الخرع بعوز الفيتامين D :
تشير كلمة الخرع (الرخد) كمصطلح إلى قصور في تمعدن العظم الأخذ بالنمو أو النسيج العظماني تشاهد التغيرات الوصفية الباكرة شعاعيا في نهايات العظام الطويلة , كما تتواجد دلائل نقص التمعدن على أجسام العظام , ولذلك فإذا لم يبدأ الشفاء فإن التظاهرات السريرية تظهر بينما يدعى قصور تمعدن العظم الناضج بتلين العظام .
السببيات:
خلال الجزء الأول من هذا القرن كان السبب المسيطر لحدوث الخرع هو العوز للفيتامين D إما بسبب عدم كفاية التعرض للأشعة فوق البنفسجية الموجودة في أشعة الشمس (296-310 نانو متر ,وهي تعبر زجاج النافذة العادي ),أو لنقص الوارد من vit D أو كليهما.
*الخرع بعوز vit D نادر بين الأطفال والرضع في الدول الصناعية بينما يحدث العوز عند الرضع ذو البشرة القاتمة الذين لا يتلقون دعما من vit D أو بين الرضع الذين يتلقون الإرضاع الوالدي من الأمهات الناقصات التعرض لأشعة الشمس .
*يظهر في الدول الصناعية ظروفا إلى جانب عدم كفاية الوقاية بالتغذية بvit D تكون مسؤولة عن معظم الآفات الخرعية المشاهدة وتتضمن هذه الظروف السريرية التي تتدخل في التحول الاستقلابي للفيتامين D وتفعيله.مثل الآفات الكبدية والكلوية أو الآفات التي تعرقل التوازن (الاستتباب) بين الكلس و الفسفور بآليات أخرى .
*هناك شكلان vit D هامان عمليا هما الفيتامين D3,D2 ويتوفر فيتامين D2 أو الكالسيفيرول بشكل إرغوستيرول مشع , و يتوضع بكثرة في زيوت كبد السمك التي مصدرا للفيتامين D الغذائي والعلاجي
أم الفيتامين D3 المتوفر بشكل صنعي فيوجد بشكل طبيعي في جلد الإنسان في مرحلة طليعة فيتامين على شكل 7-ثنائي هيدرو كوليستيرول , و يتفعل بالضوء كيميائيا ليشكل الكولي كالسيفيرول وينتقل إلى الكبد , وفي الكبد يضاف الهيدروكسيل إلى هذه السترولات المشععة لتصبح 25- هيدروكسي كولي كالسيفيرول ,وكذلك يحدث لاحقا في خلايا قشر الكلية تصبح 25,1ثنائي هيدروكسي كولي كالسيفيرول ,وهو يعمل كهرمون ,وتتواجد مستقبلات هذا الهرمون في الكلية والأمعاء والخلايا البانية للعظم وجارات الدرق وخلايا جزر المعثكلة وخلايا في الدماغ و ظهارة الثدي وأماكن أخرى . تتضمن وظائفه المضادة للخرع :تسهيل الامتصاص المعوي للكالسيوم والفسفور وإعادة امتصاص الفسفور في الكلية , و التأثير المباشر على استقلاب المعادن في العظام ( الترسب وإعادة الامتصاص ).
ويلعب هذا الهرمون بالمشاركة مع هرمون جارات الدرق و الكالسيتونين دوراً رئيسياً في استتباب الكلس والفوسفور في سوائل وأنسجة الجسم وقد يحتوي الوارد الغذائي للرضع كميات ضئيلة فقط من الفيتامين D , فحليب البقر لا يحوي إلا 0.1-1 مكغ , بينما تحتوي الخضار و الفواكه و الحبوب كميات لا تذكر منه , ويحوي مح البيض 3-10 مكغ/غ ولذلك فان معظم أنواع حليب البقر المسوقة يضاف إليها 10 مكغ/ كوارت (ربيعة) من الفيتامين D قد تذهب عدة عوامل لعوز vit D إضافة لنقصه في القوت أو نقص تعرض الجلد للأشعة فوق البنفسجية .
إن الخرع أو خلل التنسج المشاشي أكثر ما يتطور في فترة النمو السريع مثل ما يحدث عند الرضع ناقصي وزن الولادة وعند المراهقين ويعد الأطفال السود مؤهبين بشكل أخص للخرع بسبب اصطباغ جلدهم القاتم أو عدم كفاية اختراق أشعة الشمس له . يعتبر الأطفال المصابون باضطرابات الامتصاص مثل الداء الزلاقي أو الإسهال الدهني أو الالتهاب المعثكلي أو الداء الليفي الكيسي عرضه للإصابة بالخرع بسبب نقص امتصاص vit D و الكلس أو كليهما .كما أن المعالجة المضادة للاختلاجات مثل الفينيتوئين أو الفينوباربيتال قد تدخل في استقلاب vit D , ويبدو أن الستروئيدات القشرية السكرية لعمل vit D في نقل الكلس .
