التعريف :
هى مجموعة من الأعراض المرضية الحقيقية التى لا يمكن تفسيرها بمرض محدد بعد عمل الفحوصات المناسبة وقد تحدث هذه الأعراض أو تزداد مع القلق والأكتئاب النفسى وقد تكون هذه الأعراض مدركة من المريض أو غير مدركة وقد تحدث كوسيلة لجذب الأنتباه لذلك لم يتم تصنيف هذا المرض حتى الآن كونه مرض نفسى أو عضوى.
معدل الأنتشار:
الجسدنة مشكلة منتشرة ولكن وجد فى بعض الدراسات أن الجسدنة تزداد حدوثها فى وجود بعض العوامل مثل :
• الإناث.
• إنخفاض مستوى التعليم .
• إنخفاض اللياقة البدنية.
• إنخفاض مستوى المعيشة.
الأسباب:
♦ أثبتت بعض الدراسات أن الجسدنة تظهر فى العائلات نتيجة عوامل جينية أو عوامل بيئية أو كلاهما معاً .
♦ قد تحدث الجسدنة فى الأطفال الذين تعرضوا لأعتداء جنسى وفى النساء الذين تعرضوا لعنف جسدى او جنسى.
♦ وسيلة للتعبير عن الالآم النفسية حينما يصعب التعبير عنها بالكلام خاصة حينما يتم التعامل مع استشارة الطبيب النفسى كوصمة عار.
♦ وجود شخص مريض فى العائلة أثناء فترة الطفولة.
الأعراض:
هى مجموعة كبيرة من الأعراض التى تختلف من فرد لآخر ولكن قد تظهر فى صورة أياً من الآتى:
♦ الآم متمثلة فى صداع مزمن ، الآم بالظهر، الآم بالعظام ، الآم متفرقة يصعب تحديد أماكنها.
♦ أعراض بالجهاز الهضمى تتمثل فى ميل للقيئ، قيئ، الآم بالبطن، أسهال، أنتفاخ، صعوبة بالبلع.
♦ أعراض بالجهاز التنفسى والقلب وتتمثل فى الآم بالصدر ،صعوبة بالتنفس، أزدياد ضربات القلب.
♦ أعراض بالجهاز العصبى تتمثل فى تشنجات غير حقيقية، النسيان، زغللة بالرؤية.
وغالباً ما تكون هذه الأعراض غير متوافقة مع عدم وجود نتائج إيجابية فى الفحص الأكلينيكى.
كثيرا ما يشكوا الناس من هذه الأعراض دون أن يستشيروا الطبيب. و تسبب هذه الأعراض القلق عندما تتسبب فى الإستشارة الطبية المتكررة لقلق الشخص الذى يعانى منها من الإصابة بأحد الأمراض. و تتراوح هذه الأعراض من أعراض بسيطة قصيرة المدى إلى أعراض مزمنة أكثر شدة و التى قد تؤثر على الحالة الجسدية و النفسية للمريض.
♦ و تمثل نسبة المرضى الذين يشتكون من هذه الأعراض نسبة ليست بالقليلة من المرضى الذين يسعون للإستشارة الطبية. و غالبية هؤلاء المرضى يعانون من أعراض بسيطة و عادة يكفى أخذ التاريخ المرضى و الفحص الإكلينيكى لإستثناء وجود سبب عضوى لهذه الأعراض. و يجب تجنب الإفراط بطلب الفحوصات الطبية لمثل هذه الأعراض لاسيما الأعراض قصيرة المدى و التى تقل مدتها عن اسبوعين حيث أن الأعراض قليلة الأمد قد تعذى إلى الإجهاد و الإرهاق و تتحسن مع الراحة.
♦ أما فى النسبة الضئيلة من هؤلاء المرضى الذين يعانون من أعراض أكثر شدة و مزمنة و الذين غالبا ما يعانون من أمراض محددة كإرتفاع ضغط الدم و البول السكري , فإنه قد يصعب على الطبيب تحديد مدى نسبة ما يشكو منه المريض من أعراض و بين وجود مرض معين. و فى هذه الحالة يجب على الطبيب الإستعانة بالفحوصات التشخيصية لإستثناء وجود سبب عضوى لهذه الأعراض و مع إستثناء سبب عضوى يبدأ الطبيب فى علاج هذه الأعراض كما سيتضح.
