياة وطرق التّغلب عليها كما تركّز على إعطاء المريض المعلومات اللّازمة والحقائق العلميّة والمهارات الضّروريّة للتغلب على أي خوف أو قلق حتّى يستعيد المريض ثقته بنفسه.
- استشارة طبيب نفسي عند ظهور علامات الخوف – القلق – الانسحاب – الانزواء – اضطرابات النوم – اضطرابات الشهية – العنف – تقلب المزاج – عدم الاستمتاع بالهوايات.
(www.new.elfager.org)
2-4 المشاعر الأولى وكيفيّة التّعامل معها:
ينشأ لدى الطّفل أو المراهق الذي تمّ تشخيصه حديثاً بمرض السّكري مجموعة من العواطف وردود الأفعال، ويمكن أن تكون ردود الأفعال مشتركة على حد سواء بين الأطفال والآباء وتشمل الصدمة والحرمان والغضب والحزن والخوف والشعور بالذّنب.
المخاوف الأكثر شيوعاً هي:
- القلق بشأن وضعهم.
- الخوف من الإبر والحقن المتعددة.
- طغيان شعور لا هوادة فيه وفقاً لطبيعة المرض الّتي ستستمر مدى الحياة.
- الإحباط أكثر من اختبارات الدّم الّتي تظهر تذبذب مستويات السّكر في الدم على الرّغم من الإدارة الجيدة.
- وصمة العار من الشعور بأنّه مختلف.
- الحرج من إخبار الأصدقاء.
- التّعامل مع رد الفعل العاطفي لأفراد الأسرة.
من المهم أن نتذكر بأنّ هذا هو الوقت العصيب وبأنّ هذه المشاعر طبيعية وتنحسر عموماً بعد أنّ يتم إجراء تعديل على التّشخيص وأيضاً بالدّعم الّذي يقدمه كل من أفراد الأسرة والأصدقاء وفريق الرّعاية الصّحيّة للسّكري. (www.betterhealth.vic.gov.au)
2-5 التّعامل مع مرض السّكري بعد التّشخيص:
يمكن أن يكون التّعامل والعيش مع مرض السّكري كل يوم أمر صعب للغاية على الطّفل وذلك بسبب:
- شعوره وكأنّه عبئاً على الأسرة.
- يُعالج بطريقة مختلفة أو بدقة كما لو أنّه مريض.
- القلق المفرط من قبل الوالدين.
- الحصول على عناية إضافية، والّتي قد تسبب الغيرة عند الأشقاء الآخرين.
- القلق من الأصدقاء الذين من الممكن أن يتفاعلوا سلباً.
- طريقة تعامل الوالدين مع أسئلة الأطفال حول نظامهم الغذائي وما يشعرون به وعن إذا ما كانوا سيحتاجون للأنسولين أم لا.
- طريقة تعامل الآخرين الذين ليس لديهم معرفة حول مرض السّكري، على سبيل المثال: التّفكير بأنّ تقلّب مستويات السّكر في الدّم ناتجة فقط عن عدم إدارة الأطفال لحالتهم بشكل صحيح.
من الطبيعي للطفل أن يشعر بالحزن والغضب والملل من مرض السّكري في بعض الأحيان، فعلى الأهل إذا كانوا يواجهون صعوبة بالتّعامل مع الطّفل خلال اليوم من المهم طلب المساعدة من فريق الرّعاية الصّحيّة لمرض السّكري أو الأخصائي الاجتماعي أو النّفسي فهم أفضل النّاس لمساعدتهم على ذلك، حيث إنّهم على دراية بمدى صعوبة إدارة السّكري يوماً بعد يوم. (www.betterhealth.vic.gov.au)
- كيف يتم التّكيف مع السّكري:
2-6-1 تقبّل الأمر:
يحتاج الأطفال المصابون بالسّكري وكذلك آباؤهم وأمهاتهم لمساندة معنوية ونفسية بعد تشخيص المرض، وهذا أمر هام لمساعدتهم في التَغلَب على الصّدمة الأولى ومشاعر الغضب والإنّكار الطّبيعيّة الّتي قد يشعرون بها والّتي قد تستمر لبعض الوقت. وبهذا الصّدد نُذكّر الأبوين أنّ تقبّلهما للقدر سيساعد طفلهما أيضاً على تقّبله، ولا يوجد ما يُغيّر هذا القدر لكن بالمساعدة يمكن للطّفل أن يتغلب على هذا المرض وتحقيق ما يتمناه، ونرى بأنّ كل القيود والهموم الّتي كانت شائعة في الماضي بخصوص مرض السّكري أصبحت محدودة وكل ما في الأمر هو التأقلم مع الروتين الجديد.