المرضيات :
في الخرع يحدث نمو معيب للعظم بسبب تردي أو توقف النمو الطبيعي للغضروف المشاشي و التكلس الطبيعي . وتعتمد هذه التغيرات على وجود عوز في أملاح الكلس و فوسفور المصل اللازمة للتمعدن في المصل .
تفشل الخلايا الغضروفية في إتمام دورتها الطبيعية في التكاثر والتنكس , ويحدث لاحقا قصور في النفوذ الشعري وذلك بشكل لطخي , و تكون النتيجة تشكل خط مشاشي مشرشر غير منظم عند نهاية جسم العظم وإن نقص تمعدن المطرق العظمي والغضروفي في المنطقة المعدة للتكلس , الذي ُيتلى بتوضع نسيج عظامي حديث التشكل ينجم عن منطقة مشرشرة غير منتظمة و عريضة من نسيج غير قاس (الكردوس الخرعي) تصبح هذه المنطقة المسؤولة عن العديد من التشوهات الهيكلية منضغطة و منتفخة و تتبارز جانبياً مما بسبب اتساع نهايتي العظم وظهور السبحة الخرعية . يكون التمعدن ناقصاً أيضاً في العظم تحت السمحاق , ويتم ارتشاف العظم القشري الموجود أصلاً بطريقة طبيعية لكنه يستبدل بنسج عظمانية على كامل جسم العظم , وتفشل هذه النسج بالتمعدن , فإذا استمرت هذه الحدثية يخسر جسم العظم قساوته , ويكون العظم القشري اللين المتخلخل الناتج سهل التشوه بالضغط أو الجهد , مما يؤدي لحدوث التشوهات والكسور .
مخبريا :
- يبلغ تركيز الفوسفور غير العضوي في المصل عند الرضيع الأصحاء 4.5-6.5 ملغ/د.ل في حين ينقص عند الرضع المصابين بالخرع عادة إلى 1.5-3.5 ملغ/د.ل.
- يكون تركيز المصل طبيعيا عادة , ولكنه ينقص كثيراً في ظروف معينة , وقد يتطور التكزز .
* في غياب vit D تمتص كمية أقل من الكلس من الأمعاء وعند انخفاض مستوى الكلس المصلي قليلاً يفرز هرمون جارات الدرق PTH ,مما يؤدي لتحريك الكلس والفسفور من العظام , وبذلك تتم المحافظة على التركيز مصلي للكلس ولكن تحت تأثيرات ثانوية منها:
1) تغيرات الخرع العظمية .
2)انخفاض تركيز الفوسفور المصلي .
3) ارتفاع فوسفاتاز المصل ( وهي دون 200 وحدة دولية /د.ل عند الأصحاء ) ,و
تصبح في الخرع أقل من 500 وحدة دولية /د.ل وعندما يشفى الخرع تعود قيمة
الفوسفاتاز ببطء إلى المدى الطبيعي .
وقد يكون تركيز الفوسفاتاز طبيعي عند الأطفال المصابين بالخرع في حال عوز
البروتين أو الزنك لديهم .
العوامل المؤثرة في استتباب الكلس الفوسفور :
1-الامتصاص المعوي لكلس و فوسفور الغذاء ويحدث الامتصاص الأعظمي للكلس عند الإنسان عندما تكون نسبة الكلس إلى الفوسفور في القوت حوالي النصف أما ازدياد الفوسفات فينقص امتصاص Ca .
2- حموضة المحتويات المعوية تزيد امتصاص Ca.
3- يزداد امتصاص Ca عندما يكون اللاكتوز هو سكر القوت .
4- بينما تنقص العوامل الخالبة مثل إيثيلين ثنائي أمين رباعي حمض الخل أو فيتات الحبوب من امتصاص الكلس وقد ينقص حديد القوت من امتصاص الفوسفات .
5-ارتفاع مستويات حمضي الشمع والنخل في القوت (وهي من الحموض ضعيفة الامتصاص)تنقص من امتصاص Ca .
6-يتعزز امتصاص ca بواسطة 1- 25 ثنائي هيدروكسي كولي كالسيفيرول أو الأشكال الشبيهة من vitD مضاف له الهيدروكسيل . و نادرا ما يؤدي عوز الكلس لوحده إلى القصور في التكلس كما يشاهد في الخرع و تلين العظام , حيث يؤدي على نقص في كمية العظم .
يترافق عوز الفيتامين D أيضا :
- بيلة حموض أمينية شاملة .
- نقص ليمونات (سيترات) العظم مع زيادة طرحها البولي .
- نقص قدرة الكليتين على إنتاج بول حامضي ,مع بيلة فوسفاتية ,ونادرا ما يترافق ببيلة سكرية .