♦ و تتنوع هذه الأعراض و لكن أكثرها شيوعا الشعور بالألم. و قد تصاحب هذه الأعراض خلل نفسي.
و يتم تقسيم هذه الأعراض بناءا على أكثر أجهزة الجسم تأثرا كما فى حالات القولون العصبى أو متلازمة القولون المتهيج (Irritable Bowel Syndrome)و ألم الصدر و متلازمة آلام العضلات و الأنسجة الليفية(Fibromyalgia).
♦ و تعتبر التسمية (Medically Unexplained Symptoms) أدق من التسمية الأخرى (Somatization/Somatoform Disorders) حيث أن التسمية الأولى تشمل الأعراض المختلفة الشدة و تتضمن وجود سبب عضوى لم يتم إكتشافه أوسبب نفسى لهذه الأعراض
التشخيص:
أولاً: التاريخ المرضى.
ثانياً: الفحص الأكلينيكى.
ثالثاً: الفحوصات التشخيصية المتعلقة بشكوى المريض.
رابعاً: فى بعض الأحيان قد يحتاج الطبيب المعالج إلى عرض المريض على أخصائى الأمراض النفسية لتحديد الحالة الصحية النفسية للمريض.
العلاج:
نظراً لأن ليس هناك مرض محدد هو السبب لهذه الأعراض وإنما هى علاقة غير مفهومة حتى الآن بين الأعراض والحالة النفسية للمريض فإن العلاج يعتمد فى الأساس على تفهم المريض بأنه لا يعانى من مرض مميت أو مرض مزمن وإنما هى أعراض حقيقية متعلقة بالأكثر بالحالة النفسية للمريض لذلك قد يستلزم الأمر العلاج النفسى فى بعض الأحيان.
يهدف علاج هذه الأعراض إلى طمأنة المريض لعدم وجود مرض خطير ثم وصف العقاقير المناسبة التى تعمل على تحسين ما يشكو منه المريض من أعراض.
••• الخطة العلاجية:
♦ يهدف هذا العلاج إلى تحسين الأعراض و أداء المريض لأعماله اليومية و كذلك أدائه لعمله أو أدائه الدراسى و كذلك تحسين علاقاته بغيره من الأشخاص.
♦ تشمل خطة العلاج العديد من المحاور و قد يتعاون الطبيب مقدم الرعاية الصحية الأولية مع أخصائى العلاج الطبيعى و مقدم الخدمات الإجتماعية و الأطباء المتخصصين مثل الطبيب النفسى و طبيب علاج الألم من أجل علاج الأعراض.
و يجب على الطبيب أثناء علاج هذه الأعراض جعل المريض المحور الأساسى فى الخطة العلاجية. و كذلك يجب على الطبيب الإنصات لشكوى المريض و إحترام ما يعانى به من الشعور بالحزن أو الإكتئاب أو القلق أو الغضب و التى عادة ما تصيب هؤلاء المرضى فهذا يساعد على بناء علاقة وطيدة بين الطبيب و المريض و أيضا يدعم المريض. و يجب على الطبيب توجيه العلاج لكل شخصية على حده. و يجب إشراك المريض فى الخطة العلاجية بطريقة إيجابية مع مناقشة أية قيود أو سلبيات يمكن أن تواجه المريض أثناء العلاج.
••• العلاج السلوكى المعرفى ( (Cognitive Behavioral Therapy:لقد تم ملاحظة أن هذا النوع من العلاج ذو تأثير قليل المدى و لكن قد يعذى ذلك إلى أن المريض يتلقى هذا النوع من العلاج لفترة قصيرة تتراوح من 6-8 أسابيع على يد طبيب متخصص كما فى عيادات الألم و عيادات البيئة , و على الرغم من ذلك وجد أن ما يقرب من نصف المرضى قد يستمر تحسنهم على هذا النوع من العلاج لسنوات رغم إيقافه.
♦ و يهدف هذا النوع من العلاج إلى تغيير طريقة التفكيير و تصرفات المريض الغير سليمة بأخري صحية.
♦ و يجب أثناء هذا النوع من العلاج معرفة ما هية طبيعة المشكلة التى يشعر بها المريض و كيفية تفسيره لوجودها وو ما هى الحلول المتاحة من وجهة نظره حيث أن هذا النوع من العلاج يهدف لتصحيح معتقدات المريض عن مرضه (Cognitive Reattribution or Reorientation) و بالتالى التصرفات التى تنطبق على هذه المعتقدات.