2-6-2 فهم الحالة:
إنّ المعرفة الجيّدة للأمور هي الوسيلة الأساسيّة للسيطرة عليها، إذاً من الضروري أن يكون الوالدين والأخوات والإخوة مشاركين وعلى دراية بالوضع الجديد وبالأدوار والمسؤوليات الّتي سيلتزمون بها كأسرة. على سبيل المثال: سيتعلم الطّفل إنّه لا داعي لأن يأكل البيتزا كاملة ولكن لا بأس من أكل قطعة أو قطعتين فقط، وستتعلم الأم تقديم الفاكهة والسَلطة وجعلها من الأشياء الرئيسية في الثّلاجة، وأيضاً الحد من شراء الحلويات وأن يكون ذلك مقتصراً على المناسبات فقط. يمكن أيضاً أن يتعلم الإخوة اكتشاف أعراض نقص سكر الدّم عند أخيهم وأنّه يحتاج لوجبة خفيفة، وكذلك المساندة المعنوية يجب أن تكون مستمرة.
2-6-3 ممارسة الرياضة:
سيذكر لاحقاً في العلاج الرياضيّ. (www.elfager.org)
2-7 الآثار النّفسية والاجتماعيَة لمرض السّكري:
الآثار النّفسية والاجتماعيّة لمرض السّكري عند الأطفال يشمل جميع أفراد الأسرة وكذلك المدارس والمجتمع ككل.
وضعت الجمعيّة الدوليّة لمرض السّكري عند الأطفال والمراهقين (ISPAD) المبادئ التّوجيهيّة في عام 2000 لمساعدة العاملين في مجال الصّحّة في إدارة الشباب الذين يعانون من السّكري.
مرض السّكري عند الأطفال الصّغار والأطفال الأكبر سناً والمراهقين يُشكّل تحديات خطيرة من الناحية البدنيّة والعقلية والعاطفية، وتحقيق التوازن بين نقص السّكر في الدّم وارتفاع السّكر في الدم والنمو والتنمية وعوامل الحياة الأخرى ليست سهلة لمقدمي الرعاية الصحية والمرضى أو للعائلات. وبالإضافة إلى ذلك فإنّ الشخصية والأسرة أو الظروف البيئية الموجودة قبل ظهور مرض السّكري قد تساعد على التوازن الدقيق اللازم للحفاظ على التّحكم الجيد بنسبة السّكر في الدم، لذلك هناك حاجة كبيرة وخاصة في وقت التشخيص الأولي لتقييم التاريخ السلوكي والنّفسي والاجتماعي للأطفال المصابين بالسّكري وأسرهم. (www.lifedcan.co.uk)
أهم المشاكل النّفسيّة الّتي قد يمر بها الطّفل السّكري:
الاكتئاب: يمكن أن يمثّل الاكتئاب مشكلة خطيرة لدى الطّفل المصاب بالسّكري، وتشمل أعراض الاكتئاب، مشاعر العجز واليأس، الشعور بالوحدة، والتّعب، وعدم احترام الذّات، والتّهيّج، والتّغيرات في أنماط النّوم أو عادات الأكل. فإذا كان الطّفل يواجه أيّ من هذه الأعراض يجب طلب المساعدة من الطّبيب الّذي قد يحوّلك إلى المستشارين ذوي الخبرة في مساعدة الأطفال الّذين يعانون من مرض السّكري.