- في الخرع تحدث ضخامة في الغدد جارات الدرق و يزداد مستوى الأدينوزين أحادي الفوسفات الحلقي (AMP) في البول .
التظاهرات السريرية:
يمكن ملاحظة التغيرات العظمية في الخرع سريريا بعد عدة أشهر من عوز vitD وقد يتطور الخرع عند الرضع في حالة الإرضاع الوالدي من أمهات مصابات بتلين العظام خلال شهرين ويظهر الخرع صريحا بما يقارب نهاية السنة الأولى وخلال السنة الثانية من العمر ,بينما تعد تظاهرات الخرع بعوز ال vitD في الطفولة المتأخرة نادرة .
* التابس القحفي:
يعتبر من العلامات الباكرة للخرع , وهو ينجم عن ترقق في الصفيحة الخارجية للجمجمة,ويكشف بالضغط بثبات على القذال أو العظام الجدارية الخلفية حيث يشعر الفاحص بإحساس بالضغط على كرة البينغ بونغ ويعد ظهور التابس القحفي قرب الخطوط الدرزية شكلا طبيعيا . ويعتبر الرضع ناقصي وزن الولادة مؤهبين بشكل خاص لتطور باكر للخرع و التابس القحفي . ومن الدلائل السريرية الباكرة للتغيرات العظمية الضخامة المجسوسة في مناطق الوصل الغضروفي الضلعي (السبحة الخرعية) وتثخن المعصمين والكاحلين .وقد يوجد ازدياد في التعرق خاصة في منطقة الرأس .
الرأس:
قد يختفي التابس القحفي قبل نهاية السنة الأولى من العمر رغم استمرار الحديثة الخرعية
- وقد تسبب ليونة عظام القحف وتسطحه .
- في بعض الأحيان حدوث عدم تناظر دائم فيه .
- يكون اليافوخ الأمامي أكبر من الطبيعي وقد يتأخر إنغلاقه إلى ما بعد السنة الثانية من العمر .
- تكون الأجزاء المركزية من العظام الجدارية و الجبهية متثخنة عادة ,وتشكل بروزات أو حدبات مما يعطي الرأس شكل صندوق (الرأس المربع).
- قد يكون الرأس أكبر من الطبيعي وقد يبقى كذلك طوال العمر .
- قد يتأخر بزوغ الأسنان المؤقتة وقد تكون هنالك آفات في الميناء ونخور شديدة وقد تتأثر الأسنان الدائمة الآخذة بالتكلس أيضا , وتظهر عادة عيوب في ميناء القواطع والأنياب والأرحاء الأولى .
الصدر:
قد تصبح ضخامة منطقة الوصل الغضروفي الضلعي واضحة تماما ,بحيث أن السبحة الضلعية لا تكون مجسوسة فحسب بل مرئية أيضا
تصبح جوانب الصدر مسطحة وتتطور أخاديد طولانية إلى الخلف من السبحة الضلعية يبدو القص مع غضروفه المجاور متبارزا للأمام مما يعطي تشويها يسمى صدر الحمامة ويتطور على طول الحافة السفلية للصدر إنهدام أفقي هو أخدود هاريسون وهو يتوافق مع الارتكازات الضلعية للحجاب الحاجز وقد يكون هناك عدد متنوع من التشوهات الصدرية الأخرى ومنها ما يصيب الحزام الكتفي
العمود الفقري :
من الشائع وجود درجات بسيطة إلى متوسطة من التقوس الجانبي(الجنف).
ومن الشائع حدوث حداب في المنطقة الظهرية القطنية للأطفال المصابين بالخرع عند الجلوس وقد يشاهد القعس في المنطقة القطنية عندهم في وضعية الانتصاب .
الحوض:
يكون الحوض متأخر النمو .
يكون مدخل الحوض متضيقا بتقدم أمامي للطنف أو الشامخة العجزية ,وكذلك المخرج يتضيق بانزياح أمامي للقسم الذيلي من العجز والعصعص .
الأطراف :
عندما تستمر الحديثة الخرعية يصبح التضخم المشاشي للمعصمين الكاحلين أكثر قابلية للملاحظة يمكن رؤية المشاش المتضخم أو جسه لكنه لا يكون مميزا في الصور الشعاعية لأنه يتكون من غضروف ونسيج غير متكلس .
انحناء أجسام عظام الفخد والظنبوب والشظية للفحج أوالروح في الركبتين وقد يكتسب الفخد والظنبوب أيضا إنحناء أماميا ويكون الورك الأفحج نتيجة للخرع أحيانا تحدث كسور الغصن النضير في العظام الطويلة أيضا تؤدي تشوهات العمود الفقري والحوض والطرفين السفليين إلى قصر القامة و القزامة الخرعية .
