من هم المسنين ؟ وماهو الغذاء الصحي المتوازن لهم

تعريف المسنين :

 

لا يمكن تعريف كبار السن من الناحية البيولوجية ابتداء من عمر الخمسين أو الخامسة و الستين أو الخامسة و السبعين عاماً , لأنها عملية فيزيولوجية تبدأ من قبل الولادة و الجنين في بطن أمه و تستمر خلال دورة حياة الإنسان. و بالتالي فيمكن تعريفها على أساس أنها ((الضعف التدريجي  الذي يلم بالوظائف الفيزيوليوجية للجسم المصاحبة لتقدم العمر , مما يزيد احتمالية الفرد للمرض أو الوفاة )) ولكن كيف لنا أن نكون من كبار السن ؟ في الحقيقة يعتمد تعريف كبار السن على من الذي يعرف هذا المصطلح . فبالنسبة للطفل الذي عمره 5 سنوات يعتبر الفرد الذي عمره 15 سنة من كبار السن , بينما الرجل الذي يتمتع بصحة جيدة و عمره 80 سنة يعتبر أن كبار السن هم من بلغوا 90 عاماً .

 

ومع أن تحديد من هو المسن … فيه خلاف و جدل بين العديد من الباحثين إلا أن غالبية المنظمات الصحية و الاجتماعية و السياسية مثل منظمة الصحة العالمية و جامعة الدول العربية … إلخ عرفت سن الستين بداية لمرحلة المسنين كتعريف إجرائي تسهيلاً للتعامل مع هذا المصطلح كون أن كثيراً من الدول تعتبره بداية التقاعد و هو ما يعبر عنه لمن يستحق معاشاً تقاعدياً أو تأميناً اجتماعياً .

 

و عندما يتقدم الفرد بالعمر و يصل إلى مرحلة المسنين , فإن هذه الفئة العمرية لا تمثل مجموعة متجانسة من الأفراد . حيث يوجد اختلاف كبير في نمط الحياة من فرد إلى آخر , فالبعض يعيش بمفرده و البعض الآخر مع الأسرة , أو الأصدقاء أو الأقارب أو بإحدى مؤسسات أو مراكز رعاية أو إيواء المسنين  ,وقد يكون المسن أرمل أو مطلق أو عانس أو متزوج و يعيش الزوج و الزوجة معاً . و البعض لهم أصدقاء أو أقارب و يمارسون بعض الأنشطة و البعض يعيشون في عزلة ووحدة.

 

و تقل في هذه المرحلة مقدرة الجسم على تجديد خلاياه مما يؤدي إلى تغيرات عديدة لخلايا وأنسجة الجسم مثل ظهور اللون الأبيض على الشعر , فقدان ليونة أنسجة الجلد و بطء عملية التمثيل الغذائي و غيرها من التغيرات التي تحدث للجسم . و تتأثر هذه المرحلة بالعوامل الوراثية و البيئية و يقصد بالعوامل البيئية التي يمكن التحكم فيها مثل نمط و سلوك و أسلوب الحياة كتناول الأطعمة و الحركة و النشاط والتعرض للملوثات .

 

 

العمر الزمني و العمر البيولوجي :

 

هناك فرق بين العمر الزمني بالسنوات و العمر البيولوجي و الذي يدل على مدى ظهور أعراض الشيخوخة . فكبار السن من نفس العمر الزمني يبدون مختلفين اختلافاً جوهرياً من حيث أعراض الشيخوخة الظاهرة على كل منهم . لذا يقاس عمر الإنسان بمدى ظهور أعراض الشيخوخة ومن أهمها مدى سلامة الشرايين . و يمكن تصنيف الذين يشكون من أمراض في الشرايين و تتراوح أعمارهم ما بين 40 و 50 عاماً بأنهم ضمن فئة الشيخوخة المبكرة , بينما هؤلاء الذين يتمتعون بشرايين سليمة مع ضغط دم طبيعي و يمارسون الحياة اليومية بصورة طبيعية و نشطة لا يمكن تصنيفهم تحت الشيخوخة بالرغم من أن أعمارهم قد تصل إلى السبعين أو الثمانين . بمعنى آخر أن العمر الزمني بالسنوات ليس من الضروري أن يطابق عمر الإنسان البيولوجي .

 

فالعمر الزمني ليس دائماً مؤشراً على الصحة الجيدة . فقد يكون فرد عمره الزمني 75 عاماً و يتمتع بصحة و نشاط أكثر من فرد عمره الزمني 55 عاماً فقط , و العكس صحيح . وقد نجد أفراداً أعمارهم 70 عاماً و يمارسون ركوب الدراجة و غيرهم على كرسي متحرك و البعض قد يتمتع بالصحة و النشاط و الاستقلالية , في حين يعاني الآخرون من الأمراض المزمنة و التي قد تعوق الحركة و النشاط و تزيد التعرض لسوء التغذية . و مع ذلك فإن عملية الشيخوخة غير معروفة الآلية تماماً . و لكن الذي نعرفه أن عامل الوراثة و البيئة و نمط الحياة و المعيشة التي نقضي بها حياتنا تؤثر على نوعية الحياة خلال دورة الحياة .