♦ و يجب على الطبيب أثناء تلقى المريض هذا النوع من العلاج أن يتفهم إقتناع المريض بأن ما يشعر به من أعراض تعنى وجود مرض و الذى لابد من تشخيصه و علاجه. فعلى الطبيب تفهم ذلك الأمر و أن يتعامل على أساسه دون أن يلوم المريض على هذه المعتقدات.
♦ و يعتمد هذا النوع من العلاج على إنشاء علاقة وطيدة بين مقدم هذا النوع من العلاج و المريض فبناء على هذه العلاقة يثق المريض فيما يقوله الطبيب. و يجب على الطبيب أولا أن يبين للمريض أن ما يعانى منه أعراض جسدية حقيقية و ليست أوهام و أن لها أساس فى علم الطب ثم يقوم الطبيب بطمأنه المريض لعدم وجود أى مرض خطير لاسيما المرض الذى يعتقد المريض بوجوده , و التى غالبا ما تكون الأمراض السرطانية أو الإيدز , ثم يشرح الطبيب للمريض عدم إحتياجه لأى فحوصات غير ضرورية ثم ينسب الطبيب أعراض المريض لسبب معين مثلا نسب آلام العضلات المزمنة إلى الإجهاد العضلى المزمن و الآلام المزمن العامة بالجسم إلى متلازمة آلام العضلات و النسيج الليفى و التى تنتج عن تغير مستوى المواد الكيميائية بالمخ و ألم و تقلصات البطن و الطبيعة الممسكة أو المسهلة للقولون العصبى. ثم يقوم الطبيب بطمأنة المريض إلى وجود علاج لهذه الأعراض و أنه سوف يقوم بمتابعة المريض بصورة دورية.
♦ و بالنسبة لأعراض الإكتئاب و القلق و التوتر فلابد من أن يبين الطبيب للمريض أنه غير مريض نفسيا و أن وجود هذه الأعراض مع ما يشعر به من ألم مزمن قد يحدث فى أى شخص.
♦ و يجب على الطبيب أن يشرح للمريض أن ما يتعاطاه من حبوب منومة أو مهدئات أو مخدرات أفيونية قد تضره أكثر ما تفيده لاسيما مع عدم علاج الجوانب الأخري لأعراضه.
♦ و على الطبيب أن يبين للمريض أنه غالبا لا يوجد علاج قطعى لهذه الأعراض و لكنه عليه الإلتزام بالعلاج و الذى قد يحسن من هذه الأعراض إن لم يجعلها تتلاشى تماما.
♦ و على الطبيب أن يشرح للمريض محاور خطته العلاجية و ما تشمله من عقاقير و سحب الادوية التى يتعاطها المريض دون فائدة و ما ينصح به المريض من تمارين رياضية و أن يحصل من الطبيب على موافقة المريض على الإلتزام بهذه الخطة لأنه عنصر أساسى فى نجاح هذه الخطة و أن يجعل الطبيب من المريض عنصر إيجابى فى هذه الخطة.
••• علاج الأعراض النفسية:
غالبا ما يعانى الأشخاص الذين يشكون من آلام مزمنة من أعراض الإكتئاب أو القلق أو التوتر. لذلك يجب على الطبيب علاج هذه الأعراض التى قد تنتج عن الألم المزمن أو تتسبب هى نفسها فى الشعور بالألم المزمن بالجسم فقد تكون هذه الأعراض سبب أو نتيجة للخلل النفسى. و يشمل علاج هذه الاعراض:
♦ مضادات الإكتئاب: و قد وجد أن هذه العقاقير تفيد معظم هؤلاء المرضى حتى الذين لا يعانون من الإكتئاب و فى حالة عدم الإستجابة لأحد هذه العقاقير و بعد إستثناء عدم الإلتزام بالعلاج كسبب لعدم الإستجابة و مراجعة التشخيص يمكن للطبيب زيادة الجرعة أو إستبدال الدواء بآخر أو الجمع بين هذا الدواء و آخر.
♦ علاج القلق و نوبات الذعر و التى عادة ما تصاحب الإكتئاب.