الأربطة :
تساعد رخاوة الأربطة على ظهور التشوهات ,وتعد سببا هاما يساهم في حدوث :الركبة ,ضعف الكاحلين ,و الحداب و الجنف.
العضلات :
تكون العضلات ناقصة التطور وتفتقد المقوية ,وكنتيجة لذلك يتأخر الوقوف والمشي عند الأطفال المصابين بخرع متوسط الشدة ويعزى وجود تبارز بالبطن إلى مدى كبير إلى ضعف عضلات جدار البطن وقد يساهم فيه ضعف جدار المعدة والأمعاء .
التشخيص:
- قصة وارد غير كاف من الفيتامين D وعلى الملاحظات السريرية ويتم التأكد منه كيميائيا و شعاعيا .
- قد يكون مستوى كلس المصل طبيعي أو منخفض .
- يكون مستوى فوسفور المصل أصغر من4ملغ /د.ل .
- يكون مستوى الفوسفاتاز القلوية بالمصل مرتفعا .
- يرتفع مستوى AMP الحلقي في البول .
- ينقص مستوى 25- هيدروكسي كولي كالسيفيرول في المصل .
المضاعفات:
- تعد الأخماج التنفسية كالتهاب القصبات وذات القصبات والرئة شائعة عند الرضع المصابين بالخرع ويعد الإنخماص الرئوي كثير الترافق مع التشوهات الشديدة في الصدر
- فقر دم بعوز الحديد أو مرافقا للأخماج في سياق الخرع الشديد .
الإنذار:
*إذا أعطي الفيتامين D بكميات كافية يحدث الشفاء خلال عدة أيام ويتقدم ببطء حتى يستعيد العظم بنيته الطبيعية.
*وفي كثير من الحالات لا يزول التضخم المشاش في العظام الطويلة بما فيها الأضلاع ولا تزول تشوهات القحف إلا بعد أشهر أو سنوات من المعالجة ,وحتى الانحناء الشديد في الطرفين السفليين قد يزول خلال عدة سنوات دون الحاجة للجراحة العظمية .
*في الحالات المتقدمة تحدث تشوهات عظمية شديدة تكون دائمة مثل:
- تقوس الساقين (الفحج) أو الروح .
- تقوس الذراعين العلويين .
- تشوهات الصدر و العمود الفقري .
- الحوض الخرعي.
- الورك الأفحج .
- القزامة.
*لا يعد الخرع بحد ذاته داء مميتا لكن المضاعفات و الأخماج المعاودة كذات الرئة والتدرن و التهاب الأمعاء تزيد من نسبة الوفيات عند الأطفال المصابين بالخرع أكثر من الأطفال الطبيعيين .
المعالجة :
يعد الضوء الطبيعي والصناعي فعالان علاجيا ,ولكن يفضل الإعطاء الفموي للفيتامين D ,والجرعة اليومية 50-150 مكغ من الفيتامين D3 (2000-6000وحدة دولية )أو 0.5-2مكغ من 1-25 ثنائي هيدروكسي كولي كالسيفيرول سوف تحقق شفاء واضحا على الصور الشعاعية خلال 2-4 أسابيع إلا في الحالات غير الاعتيادية من الخرع المقاوم للفيتامين D .
وقد يكون مفضلا إعطاء جرعة علاجية وحيدة من الفيتامين D مقدارها 15000 مكغ (600000 وحدة دولية )دون الحاجة لمعالجة مديدة لعدة أشهر ,ويتلو ذلك شفاء أسرع وبالتالي يساهم في تشخيص تفريقي أكبر يميزه عن الخرع الوراثي المقاوم للفيتامين D ومع اعتماد أقل على الوالدين لإعطاء الفيتامين للطفل يوميا .
إن لم يحدث شفاء فقد يكون الخرع المقاوم للفيتامين D .
وبعد تمام الشفاء يجب تخفيض جرعة الفيتامين D إلى 10 مكغ يوميا .
الوقاية :
يمكن الخرع بتعريض الطفل للأشعة فوق البنفسجية أو بالإعطاء الفموي للفيتامين D ,قد يكون ضوء الشمس كعامل وقائي فعالا في المناطق المعتدلة ولكن خلال أشهر الصيف فقط وفي المناطق خالية الغيوم.
تبلغ الحاجة اليومية من الفيتامين D 10مكغ أو 400 وحدة دولية .
إن معظم أنواع الحليب الكامل المتوفرة في المناطق المتمدنة والحليب المبخر مدعمة بركائز للفيتامين D بحيث تحتوي ربعية الحليب الكامل الطازج أو علبة الحليب المبخر على هذه الكمية .
ويجب أن يتلقى الرضع الخدج وأطفال الإرضاع الوالدي من أمهات غير معرضات لضوء الشمس بشكل كافي دعما يوميا إضافيا من الفيتامين D .