الحزن: الكثير من الأطفال المصابين بالسّكر يشعرون بالحزن في بعض الأوقات بسبب خسارتهم للصّحة وخاصّةً عندما يحدث اختلاطات، ولكن مع مرور الوقت وتقديم الدّعم من الأسرة والأصدقاء سوف يكون الطّفل قادراً على تجاوز مشاعر الأسى الّتي حلّت به.
عدم تحقيق السّيطرة الكاملة: واحدة من أصعب الأمور الّتي تواجه الطّفل حتّى لو كان يتّبع الخطّة الموضوعة لإدارة مرض السّكري، لذلك يجب على الأهل ومقدّمي الرّعاية الشّرح للطّفل بأنّه ليس هناك ما يضمن أنّه بهذا النّظام سوف يحقّق السّيطرة على السّكري للأبد.(www.umassmed.edu)
2-8 إدارة مرض السّكري في المنزل:
سيكون على الأهل خلال الأسابيع الأولى الاجتماع مع أخصائي التّغذية وممرضة السّكري المتخصصين الذين من الممكن أن يساعدوا في القضايا العملية كثيراً. إنّ مرض السّكري يمكن أن يسبب الكثير من الإزعاج عند بعض الأسر، فمن المفيد جداً مراجعة الطّبيب النّفسي لمناقشة أي صعوبات قد تنشأ لدى الطّفل من الناحية النّفسية لذا يجب اجراء محادثات حول الوضع كأسرة واحدة والعمل بإدارة المرض بشكل فعال يوماً بعد يوم.
معاملة الوالدين: يجب أن تكون معاملة الأهل للطفل المصاب بمرض السّكري طبيعيّة جداً، إذ أنّ الصّحّة النّفسيّة للطّفل تعتمد نوعاً ما على نوعيّة انفعال الوالدين ومداه وآليّة تربيتهم. وعلى الوالدين تجنّب الخوف الزّائد والإفراط في تدليل الطّفل بحجّة أنّه مريض، لأنّ هذا يخلق لديه نوعاً من التّوتـر النّفسي. بل على العكس يجب أن يكون هناك جوّاً من الودّ والتفاهم بين الأهل والطّفل، فتعامل الأهل وكذلك الفريق المعالج يعتبر من الأركان الأساسيّة للتّحكّم والتّعايش بأمان مع السّكري.(www.kids.jo)
التّعامل مع الطّفل السّكري العنيد: ممّا لا شكّ فيه أنّ التّعامل مع الطّفل العنيد شيء صعب وأحياناً ينفذ صبر الأهل قبل أن ينفذ صبره هو، ولكن هناك بعض الطّرق الفعّالة للتّعامل مع هذا الطّفل العنيد. ولاشكّ بأن التّربية الجيّدة هي أفضل طريقة للتّعامل مع الطّفل العنيد عموماً والطّفل المصاب بالسّكري بشكل خاص ومنعه من التّمادي في هذا العند، ويمكن الاستعانة بالقواعد التّالية:
- الثّبات على المبدأ: إنّ الثّبات على المبدأ عند التّعامل مع الطّفل العنيد هو القاعدة الأولى من قواعد التّربية الصحيّحة، وهذا يعني أن يعرف الوالدان جيّداً ما هو المسموح به لطفلهما وما هو غير المسموح.
- الحزم: يجب على الوالدين أن يكونا حازمين في معاملة الطّفل العنيد، ومن المهم جدّاً تحديد مواعيد الطّعام والاستحمام والنّوم والأشياء الأخرى الّتي تعتبر مهمّة بالنّسبة له.
- وضع حدود للمعاملة والتّصرفات.
- الإقناع.
- التّحفيز.
- التّواصل العاطفي.