♦ إيقاف الأدوية الاخرى التى قد تزيد الإكتئاب و الألم عند المريض و من الممكن أن تتسبب فى الإدمان. مع طمأنة المريض بأن ما يتعاطاه من عقاقير لن يتم سحبها إلا بعد أن يبدأ مفعول العقاقير الأخرى و أنه سوف يتم سحب هذا العقار تدريجيا حتى إيقافه تماما. و قد يستعين مقدم خدمات الرعاية الصحية الأولية بطبيب متخصص فى علاج الإدمان إذا إستلزم الأمر. و فى الحالات التى يصعب فيها إيقاف العقار تماما يتم تقليل الجرعة قدر الإمكان. و على المريض الإلتزام بالحصول على ما يحتاجه من عقاقير من مكان واحد للتأكد من إلتزامه بالإقلال من العقار المطلوب.
••• علاج الأعراض الجسمانية:
قد يفيد مرضى القولون العصبى إعطاء الأدوية المثنبطة للجهاز الجارسيمبثاوى (Parasympatholytics)و كذلك مضادات الإلتهاب الغير إسيترويدية (Non Steroidal Anti-inflammatory Drugs)و المسكنات الغير إفيونية مثل الأسيتامينوفين فى حالات الإجهاد العضلى المزمن و مضادات الإكتئاب فى حالات متلازمة آلام العضلات و الأنسجة الليفية.
••• التمارين الرياضية و تغيير نمط الحياة:
عادة ما يستفيد هؤلاء المرضى من أداء بعض التمارين مثل تمارين الإسترخاء و غيرها و كذلك العلاج الطبيعى فهذا يساعد على تحسين الألم و كذلك حالة الجهاز الحركى الذى غالبا ما يتأثر بقلة نشاط المريض بسبب قلة الحركة المصاحب لألم الجسم المزمن. و يجب وصف التمارين الملائمة لكل مريض على حدة كل حسب حالته.
••• العادات الغذائية:
غالبا ما يفيد إنقاص وزن الجسم فى المرضى الذين يعانون من السمنة فهذا يساعد على ممارسة التمارين الرياضية بكفاءة.
••• كتابة المذكرات:
فى المرضى الشديدى القلق بخصوص عدم تحسن الأعراض مع العلاج أو بخصوص وجود مرض يمكنهم تسجيل أى تغير بما يشعرون به من أعراض أو أية افكار أو تأثير معين لما يمارسونه من تمارين لمناقشتها مع الطبيب أثناء المتابعة الدورية و لملاحظة مدى الإستجابة للعلاج.
••• دور عائلة المريض:
يساعد نجاح الخطة العلاجية الإستعانة ببعض أفراد عائلة المريض لتدعيم المريض و مساعدته على الإلتزام بالخطة العلاجية.
علاج ما يصاحب أعراض المريض من أمراض عضوية معروفة.
••• على الطبيب التأكد من ثبات الأعراض أو تحسنها مع الوقت حيث أنه قد تتطور الأعراض مع الوقت بحيث تشير إلى وجود سبب عضوى يتطلب إجراء بعض الفحوصات لإثباته.
••• توصف الخطة العلاجية لكل مريض على حدة فمثلا فى المرضى الذين يعانون من ضعف شديد بالعضلات بسبب قلة الحركة عادة ما يهدف العلاج أولا إلى تحسين حالة العضلات عن طريق التمارين الرياضية أما فى حالة إذا ما كان الإكتئاب هو أهم ما يعانى منه المريض فيهدف العلاج أولا إلى علاج الإكتئاب. و على الطبيب أن لا يحمل المريض فوق طاقته.
••• مع تحسن الأعراض تتباعد مواعيد زيارة الطبيب. و قد تفيد أو تغنى المكالمات الهاتفية عن زيارة الطبيب.
••• قد يحتاج مقدم خدمات الرعاية الصحية الأولية إلى إستشارة أطباء متخصصين مثل الأطباء النفسيين و أطباء الصحة العقلية لاسيما فى الحالات الآتيه:
♦ عند وجود أفكار إنتحارية أو أفكار لإيذاء الآخرين لدى المريض.
♦ عندما تؤثر هذه الأعراض على تصرفات المريض.
♦ وجود أعراض الإضطراب العقلى عند المريض.
♦ عدم تحسن الإكتئاب أو القلق مع العلاج.
♦ عدم قدرة الطبيب على جعل المريض مشاركا إيجابيا فى الخطة العلاجية.
♦ عند طلب المريض إستشارة أحد المتخصصين.
♦ عند إكتشاف الطبيب أحد الدواعى لإستشارة طبيب متخصص.