 

لذلك تعتبر عملية التقدم في السن عملية فردية إلى درجة كبيرة , حيث تؤثر الحياة , و المعيشة الصحية , و السلوك الغذائي السليم تأثيراً إيجابياً على صحة الفرد و بالتالي تتحسن في نوعية الحياة و قد يصل الفرق بين العمر الزمني و العمر البيولوجي إلى 30 سنة ًذا ما اتبع الفرد منذ الصغر السلوكيات المعيشية و الغذائية الإيجابية التالية :

  • انتظام النوم و كفايته
  • تناول الأطعمة بانتظام و خصوصاً وجبة الإفطار
  • المحافظة علة الوزن المناسب للطول
  • القيام بأنشطة رياضية مناسبة حسب العمر , و الجنس , و الحالة الصحية
  • عدم التدخين سواء كان النرجيلة , أو سجائر , أو سيجار
  • تجنب تعاطي الكحوليات

 

و في البلاد الغنية عندما يبلغ الفرد 60 سنة , فهذا يعني بقاء عدد السنوات للعيش تقدر للرجل ب 20 عاماً , و المرأة ب 24 عاماً . و هناك افتراض سائد أن التغيير في الحياة المعيشية و السلوك الغذائي لا يستحق العناء المبذول في سبيله , و أن المتبقي من العمر لا يجني ثمار هذا التعديل . في حين أن هناك العديد من الملاحظات و التجارب الميدانية التي تظهر أن التعديل في السلوكيات الغذائية و المعيشية تجعل الحياة عند الكبر أكثر صحة و فاعلية و أقل اعتماداً على الآخرين في قضاء حياتهم المعيشية .

 

الغذاء الصحي المتوازن :

 

يشمل الغذاء الصحي المتوازن ثلاثة أساسيات :

  • أن يشتمل الغذاء على المغذيات الأساسية وهي البروتينات , الكربوهيدرات , والدهون , و الفيتامينات , و العناصر المعدنية , و الماء .
  • أن يكون كافياً دون إفراط , أي أن يكون بالكمية اللازمة لاحتياج المسن و ما يبذله من طاقة . بحيث لا يتغلب عنصر غذائي على آخر . وقد أثبتت الدراسات العلمية أن سوء التغذية ينتج عنه مشكلات صحية عديدة , قد يكون بسبب نقص في كمية الغذاء أو أحد عناصره الهامة , و التي تظهر بصورة واضحة في فئة المسنين . أو بسبب الإفراط في استهلاك الطعام و الذي يؤدي إلى السمنة أي البدانة و ما يصاحبها من مشكلات طبية و نفسية و اجتماعية .
  • أن يكون نظيفاً , فالنظافة واجبة في كل شيء في حياة الإنسان , و هي أوجب ما تكون في الغذاء حيث أن كثيراً من الأمراض تنتقل إلى الإنسان عن طريق الطعام الملوث . و يمكن تحقيق هذه الأساسيات بتنويع مصادر الطعام للحصول على جميع المغذيات مع زيادة تناول الخضروات و الفاكهة . كذلك التوازن في تناول الأطعمة الدهنية بحيث لا تزيد الدهون عن 30 % من السعرات الحرارية الكلية , و تعادل الكربوهيدرات ما بين 55-65 % من السعرات الحرارية الكلية . بالإضافة إلى الاعتدال في تناول الأطعمة لتحقيق توازن بين الطاقة المتناولة و الطاقة المبذولة , حيث لا توجد أطعمة جيدة و أطعمة سيئة , بل توجد أنظمة غذائية جيدة و أنظمة غذائية سيئة . أما بالنسبة لسلامة الطعام فيتم من خلال التأكد من عدم ظهور أية علامات أو مؤشرات على فساد الأطعمة سواء المطهوة أو الطازجة أو المعلبة , مع نظافة و سلامة الشخص و المكان و معدات الطهو و التخزين . و المعروف أن الغذاء الصحي المتوازن يقي من الكثير من الأمراض خلال مراحل العمر . و في ما يلي بعض الأمثلة :
  • يساعد تناول الكميات المناسبة من السعرات الحرارية في الوقاية من السمنة و داء السكري ( النوع الثاني ) وما يتبعها من مشكلات صحية مثل أمراض القلب و الأوعية الدموية .
  • تناول الكمية الكافية من الأطعمة الغنية بالمغذيات يقي الإنسان من بعض أنواع العوز الغذائي مثل عوز الحديد , و اليود , و فيتامين C .
  • تنوع الغذاء مع زيادة تناول بعض أنواع الخضروات و الفواكه قد يقي من بعض أنواع السرطان .
  • يساعد تناول كمية كافية من الألياف على تجنب حدوث الإمساك و ما يتبعه من مشكلات صحية , كما قد تقي الكمية الكافية من الألياف من سرطان الكولون .
  • تناول كمية كافية من الكالسيوم خلال مراحل العمر يقي من الإصابة بحالات هشاشة العظام , حيث يحدث الفقد التدريجي لعنصر الكالسيوم من العظام خلال فترة زمنية طويلة قد تمتد نحو عشرين عاماً قبل ظهور الأعراض الإكلينيكية .

 

 

و طبيعي أن ليس هناك ما يضمن عدم الإصابة بالمرض , أما إذا أصيب الفرد بمرض ما , فإن الغذاء السليم يساعد على تجاوز المرض بإذن الله , و يمكن الفرد من الشعور بالسعادة و الرضا قدر الإمكان .

 

Scroll to Top